الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظام الأسد يقصف المدن برعاية دولية

عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)

2014 / 9 / 7
مواضيع وابحاث سياسية



يبدو ان الولايات المتحدة، تترك جانباً كبيراً من مهمة التحالف الدولي، لكي يواصل النظام السوري ضرب المناطق السورية، بتغطية دولية باسم محاربة الارهاب هذه المرّة. في اليوم التالي لانتهاء اجتماع حلف الاطلسي، شن نظام الأسد غارات جوية على الرقة، طالت الأحياء السكنية فقط، و نتج عنها مقتل اكثر من 60 مدنياً، وعشرات الجرحى ودمار كبير، ولم يتم استهداف أي مقر او مجموعة للدولة الإسلامية على الإطلاق.
تمكنت الولايات المتحدة من انشاء التحالف الدولي بشأن داعش والنصرة، واسناد المهام التي يتم الاتفاق عليها، الى حلف شمال الاطلسي، الذي سيكون الذراع العسكرية لعمليات التحالف في كل من العراق وسوريا، ويبدو هذا التطور طبيعياً في سياق المعطيات السياسية العامة التي اقرتها واشنطن مؤخراً بشان عدم التدخل العسكري الأمريكي المباشر، في مناطق النزاعات والصراعات عبر العالم.
سيقوم التحالف – إذن – بمهام ضرب داعش، حيثما وجدت، في سورية والعراق، بمشاركة معظم الدول الأعضاء، بما فيها تركيا، اضافة الى انشاء قوة التدخل السريع في شرق اوروبا، بهدف تحصين الاتحاد الأوروبي من اختراق محتمل للجماعات الارهابية، وبناء قواعد خلفية داعمة لعمليات الحلف في الجزيرة الفراتية، إضافة لقواعد الناتو في كل من تركيا، قبرص واليونان.
ولا شك في أن الاقتتال الداخلي بين الفصائل والقوى العسكرية المختلفة في المناطق " المحررة " علامة فارقة في صناعة انعطافة جديدة في عمر الحال السورية، في ضوء تسارع نشط للادارة الأميركية لوضع استراتيجية المرحلة المقبلة للتعامل مع تنظيمي النصرة وداعش في سوريا، مسبوقة بتحرك محموم لإثبات الوجود والقدرة على الأرض بين الفصائل المسلحة السورية، التي بدأت تقدم نفسها كقوى معتدلة، ما يمكنها من الانخراط في مواجهة محتملة في سوريا، كذراع ضارب، يحقق لها فرض وجودها، من ناحية، و الحصول على اعترافٍ ودعم غربي- اميركي بصورة خاصة، من جهة ثانية.
لقد عادت الولايات المتحدة على لسان جون كيري وزير الخارجية، للإعلان مجدداً عن دعمها لما أسمته " القوى المعتدلة في المعارضة السورية "، وذلك في مستهل تحرك أميركي لبناء تحالف دولي جديد لمحاربة داعش وجبهة النصرة. ولم تتوقف واشنطن عن بثّ التصريحات التي توحي بسعيها للقيام بعمل ما ضد داعش، ومع مرور الوقت لم يتضح أي مسعى تريد واشنطن القيام به. من هذا القبيل قولها القيام بإعداد " مجموعة من الخيارات لتدمير داعش، بما في ذلك داخل سوريا ".
في غضون ذلك يتم توجيه رسالة جديدة لواشنطن، عبر قتل الصحفي الامريكي الثاني " ستيفن سوتيلوف " تترافق مع اجتماعت حلف شمال الأطلسي، الذي قرر جملة من الاجراءات لمواجهة داعش والنصرة. دون أن يكون هناك أي تنسيق مع المعارضة السورية، بل على العكس من ذلك تم اقصاؤها من أية تحضيرات أو لقاءات تختص بانشاء الخطط والبرامج المتصلة بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم إضافة لبدء اتصالات للقوى الغربية، مع النظام السوري في هذا الشأن تتحدث بعض المعلومات أنه يجري عبر دولة ثالثة، قد تكون ايران أو روسيا. لكن دلائل أخرى سابقة، تشير الى عودة التعاون الأمني بين واشنطن ودمشق منذ 3-5 أشهر، ولكن في مستويات متدنية جدا.
يستند استبعاد المعارضة السورية، الى فهم طبيعة وواقع مؤسسات المعارضة" الائتلاف والحكومة المؤقتة والأركان " من قبل الحكومة الأمريكية وحلفائها الغربيين، التي تتلخص بعدم قدرتها على القيام بأي مسؤوليات او مهام، في سياق محاربة قوى التطرف، وعجزها عن إدارة المناطق الغير خاضعة لسلطة النظام، ما ادى الى نشوء فراغ ملأته القوى الإسلامية المسلحة، المتطرفة لاحقاً. يضاف الى ذلك فقدانها( مؤسسات المعارضة) قدرتها في التأثير على الأرض، وأن صناعة القرار في الداخل السوري لايمر عبرها، وليست شريكة في اتخاذه.
لم تكشف واشنطن أو الناتو والتحالف الجديد، عن أية خطط او ملامح لاستراتيجياتها، في تفكيك قوى القاعدة الجديدة ( النصرة – داعش )، لكن من الواضح أنها تتجه لتوجيه ضربات جوية محدودة، على مدى طويل، داخل الاراضي العراقية بشكل اساسي، ولم ترد في ما أعلنه الناتو أية إشارة واضحة ومباشرة تتصل بسورية.
من الجلّي أن أدوراً فاعلة للاطراف الإقليمية في المنطقة، ستبرز من خلال الجهود المشتركة للتحالف، وفقاً لتعاون متكامل، لا نعتقد أن اسرائيل بعيدة عن المشاركة فيه، ولكن في اطار التعاون اللوجستي والمعلوماتي، الذي تمتلك اسرائيل مقدرة فعّالة فيه، خاصة فيما يتصل بالمراقبة ومصادر المعلومات عن تحرك وتمركز وعمليات النصرة في جنوب سوريا. ولكن ليس ثمة مايمنع مشاركتها بأي غارة جوية، على اهداف محددة، إذا تطلبت مصالح التحالف ذلك.
من المحتمل أن تكون الرقة، مسرح عمليات التحالف الدولي – والنظام السوري جزء منه – خلال الفترة المقبلة، إضافة للمنطقة الممتدة من ريف إدلب حتى الرمادي والموصل، وصولاً الى أطراف بغداد. من هنا ينبغي الاشارة الى:
- أن قوى داعش لم تعد تتمركز عسكرياً في مجمّعات ومناطق محددة، فقد توسعت في انتشار خلاياها ومجموعاتها داخل المناطق المدنية – السكنية.
- أي عمليات عسكرية سوف تخلّف ضحايا كثر، ودماراً واسعاً في أوساط الاحياء السكانية وفي وسط المناطق المدنية.
- أن أية عمليات عسكرية لن تكون ناجعة في حقيقة الأمر، لعمل جراحي يجتثّ بموجبه التنظيمات الإرهابية في المنطقة، ويجب أن تكون استراتيجية التحالف مبنية على إزالة أسباب نشوء التنظيمات الارهابية في سورية والعراق،وهما نظام الأسد وطهران، بشكل رئيس. لكن وجود النظام السوري في التحالف هو بمثابة الفرصة – الجائزة لإعادة تأهيل نفسه. ومن هنا يمكننا فهم الحديث عن المخاوف من استيلاء داعش والنصرة على اسلحة كيمياوية، واستخدامها. وهذا في الواقع يشير ألى مسألتين هما ان النظام قد أبقى فعليّاً بمعرفة المجتمع الدولي جزءاً من ترسانته الكيمياوية، وأن الأسد اليوم يمتلك ورقة هامة يقايض بها الغرب، بعدم المساس بالنظام مقابل عدم تسريبها الى التنظيمات الإرهابية، وبالتالي تهديد الغرب ذاته.
- ان محاربة الأرهاب ليست ممكنة عبر العمل العسكري، وفي الواقع امامنا تجربتان مهمتان هما أفغانستان والعراق. فشلت الولايات المتحدة والتحالف الغربي، في سحقها، بل أن الحرب الأميركية على الأرهاب قادت الى تمدد القاعدة وانتشارها، واليوم فإن العمليلت العسكرية ضد داعش والنصرة، في سوريا بشكل خاص، سوف يقود الى توسيع قاعدة الانضمام اليها، على رغم عدم وجود حاضنة اجتماعية لها في الشمال السوري، لكن التحديات تجعل تنامي مبايعتها امراً ممكناً، إذا لم تكن هناك جدية، في تجفيف منابع الارهاب وخطوط إمداده وتمويله، والتي كان النظام السوري، بالاشتراك مع المالكي وإيران اطرافاً أساسية فيه.
إن الدعم السياسي الدولي للمعارضة السورية، بهدف تغيير النظام السوري، وأطلاق عملية تسوية سياسية حقيقية، هي التي يمكن ان تقود بشكل فعّال إلى تحجيم دور وفاعلية داعش والنصرة وتفكيكهما. وبغير ذلك فإن الوضع في المنطقة آخذ لمزيد من القتل والفوضى، والعمليات العسكرية في الشمال السوري، سوف تطيل أمد النزاعات والصراعات لعشر سنوات قادمة مع ازدياد في وتيرة ارتكاب المجازر في المنطقة من طرف النظام السوري، وتنظيمي داعش والنصرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا