الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية التوافقية و المحاصصة الطائفية وجهان لعملة واحدة

عبد القادر خضير قدوري

2014 / 9 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


أفرزت صناديق الاقتراع لانتخابات مجلس النواب العراقي مؤشرا على حالة الانقسام الداخلي للمجتمع العراقي وتنامي وعي انتخابي على أساس الانتماء والتخندق الطائفي والقومي بعيدا عن البرنامج السياسي , وصعود ممثلين للطوائف على حساب التمثيل الشعبي , وبرلمان قائم على أساس الفوارق الدينية والاثنية والمذهبية والقومية . مما ولد نظام سياسي يقود العملية السياسية على أساس برنامج مبني على التنوعات الدينية والمذهبية والعرقية وليس على أساس برنامج وطني . الأمر الذي دعا رؤساء الكتل والأحزاب المتنفذة إلى أطلاق شعارات الاستهلاك المحلي في إقامة حكومة نزيهة حرة , وبناء الحكومة وفق مبدأ الديمقراطية التوافقية التي هي الوجه الآخر للعملة ذاتها ( المحاصصة الطائفية ) . فالديمقراطية التوافقية مجرد فعل أجرائي لشرعنة التقسيم والمحاصصة , لأنها تفتقد إلى المبدأ الأساس للديمقراطية الحقيقية وجوهرها , ألا وهو المواطنة , وليس الانتماء لقيمة أخرى جزئية أو هامشية .
أن الديمقراطية التوافقية لا تؤدي إلى استقرار المجتمع بل إلى تقسيم المجتمع تقسيما عموديا (( اثني ومذهبي وقومي )) لأنها ديمقراطية أساس بناءها هو تقسيم المصالح لا تطمين المجتمع وبناء الدولة . أذا ما علمنا أن قوة الدولة تستمد من قوة ترابط النسيج الاجتماعي , والتوافقية تعمل على تفكيك النسيج المجتمعي . فالحكومة التوافقية تكون عاجزة عن أحلال الاستقرار السياسي والحفاظ علية , ومن سماتها التردد وعدم الفاعلية والجمود لأنها تعمل على تأسيس سلطة طائفية جنبا إلى جنب مع سلطة الدولة , مما يجعل السلطة عبارة عن حكم بين مختلف المذاهب والقوميات , وهنا تشكل الطائفية والقومية أفق الدولة الذي تستوحي منه تصوراتها للمجتمع والكون ونمط الوجود والتنظيم الاجتماعي والتوزيع البيروقراطي وبذلك تعجز القوى السياسية الرئيسية من بناء الاطار الفكري والسياسي والإداري والاقتصادي الذي يوحد الأمة ويبني أجماعا وطنيا . لأنها لا تمتلك رسالة اجتماعية تسمح لها بأن تكون دولة الأمة لا دولة المكونات والجماعات , مما يجعلها كيان وظيفي وليس كيان وطني بمعنى دولة تابعة لدول إقليمية أو دولية أقوى منها تنفذ رغباتها .
واحدة من ابرز سلبيات الديمقراطية التوافقية هي الاستقلالية الفئوية والذي تعني تمتع الطوائف والقوميات بإدارة شؤونها الداخلية وتتحول الدولة إلى فدرالية طوائف وهذا يولد قطاعات أثنية ومذهبية وقومية متمايزة إقليميا أذا ما اقترن بما تمنحه الفيدرالية والحكومة غير المركزية من استقلال ذاتي جزئي للإقليم والمحافظات ربما يحقق ذلك الانفصال في ظروف تاريخية أو سياسية معينة , وهذا ما يهدف إلية بعض قادة الكتل السياسية في المستقبل والملاحظ في مواقفهم وإدارتهم للكثير من الأزمات التي تعصف بالبلاد . كما تفتقد الحكومة التوافقية في تشكيلها إلى كفاءة والنزاهة وذلك لأختيار الكابينة الوزارية حسب التقسيم المذهبي والقومي بعيدا عن الكفاءة والاختصاص ولعدم وجود رقابة معارضة بناءة واجبها أن تفحص بنود البرنامج الحكومي وتنفذه بموضوعية وبمسؤولية وطنية .
أن خروج البلاد من هذا النفق الخطير والنفق المظلم والمقطع التاريخي الصعب لا يتطلب أتباع سياسية الديمقراطية التوافقية والحلول الترقيعيه لمراحل آنية تزيد من حالة الانقسام الاجتماعي , وإنما يحتاج وجود زعماء سياسيين قادرين على الدمج بين متطلبات الديمقراطية ومتطلبات التوافق لقيادة المجتمع . زعماء سياسيون يؤمنون أن الديمقراطية هدفا أساسيا في بناء الدولة وليست غاية للاستئثار والانفراد بالسلطة .سياسيون لا ينطلقون من الذات إلى الذات وإنما لخدمة المواطن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة