الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخوف عبادة .. لدى العرب

طلال الصالحي

2014 / 9 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


ولربّما لدى "العرب" فقط ومنذ "خُرافة" ولغاية اليوم , ف"اللي ميخاف مو رجّال" .. والشجاعة كما تبدو نادرة بينهم كندرة مياههم لأنّ قمّة الشجاعة آنذاك ولا زال الحصول على الماء , من يستطيع السيطرة على بحيرات فكتوريا في أثيوبيا لضمان انسياب مياه النيل أو من تركيا! في مهنة البحث عن الماء "لإرواء العطش" فقط "ولغاية ما ألله يفرجهه" فقد العرب التفكير الاستراتيجي وكأنّه زال من جينيّاتهم الوراثيّة .. ما يعني نتيجة هاجس الخوف المستمرّ تبلور هذا الهاجس فأصبح دين .. والخوف نتاج "مجهول" , لذلك عبد الانسان كلّ مجهول , فالله مجهول الشكل ومجهول البداية ومجهول النهاية , ويوم القيامة مجهول , "وأماكن المياه مجهولة" فما أن يكشف عن نفسه ذلك المجهول حتّى تُترك عبادته عاجلاً أم آجلاً لأنّ :"الإمام المايشوّر يُسمّى أبو الخرك!" , ومن الخوف تولّد مفهوم قد يكون من الممكن أن نطلق عليه "صناعة الخوف" , وهذه الصناعة تدرّجت في التأثير حتّى بات يُطلق عليها "كهنوت" , ومن الكهنوت وُلد الإله , طبعاً ووفق الرؤية الفلسفيّة القديمة الإله لا يمكن رؤيته إلاّ في المناسبات الدينيّة الرئيسيّة , والإله في مكوّنه الأوّل مع بدايات التجمّع البشري الحضري هوالملك أو الاقطاع , وجميعها وليدة "الانعزال" أيّ اقتضاب في الظهور للحاكم أو لرجل الدين على الرعيّة "لكي تكون أوامرهم مسموعة" أي ما يما يُمكن أن نطلق عليها "صناعة الهيبة" , فمن المعروف أنّ الأوامر القابلة للتطبيق في غالبها تلك الّتي تصدر من أماكن "مُخيفة" ولذلك فالإله الّذي "لا تراه العين لا يراه القلب" ذلك عند العراقيين مثلاً ولهذا السبب فالإله الّذي يخاف منه الناس لا يجب أن تراه العين إلاّ من عمق مخيف "حجاب" وذو هيبة .. طبعاً كلّ الّذي نتطرّق إليه هنا نعني بهم السذّج "المنتجين" , ولزيادة الخوف في قلوبهم وُلدت فكرة "الإبهام" اقتبست من المغارات ذات الطبيعة المخيفة من الّتي حيكت حولها الأساطير , فمنها لربّما وُلدت فكرة المعابد , والقصور أوّلاً , ومع التكرار ذو الإيقاع الواحد لتأكيد قوّة المكان ورصانته وُلدت الفنون الزخرفيّة أولاها نقشت على أواني تل عبيد , ومنها جُيّرت فيما بعد كطقوس معماريّة وتزيين وعلى أنّها "فنون" إذ أنّ كلّ ما ورثته البشريّة وشاخصاً لغاية اليوم يبدو الخوف قاسمه المشترك .. الحياة الغربيّة ونتيجة العيش في ظروفهم وسط مرتفعات وسهول وجبال وأودية وضفاف أنهار وينابيع مياه وغابات سقطت الكثير من "الوساوس" ولم تعد كذلك , سقطت فيها الكثير من المغريات لتوافر المراعي والمياه فانحسرت العبادات عند معاني محدودة , فخلت من قواميسهم "النبوّات" سوى ما استورد منها كالجنة والنار والزيتون والمنسوجات والحلي وعرفوا "الهبنة" لخلوّها في جذور مفاهيمهم الثقافيّة القديمة ولكون هذه المستوردات مبرّر صناعتها لخدمة الكهانة والآلهة والمعابد , لذلك كان استيرادها مزامن لدخولهم الديانات "السماويّة" خاصّةً المسيحيّة فرُصّعت التيجان وأقيمت المعابد وخصّصت "الملابس المبهرة" والانعزال ..
الصحراء بمثابة أوسع مساحة مخيفة لساكنيها , ومفتوحة لا نهاية لها تأثيرها في النفس البشريّة نفس تأثير الكهف الّذي حيكت حوله الأساطير .. السير في الليالي وسط صحراء لا نهاية لها أكسب سلاّكها ثقافات "الوسوسة" خاصّةً لمن يقطعون مسالكها فرادا ورثناها وأورثناها جيلاً لجيل , يحيط بجوانبهم الظلام يلازمهم حتّى الصباح فولدت مفاهيم دخلت الديانات كالشيطان والجنّ بمسمّياتهما المختلفة , لربّما يعني , فظهر أوّل مفهوم لمخلوقات غير ملموسة نسميها "هذيان" اطلق عليه "خرافة" ويُقصد به "خرافة" , وخرافة هذا شخص من بني عذرة أدعى أن الجنّ خطفته وبقي عندهم فترة من الزمن ثم عاد إلى قومه يروي لهم مغامراته مع الجن وكان يصعب تصديقها لغرابتها وبعدها عن المعقول , لكن على ما يبدو قد تسللت تصوراته تلك شيئاً فشيئاً لتصبح من ضمن قصص الديانات مع مرور القرون وعلى هذا فالدعاء برأيي هو نداء عميق لم يعد كذلك نفهمه لمن أخافنا أوّل مرّة منذ الأزل .. نحن العرب , كغيرنا من أصحاب ثقافات أو شعوب أو جماعات , وبغض النظر عن من تكن أصولنا , تخضع سلوكيّاتنا وحتّى أشكالنا وحتّى أمزجتنا لنوع البيئة الّتي نشأنا وسطها , وعليه يمكن أن تدفع بنا عمليّة "التبادل المؤثّر" بيننا وبين بيئتنا لأن نتحكّم بسلوكيّاتنا لا أن نخضع لها "فتنتصر علينا دائماً وباستمرار" لاعتبارات بيئيّة فيما لو أردنا صياغة واقعنا مجدّداً وهو ما يعمل عليه الفلاسفة والحكماء والأنبياء ومن فكرة النفور من الوسط البيئي "التجذّر" وُلدت الاقطاعيّات ثمّ الممالك فالامبراطوريّات , أي أن لا ننطلق من مكوّن بيئي فقط , أي فطري مكبّل نتعرّض به للأسر متى شاء الآخر , بل من منطلق واعي لتأثيراتها عليه لا متماهي معها فقط , أن لا نخضع لسطوة المياه مثلاً بل نسلخ تأثيرها ونقتلعه من لا وعينا بما يصبح وكأنّه شيئاً لم يكن كي نتجرّد في لغة القرار والمصير المحتوم فنخرج بأدبيّات جديدة لا مستوردة نكهاتها إذ عندها وكأنّنا ما فعلنا شئ , وكأنّك يا بو زيت ما غزيت" , لأنّ مؤثّرها لو بقي عالقاً ستقف أمانينا "أدعيتنا" عند نقطة مسدودة مجرّد حصولنا على الماء "صلاة الاستسقاء مثلاً" وتقف , لا أن ننظر للماء على أنّه ملكنا أيضاً , كالعلم , نطلبه ولو كان في "المسسبّي" ! وهو ما انتهجه الشركات العابرة حين اعتبروا نفوط العالم أينما كانت هي نفوطهم .. لقد سبقونا ! في حين كان بيدنا أن نفعل ذلك قبلهم , ولربّما فعلناها فوصلنا لأعالي البحار ولما عُرفت بأميركا ولما اشتقّ اسمها من "ماريقا" أي المكان البعيد في اللغة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -صانع قدور- و-بائع كمون-.. هل تساءلت يوماً عن معاني أسماء لا


.. حزب الله ينسق مع حماس وإسرائيل تتأهب -للحرب-!| #التاسعة




.. السِّنوار -مُحاصَر-؟ | #التاسعة


.. لماذا تحدى الإيرانيون خامنئي؟ | #التاسعة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | ما جديد جولة المفاوضات بين حماس وإسرائيل ف