الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف تصور أبو منحوس العربي، أنه إنتصر على العم سام الأمريكي

محمد جلو

2014 / 9 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


مسكين أبو منحوس العربي..

هل سمعت ببائع العظام أبي منحوس العربي؟
الذي قرر أن يتوقف عن بيع عظامه إلى مربي الكلاب العم سام الأمريكي؟
و بدلا من أن يشتري العم سام عظاما لكلابه من أي بائع عظام آخر..
قرر اللئيم أن يجيع كلابه.
ثم قال لكلابه أن سبب جوعهم، هو رفض أبي منحوس العربي أن يبيعه عظاما.
و منذ ذلك الوقت، إبتدأت الكلاب بالمطالبة بالإنقضاض على أبي منحوس، و عضه و نهشه بسبب أو بلا سبب.
و أبو منحوس مثخن بجراح العض، و بقي يتباهى أنه أجاع الكلاب يوما.

كان هذا ملخصا لأسباب أزمة النفط في أمريكا، عام 1973.
و إليكم التفاصيل التي تحتوي على المزيد من الظرافة...

بعد حرب أوكتوبر 1973، قرر العرب إستعمال النفط كسلاح ضد إسرائيل، و إيقاف تصدير النفط إلى أمريكا، و إلى كل الدول التي ساندت إسرائيل.
وقتها، تعجبت حين سمعت بإختفاء البنزين من محطات وقود الولايات المتحدة، و عدم إختفائه من أية دولة أخرى شملتها عقوبة المقاطعة.
و المضحك، أن محطات وقود إسرائيل لم تتأثر أبدا.
و محطات وقود كندا، البلد المشمول أيضا بمقاطعة العرب، لم يشح فيها البنزين أبدا.
و الأدهى من ذلك، أن الولايات المتحدة، هي دولة المقاطعة الوحيدة التي تنتج كميات كبيرة من النفط، و لها خزين إحتياطي إستراتيجي، كان يكفي أربعة أشهر، حسب ما أتذكر.
و كنت أتساءل، لماذا لا تستورد أمريكا من نايجيريا أو فنزويلا أو إسكتلندا أو النرويج أو حتى الإتحاد السوفييتي.
فعند توقف تصدير النفط العربي إلى أمريكا، هذا سيعني وجود فائض في النفط المعروض للبيع إلى الدول غير المشمولة بالمقاطعة.
لأن توقف العرب عن بيع أمريكا، سيعني أنهم سيبحثون عن أسواق أخرى، ليبيعوا نفطهم.
و عندما يشتري هؤلاء نفطهم من العرب، سيقل شرائهم للنفط من الجهات غير العربية، فتحل أمريكا محلهم، و تنحل مشكلة أمريكا.

عرفت أن الأمر غير معقول، و لكني لم أستطع تفسير السبب وقتها..
ثم نسيته كليا.
و قبل سنوات، تذكرت الأمر..
فأعجبني أن أقوم ببحث لتوضيح الغموض.

تبين لي....
أن سبب إختفاء البنزين من الولايات المتحدة، و عدم إختفائه من كندا أو المكسيك المجاورتين..
هو تسعيرة الدولة الأمريكية لغالون البنزين.

قبل حرب أوكتوبر بفترة، قررت الحكومة الفدرالية الأمريكية تحديد سقف أعلى، لا يجوز لسعر البنزين المباع في أمريكا تجاوزه.
فعلت ذلك لكي تبدو أنها تحمي المستهلك.
وكأي قرار إشتراكي، تلقى هذا القرار تصفيق و تطبيل و تزمير من قبل الناس، بدون التفكير بعدم ضرورته وقتها، و مضرته الشديدة مستقبلا.
و المضحك، هو أن الحكومة الفدرالية حددت سقفا عاليا للسعر، و بقيمة أكبر من السعر السائد للبنزين في ذلك الوقت.
فلذلك، لم تكن هناك مشكلة، لأن الجميع كان يبيع بسعر أقل من هذا السقف، في جميع الأحوال.

قبل حرب أوكتوبر 1973، عندما كان النفط الخام لا زال رخيصا، كان التنافس يجبر الشركات الأمريكية التي تصفي و تكرر النفط، إلى بيع الغالون بالسعر التنافسي، و الذي كان أرخص من التسعيرة.
فما دامت كلفة إنتاج البنزين أقل من التسعيرة، ستستطيع الشركة من الربح، و تستمر بالإنتاج، و لا توجد هناك هناك أية مشكلة.

و لكن، بحد حرب أوكتوبر، تضاعف سعر النفط الخام بسبب القلق السياسي في الشرق الأوسط، و تخفيض الإنتاج من قبل الدول العربية.
و عندما زاد سعر النفط الخام العالمي، إرتفعت كلفة إنتاج غالون البنزين من قبل شركات التكرير الأمريكية، إلى أعلى من التسعيرة الأمريكية للبنزين.
فتوقفت الشركات عن الإنتاج و البيع في أمريكا، لأنها من غير المعقول أن تبيع بخسارة، فتفلس.

شحة البنزين في أمريكا كان بسبب التسعيرة الأمريكية، و ليس إنقطاع النفط عن أمريكا
و لكن الحكومة الأمريكية كانت تَدَّعي في إعلام البيت الأبيض، أن سبب شحة البنزين، هم العرب الأشرار الذين قطعوا النفط عن أمريكا.
و لم يتساءل أي من الشعب الأمريكي و الإعلام و العالم الأغبياء، أين يذهب النفط المنتج في أمريكا، و المخزون الإحتياطي الإستراتيجي للولايات المتحدة.
و لم يتساءل أي من هؤلاء عن سر توفر البنزين في محطات وقود كندا و المكسيك، الذين كان بعضهم يستورد بنزينهم من الولايات المتحدة، و يبيعوه بالسعر الذي يحدده السوق، و ليس الحكومة تسعيرة الحكومة.
فصدق الجميع كلام الحكومة الأمريكية، بأن الذي قطع النفط عنهم، هم العرب.
فزادت شعبية إسرائيل عند الشعب الأمريكي بشدة، منذ ذلك الوقت.

كان الأمريكان يعبرون بسياراتهم إلى كندا والمكسيك، لملئ خزانات وقودهم ببنزين.
و محطات وقود كندا، البلد المشمول أيضا بمقاطعة العرب، لم يشح فيها البنزين أبدا، لعدم وجود تسعيرة بنزين في كندا.
سمحت كندا و المكسيك بإرتفاع سعر البنزين، بدون تدخل من الدولة، كما هو حال تسعيرة الولايات المتحدة.
و إنتعش التهريب من كندا و المكسيك، و إنتعشت السوق السوداء بالبنزين.
و إبتكرت محطات الوقود الأمريكية طرقا معقدة لبيع البنزين بدون الخسارة التي تحصل من التسعيرة، و ذلك ببيعك عشرة غالونات بنزين حسب التسعيرة، إذا وافقتَ على تبديل دهن سيارتك بخمسين دولارا، حتى إن كان الدهن لا يحتاج إلى تبديل.

و فعلا، حالما رخص النفط الخام عالميا، توفر البنزين في أمريكا و إبتدأت شركات الوقود الأمريكية بتكريره و بيعه في أمريكا.
و بصورة سرية بعد ذلك، ألغت الحكومة الأمريكية تسعيرة البنزين، بعد أن أدت غرضها المطلوب.

في النهاية، كل ما حصل هو إرتفاع وقتي لأسعار النفط العالمية، التي إستفاد منه جميع منتجي النفط، و بضمنهم الشركات المنتجة الأمريكية.
أما ما يسمى "بالأزمة" و إختفاء البنزين من محطات الوقود، فلقد حصل في بلد واحد في العالم، و هو الولايات المتحدة فقط. السبب فيه، هو تسعيرة غالون البنزين التي رفضت الحكومة إلغائه ليتماشى مع السعر الجديد للنفط، إلا بعد أن عانى شعبها، متهما العرب

و لا زال الكثير من أغبياء العرب يتباهون بما إستطاع العرب فعله، متى ما إتحدوا.
.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجبهة اللبنانية تشتعل.. إسرائيل تقصف جنوب لبنان وحزب الله ي


.. بعد عداء وتنافس.. تعاون مقلق بين الحوثيين والقاعدة في اليمن




.. عائلات المحتجزين: على نتنياهو إنهاء الحرب إذا كان هذا هو الط


.. بوتين يتعهد بمواصلة العمل على عالم متعدد الأقطاب.. فما واقعي




.. ترامب قد يواجه عقوبة السجن بسبب انتهاكات قضائية | #أميركا_ال