الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى أطياف المجتمع السوري ..... و بهدوء!

مهند الكاطع

2014 / 9 / 8
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


في ظلّ الزَوْبعة التي هَبَّت قبل أيام بخصوص ما يجب أن يكون عليه "أسم سورية" اليوم حتى يصبح ممثلاً لجميع السوريين ، الأمر الذي ساهم في تعطيل مستقبل 15 ألف طالب بسبب إصرار الكتلة الكردية في الائتلاف على حذف "العربية" من اسم سورية ، نستطيع طرح بعض التساؤلات حول إمكانية الموازنة بينَ هوية الدولة الطبيعية و المُستمدة من ثقافة السواد الأعظم من أبناءها كما هو الحال في جميع أصقاع المعمورة ، وبين ما يطرحه بعض أبناء المجتمع الذين لهم خصائص قومية تميّزهم عن هوية الأغلبية التي لا يستطيعون بالمقابل التخليّ عنها أو الاستغناء عن استخدام ثقافتها ولغتها ، و قد ذاق بعضهم بشكل "خاص" لوعة الحرمان والتضييق في مسألة ثقافتهم و لغتهم ، فضلاً عن التضييق الذي اشتركوا فيه مع بقية أطياف المجتمع السوري في مسائل الحريّات والديمقراطية والحقوق ..الخ فضلاً .
لَن أخوض في مسالة عدم موضوعية أي تغيير يتم بشكل غير دستوري وشرعي وقانوني حتى يَتم الإعتراف به عند المجتمع الدولي والأقليمي وجميع المنظمات والمحافل العالمية ، ولا يخفى عليكم بأن المجتمع الدولي وجميع دول العالم بما فيها الدول العربية لا تزالُ لا ترفع سوى العلم الرسمي للنظام السوري والاسم الرسمي (الجمهورية العربية السورية) ، وأن المعارضة حتى الآن لا تستطيع استصدار وثيقة سفر معترف بها في أي دولة ، وان الحكومة السورية المؤقتة لا تستطيع حتى تمديد صلاحية جواز سفر حتى تحت الأسم القديم !! فما بالنا بأسم جديد يريدُ البعض أن يتم بشحطة قلم بأتفاق مسلوق في اروقة بعض الكتل السياسية التي لا تملك الآن أي نص دستوري أو قانوني أو أخلاقي يتيح لها نقرير او إقرار أي شئ لا يمكن لهُ أن يتم دون استفتاء الشعب السوري ، والذي لا يمكن له أن يتم في ظل الظروف الحالية على اقل تقدير.

ما تطرحه بعض الأقليات اليوم متعلق "بالاسم" الذي يجب أن تكون عليه الدولة كما يؤكدون ، وأنَّ تعديل الاسم وعدم الإشارة صراحة من خلال الاسم إلى قومية معينة "العربية" هو بمثابة طمأنة للأقليات الغير عربية في سوريا والتي تُقدر بنحو 20% من أبناء الشعب السوري.
ولو أنَّ الموضوع مُتعلق "بالاسم" فقط ، لقلنا بأن "الأغلبية" مُطالبة اليوم بتقديم تنازلات عن بعض حقوقها لطمأنة "الأقليات" وأنا هُنا أضعُ المصطلحين "الأغلبية ، الأقلية" بين قوسين لأني لا أحبذُ استخدامها لكن فقط لا مناص من استخدامها لتوضيح ما يتم طرحه بكل اسف من جانب بعض الاقليات القومية التي نعتزُ بها كجزء من الشعب السوري وساهمت في نهضته بكل تأكيد .
لكن لا أعتقد بأن الموضوع يتم حله بتغيير الاسم فقط ، فالعراق مثلاً لا يوجد في اسمه لاحقة عربية وأموره نحو المحاصصات والطائفية تزداد نحو مستنقع لا يعلم أحد مستقراً له أو إلى اين يمكن أن تصل الأمور، وفي سوريا ايضاً هناك محاولات تشترك فيها على ما يبدو اطراف اقليمية ودولية ويدعمها ممارسات على أرض الواقع من قبل النظام والميليشيات التي تحمل شعارات دينية أو قومية مختلفة لرسم واقع متشرذم في سوريا لا يقل في مآسيه عن المستنقع العراقي .
هناك الكثير من الإشكاليات التي اصبحت تشكلُ عائقاً في وجوهنا في مسيرة الانعتاق التي ننشدها كسوريين نحبُ الحياة وكُنا على الدوام راعياً وحاضناً لكل المحرومين والملهوفين والفراين قبلَ أن نصبح اليوم مشردين وتائهين وضائعين بين ذبيح ومُعتقَل.

سأركزُ بشكل أساسي ومن وجهة نظري الشخصية على ابرز النقاط التي تزيدُ من انعدام الثقة بين ما يتم تسميته وتداوله على أنه "الأغلبية" من جهة و "الأقلية" من جهة أُخرى ، والاسباب كثيرة لا يمكن حصرها وتحتاج لدراسة واسعة ومتأنية ، لكن سأذكر ما هو في سياق متصل بموضوعنا الأساسي في مرحلة ما بعد الثورة و سأذكر بعض النقاط على عُجالة :

1- الاغلبية اليوم لا تستطيع تقديم تطمينات لأنَّ صوتها مقموع ، وغير مسموع ، ودماءها رخيصة ولا يكترث أحد بها ، على العكس تماماً في التعامل الإقليمي والدولي لأي حادثة قد تمسُ أحد ابناء الأقليات وما يرافقها من مصطلحات وللتذكير :(( الهجوم على الأرمن في بانياس ، الهجوم على راهبات معلولا ، اغتيال قس في حمص ، التنديد بتهجير أربع ناشطين أكراد على يد حزب الاتحاد الديمقراطي ، انباء عن اختطاف الأب باولو "هي خارج السياق " ، الهجوم على اليزيديين في سنجار ، تهجير مسيحيين الموصل ، نساء الأقليات سبايا في أسواق "النخاسة ))) في حين يتم المرور على قتل المئات من ابناء دير الزور ، وتجويع عشرات الآلاف في مخيم اليرموك ، وحاصر احياء حلب وحمص وموت المدنيين ، وارتكاب مجازر بحق القرى العربية في ريف الحسكة ، ومجازر باستخدام الغازات في عدة مواقع في دمشق وحلب و تهجير وحرق عشرات القرى في ريف القامشلي ، ومئات الغارات الجوية على الريف الجنوبي في الحسكة وريف دمشق ، نجدها تمرُ كخبر روتيني وفي أحيان كثيرة لا يتم ذكرها ابداً ولا المرور عليها ، لأنها دماء رخيصة من الأغلبية ، ومن يقود تلك العمليات معروف للجميع .

2- نجدُّ بأن هناك دعم لا محدود في عمليات قتل الأغلبية وتهجيرهم ، و لا يُنكر سوري عاقل بأنَّ ذبحَ السوريين اليوم من أقصى الشمال الشرقي "عين ديوار" إلى أقصى الجنوب الغربي "سحم الجولان" يتم بشكل أساسي ورئيسي بحق أبناء ما نطلق عليه "الأغلبية" أو السواد الأعظم من مكونات الشعب السوري .

3- معظم الأقليات نجح النظام في تحييدها عن مسار الثورة ، رغم أنها ذاقت الأمرّين كما ذكرنا من استبداد النظام وسياساته ، لكن خوفهم من البديل في ظل تغلغل المرتزقة والمتطرفين المشكوك بخلفياتهم من ناحية ، و التفاتهم لمصالحهم الخاصة من ناحية أخرى ، وانتهازية بعضهم في بعض الحالات، جعلهم يجدون نفسهم في منأى عن المواجهة مع النظام ، فحافظوا على علاقات جيدة مع النظام ، وعملت "بعض" فصائلهم ، وأكرر "بعــــضها" كمرتزقة عند النظام ضمن ميليشياته تحت التسميات المختلفة وبدعم مباشر منه ، ولدينا أمثلة كثيرة في الحسكة على أقل تقدير، هذا لا ينفي أن معظم المجندين في جيش النظام هم ابناء الأغلبية المسحوقة ولا يعني أن هناك حرب بين أقلية وأغلبية.

4- بعض الاقليات يصحُّ أن نقول عن ممثليها او من يدعّون تمثيلها بأنهم "انتهازيون" هذا إذا أردنا أن نذكر أقرب تسمية لهم "بأدب" ، لكن ينطبق عليهم كل ما هو خارج ذلك ايضاً ، إذْ تكمن الانتهازية لديهم في محاولتهم لوضع العراقيل في مسيرة العمل الثوري المشترك ومحاربتهم أحياناً اطياف المعارضة بشقيها السياسي والعسكري ، والعمل على وضع شروط انتهازية واستفزازية مستغلين انشغال الآخرين بلملمه جروحهم وبحثهم عن مأوى وملجأ بعد تهجيرهم تحت نيران الاسلحة . والأهم من ذلك في ظل "وجود نظام يزداد قوة واستبداداً"، فهل الوقت مناسب لطرح شروط انتهازية والبحث والخلاف عن "البيضة أم الدجاجة أم الدجاجة أم البيضة"

السؤال هو : إذا كان قبل سقوط النظام يتم طرح هذه المواضيع ، فماذا بعد سقوط النظام في ظل فوضة ستكون أكبر بحسب المؤشرات على أرض الواقع ؟
ماذا سيتم طرحه إذا تم إدخال قوات اجنبية تحت ذريعة سقوط النظام ووجود الإرهابيين وبغرض حماية الأقليات ؟

الأمير شكيب أرسلان في مقالين له تم نشرهما في عددي جريدة الافكار البرازيلية المؤرخين في 6 و 9 نيسان سنة 1921 كانَّ قد طرح إشكالية مشابهة تقريباً ، ويقولُ وسأقتبس "قبل أن ينجلي الأتراك عن سورية كان جميع أهلها عربًا ولم نكن نسمع فيها بسرياني وعبراني إلا من قبيل العاديات (الآثار العتيقة) وكثيرًا ممن برزوا لنا
الآن بالحلة السريانية كانوا من صميم القحطانيين يومئذ؛.........، فلما خرج الترك
وجاءت محلهم دولة عربية تريد تحرير البلاد باسم العرب وتنفي كل من يريد أن
يغشى البلاد من غير العرب - جدَّت عند بعض هذه الفئة القليلة من أهل سورية نغمة
لم تكن معهودة من قبل وهي: إننا نحن سريانيون غير عرب، وإن لغتنا هي
السريانية وإنما غلب علينا اللسان العربي "

طبعاً كلام شكيب أرسلان ينتمي لمرحلة تزيد عن تسعة عقود ومرحلة كانت تندرج تحت مسمى "الثورة العربية ، والتحرر العربي" ولسنا في صدد تبنيّ هذا الخطاب ، لكن هو يؤكد على حقيقة أن المبالغة في خطاب الهويات والاقليات الذي لعبَت عليه الدول الغربية سابقاً هو أمر ليس بجديد ، انما متجدد ، والتاريخ يثبت بأن هؤلاء لا يهمهم مصالح أقلية او اغلبية ، انما هذه كلها ذرائع من أجل مصالحهم الخاصة فقط ، وسيتخلون عن كل شئ عندما تنتهي مصلحتهم .
وسيبقى بالتالي السوري مع السوري بغض النظر عن هويته ومذهبه ودينه متعايشين!

يجب أن ندرك هذه الحقائق قبل فوات الأوان ، ويجب أن نسعى جميعاً لتقدمة ما يطمأن الجميع وتعزيز الثقة المتبادلة التي عمل النظام على زعزعتها طيلة نصف قرن مضى ، لا يجب أن يكون طرح الساسة متشنجاً وداعياً لشق الصفوف ، وخاصة الكتل السياسية التي تطرح نفسها "بديلة" عن عمل قادم ، فلنركّز على النقاط المشتركة ، ولنترك الإشكاليات التي لا تُسمِن الآن ولا تُغني من جوع إلى مرحلة ما بعد سقوط النظام ، ومرحلة التوافق على دستور ، يكون للشعب السوري السلطة الفعلية في قبوله أو رفضه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا بد من التحرر من الفكر الشوفيني البعثي
الشهيد كسيلة ( 2014 / 9 / 9 - 09:26 )
سيد الكاطع
اعرف ان التخلص من النحلة البعثية والهرطقة القومجية ليس بالشيء الهين على جيل كانت علامات مادة القومية اوزن من اي مادة اخرى غير انه كان على جيلكم ان يهتبل هذه الفرصة للتحرر نهائيا من الخطاب البعثي القومجي
مو عيب عليك لساتك بتتكلم عن اقليات ... مواطنوك من الكورد شربوا الويل من الانظامة الانقلابية المتعاقبة مشان هويتهم ولغتهم وخصوصياتهم ةولساتك بتقول عليهم اقلية يا عيب الشوم
المواطنة تلغي كلمة قلة واكثرية الكل بيتساوى امام القانون وسوريا عمرها ولا كانت ولن تكون اعرابية النظام الانقلابي هو الذي عوربها وها هو يخربها ويقصف مدنها ببراميل النفط وهو ما لم يعمله مجنون اقول مجنون على امتداد التاريخ
سوريا سورية وكفى ودعوا العروبة لاهلها في نجد والحجاز
كان عليكم ان ترتدعوا من مناظر الخراب وقطع الرؤوس وطلوع ارواح الاطفال بالكيماوي بس الزمار يموت واصابعه بتلعب كما يقال

اخر الافلام

.. هل ستتجه السعودية نحو التطبيع مع إسرائيل بعودة ترامب إلى الب


.. شاهد رد فعل هيلاري كلينتون عند إعلان ترامب بشأن -خليج أمريكا




.. هذه رسائل حماس من استعراض عناصرها بالأسلحة في غزة


.. الرئيس ترمب: غزة تعرضت لدمار هائل ويجب إعادة إعمارها من جديد




.. أبرز محطات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة