الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المولود البكر

نعمة ياسين عكظ

2014 / 9 / 7
الادب والفن


قصة قصيرة
المولود البكر
ظل طيلة عقود من الزمن يحلم ان يرزق بمولود .. يعذبه حرمانه من كلمة (بابا ) المتعطش لسماعها .. يعيش يومه وهو يحلم بتلك اللحظة التي يحتضنه بها ويقول له هذه الكلمة .. يغفو بعد ان يرسم في خياله تلك اللحظات التي يتحقق فيها هذا الحلم ويغفو على روعة ما يفكر فيه ...اليوم صباحا طلبت زوجته ان ياخذها لمراجعة الطبيب لانها تشعر ببعض الاعراض المرضية .. لم يصدق وكأن الخبر لايعنيه عندما قال له الطبيب مبروك امرأتك حامل !! لكن الامر تأكد له بعد ان اجرى الفحوصات اللازمة وكان نظره مربوط الى الحاسوب الذي طبع ورقة وعليها علامة الايجاب على الحمل ... كلم نفسه هل انا احلم ام هي الحقيقة؟ طلب منها ان تقرصه : قالت له لماذا قال للتأكيد بانه ليس حلما بل حقيقة
- نعم حبيبي انها حقيقة !! وستكون ابا وسيقول لك بابا الكلمة التي تحلم بها
- انتبهي لا تتكلمي كثيرا اخاف ان ياثر الحديث على الحمل
- هل انك تخشى علي ام عليه ؟
- انتما الاثنان . هذا الذي بدأ ينمو داخل بطنك سيجعل منا شخصا واحدا
عندما وصل البيت حرص ان يرعاها بكل جوارحه لانها حبيبته التي حققت حلمه الذي كان يحسبه من ضمن المستحيلات ... الاشهر تمر طويلة ومتعبة . الام تعاني . والخوف ينخر في قلبيهما من فقدان هذا الحلم . تتهدد حياة الجنين اكثر من مرة .. ولذلك فكانت حياتهما مليئة بالحيرة والقلق والترقب وهذه الامور جعلت علاقتهما ليست بعلاقة زواج او حب بل عشق وهيام لبعضهما كانت كلماتها تدخل اذنه كسمفونية موسيقية رائعة . نسى حتى اسمه فلم تكن تناديه الا بحبيبي او قلبي او روحي وكذلك هو يفعل ... كانت فترة الصيف وحرارته اللاهبة تبعث في نفسها الخوف .. يضحك هو ويمسك بمروحة يدوية يحركها فوق بطنها حتى لا يحس الجنين بالحر .. وها هي الايام الحارة انتهت وهما الان في بداية شهر ايلول حيث تبدأ الحرارة بالانخفاض ولو انها ما زالت مرتفعة الا انها لاتصل لما كانت عليها في تموز واب ..
نهضت من نومها صباحا كانت بعض الآلام الخفيفة في بطنها . عرفت انه موعد خروجه الى الدنيا . اخبرته بذلك اثناء تناولهما الفطور الذي اعده هو واسرعوا بالذهاب الى المشفى .. كان يسير في الممر المقابل لصالة الولادة يأكله القلق ينظر في عيون من يخرج عله يجد علامة بشرى .. زاد من قلقه عندما قدموا له اوراقا ليوقع عليها بالموافقة على اجراء عملية قيصرية .. سال بخوف هل هناك خطورة ما ؟
لا تقلق كل شيء على مايرام انشاء الله
الدقائق تمر وهو لا يستقر في مكان كم ثقيلة وطويله هذه الدقائق بدت له وكانها اشهرا .. كاد يغمى عليه حين خرجت الممرضة لتقول
مبروك الولد والام بصحة جيدة .وسلمته الورقة اسم المولود .... تاريخ الميلاد 7/9 اخذ يقبل الورقة حتى كاد يبتلعها .
اصبح هذا الوافد الجديد المرتقب منذ عقود رابطا قويا جمعهما كجسد واحد كان يفكر في نفسه ماذا افعل لو احتاجت احد الاعضاء ؟ كان يشعر انه على استعداد كامل لان يعطيها قلبه لتنعم بالحياة .. هذا الوافد لم يكن بالصحة الكاملة فاكثر ايامه كان يصاب بالامراض فيلجأوا الى المختصين لعلاجه الا ان مرضته الاخيرة .. بعد الاحتفال بعيد ميلاده الاول . كانت اكثر تعقيدا لم تنفع العلاجات التي استعملوها لتخفيفها واصبحت صحته في تدهور مستمر الاطباء لم يتوصلوا الى السبب الرئيسي والقلق والالم ينخر في جسد الاب .. لم يسمع الكلمة التي انتظرها واصبحت قريبة جدا هي اشهر وسينطقها !! الا ان المرض يزداد يوما بعد يوم لم ييأس ولم يصدق كان يقول سيشفى سيتعافى وسيقول لي بابا .. وعندما قارب الوقت الاحتفال بعيد ميلاده الثاني كان حريصا على ان يكون عيد ميلاد مميز واكمل كل الاستعدادت لهذا اليوم لكن ليس هناك املا بالشفاء الايام تقترب والمرض يزداد ضراوة .. ليصحو صباحا على صراخ الام .. قال وهو يحتضن جثته ! لو امهلتني لنحتفل بعيد ميلادك الثاني وتقول لي بابا ...حاول الموجودون ان يسحبوه من حضنه لم يفلحوا ولم يستطيعوا اقناعه بدفنه فقد اصر ان يحتفل بهذا اليوم حيث وضع جثته على السرير واشعل شموع الذكرى وبدل ان يطفاها الطفل بنفخة هواء من فمه وسط الفرح والزغاريد اطفأها هو بدموعه مع النحيب والعويل

نعمة ياسين عكظ
النجف 7/9/2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??