الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جمالية النص عند عامر عواد

عقيل الواجدي

2014 / 9 / 8
الادب والفن


الكتابة فن حركي يعتمد التشويق كأداة جذب ، ولايفترض ان يكون عنوان التشويق اداة للاستسهال او السير بما هو مألوف ليتناغم مع ذائقة الواقع ، والمتتبع لما يُكتب الان يجد ان لاتوافقات او اسس واضحة للكتابة في غياب معياري الوعي والموهبة ، لذا انحسرت المتابعة بأشخاص محدودين اثبتوا جدارتهم في تبني الكتابة كمبدأ تم التأصيل له وفق معطيات واضحة اهمها الثقافة العامة والموهبة المتجذرة في اعماق انسانية الانسان التي هي الاخرى انحسرت عند الكثيرين كمتابعتنا لهم ...
الناصرية ، مرتكز الوجود الوعوي للبشرية جمعاء حيث نبت اول الحروف بارضها واخضرّ ادبها وعلومها ، وتتوجت بغار الابداع في كل تفاصيلها حتى ماهو بعيدا عن الادب ، فهي المدينة التي لايخلو بيت فيها – على الاطلاق – من اديب او مهتم بالادب ، فكان لابنائها قصب السبق في كل شيء تاركين لما سواهم تقفي الاثر لاغير ....
قصيدة النثر التي اختلف الكثيرون فيها وعليها اصبحت السمة التي لايمكن التغاضي عنها في رسم ملامح الواقع الادبي الشعري ، فهي احدى اعمدة الفن الكتابي سواء اختلفنا او اتفقنا على مفهومها ، وسواء تنكر البعض لها او تبناها الاخرون تبقى قصيدة النثر واقعا حياً وملموسا اخذ على ايدي بعض الرائعين درجة من السمو والابداع وترسيخ اسس واطر واضحة للجمال الكتابي من خلالها ، ومن اهم هذه الاسماء ( الشاعر عامر عواد الخفاجي ) ...
عامر عواد ، الانسان الشاعر ، يعد احد اجمل ممن كتبوا قصيدة النثر وفق رؤاه الخاصة المتجردة عن تناصات او تسلق بحبال الغير ، غير متعكز على مفاهيم اخذت بالنص النثري نحو الاسفاف ورصف الكلمات ، شاعر غادر عتمة التوهم الى نقطة اليقين بأن قصيدة النثر نوع ادبي يمكن الارتقاء به ، لذا منح شاعرنا ( عامر عواد ) قصيدة النثر الكثير من الجمالية من خلال نسج المفردات بأسلوب يسحبك للمتابعة دون عناء او تكلف ، راسما بأحرفه معاناة امة اختزلها بهمّه ، فهمّهما لايكادان ينفصلان عن بعض ، فهو المبلسم للجراح بعناقيد النشوة وهو الزارع للفرح اردية الحزن ...
في محاولة له لترميم لوحة الركام يأخذ بنا الشاعر نحو عوالم هذا الواقع المتناقض الذي لم يغفل شاعرنا في ان يكون متفائلا قدر الامكان ليمنح حروفه الحياة رغم حزنها المقيت ، الحزن موت في عالم تنصل للسعادة ...
قصيدة ( ترميم لوحة الركام )
آن لي دغدغة البلسم بالجراح
رسم عناقيد النشوة على ملامح هلاميه
احتطاب الضجر من الشموس
واطلاق التباشير في عتمة الزمن الضرير
آن لي سكب المياه في قافلة الوجع
فالمتاهات تتناسل
والاخضرار يغط في نوم عميق
آن لي الاهتداء اليك
لوحة تشابكت بالفراشات والنار
لون الرعد يشج أواصرك
والتغريد
شجن الدموع يهضم المسافات
بألحان مضرجة بالرصاص
والسقوط نحر المفاتن
على ارصفه مهمله
يبارك الصفعات بالزغاريد
واشجار تتنفس الاصفرار
من مسامات الشراشف البيض
يا لوحة احترقت
ومازالت خطوطها في الرماد
فالآنين لغة خالية من الطلاسم
لاتعرف وهم الحدود
والحروف زخرفة اللسان
تقايض الخوف بفوضى الصمت
آن لنا
آن لي
حل الوثاق بوخز الفقاعات

عامر عواد ، احد نتاجات وافرازات الواقع العراقي الممتد بأزمنة من الحروب والعوز والتسلط كما هو حال الاعم الاغلب من العراقيين ، الفرق انه استطاع ان يؤطر كل معاناته وينسجها لوحات تزين عالمة كما تزين الموناليزا جدار ، لم يغادر معاناته هربا كما فعل الاخرون ، او تنصل لعالمه ( الموبوء ) بالحب ، فعيون الحبيبة التي ماعاد منها الا ملامحاً تتشتت بين الصفحات لازالت ترقب شاعرنا وهو يسرج قناديل الحلم في عتمة عالم وأد كل شيء الا البقايا من انسانية من جاهدوا ليحتفظوا بها .
في قصيدته ( اقتربي ) التي اجدها قصيدة انتفاضة على واقع اخذ بشاعرنا الى زحمة الحياة فتناسى حقيقته المجبولة على التمرد ، الاستكانة ليست من ثوابته ، والركون لايلجأ اليه ، معتد بنفسه ، متميز بذاته ، يخلد الى ماضيه غير متنكر لواقعه ، متمنيا عودة الايام التي غادرته سريعا ، يبقى شاعرنا الجميل عامر عواد من المؤثرين في حركة وتميز قصيدة النثر العربية وبوسعه اعطاء المزيد ..

قصيدة ( اقتربي )
علنا نصطاد لحظة سعادة
انهكتنا المتاهات والدروب الضيقة
فما زلنا نرفرف بأجنحه من الشمع
نحاول التحليق بالافق
لكن القاع يتشبث بنا
كالجذر المغروس به
اقتربي
ودعينا ننسف ما تبقى من حطام
ونزرع الزهور على جسدينا
علنا نكتسي بالفراشات
اقتربي
فالخوف ما عاد ملاذ لنا
فالحرب تدور
فدعينا نتنزه بشوارع
يملؤها ازيز الرصاص
اقتربي
ودعي القبلة الأخيرة عند الشروق
نحيك منها نوافذ مزخرفه بالحنين
مشرعه نحو ومضة امل
تتخصر مسافات الحروب
عل احفادنا الذين لم يولدوا بعد
ينعمون بالسلام


عقيل الواجدي / الناصرية 8 آب 2014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنار بيفو أيقونة الأدب الفرنسي رحل تاركًا بصمة ثقافية في لب


.. فيلم سينمائي عن قصة القرصان الجزائري حمزة بن دلاج




.. هدف عالمي من رضا سليم وجمهور الأهلي لا يتوقف عن الغناء وصمت


.. اختيار الناقدة علا الشافعى فى عضوية اللجنة العليا لمهرجان ال




.. صباح العربية | نجوم الفن والجماهير يدعمون فنان العرب محمد عب