الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يصبح لواشنطن مصلحة مهدَّدة في سَدِّ حديثة!

جواد البشيتي

2014 / 9 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


جواد البشيتي
حربٌ من نوعٍ جديدٍ مختلفٍ تريدها الولايات المتحدة الآن في العراق، أو بدءاً من العراق؛ فـ "العدو الجديد" لها، وللغرب كله، ولحلف الناتو، ولحلفاء حلف الناتو، وللإقليم، أو الدول المجاورة للعراق، وهو "داعش"، أو "الدولة الإسلامية"، عابرٌ للحدود، مُمْتَدٌ، ويمتد، إقليمياً؛ لكنَّ "عَيْب" هذه الحرب أنَّها قد بدأت قبل أنْ تُعْلِن (أو تَضَع) إدارة الرئيس أوباما "استراتيجيتها" لهذه الحرب، التي من أجلها شرعت تؤسِّس لائتلاف دولي، يَضُمُّ ما أسْمَتْه "دولاً (عربية) سنية".
"داعش" هو ظاهرة لا مكان لها، ويجب ألاَّ يكون لها مكان، في القرن الحادي والعشرين؛ وإنْ كنتُ أَشُكُّ في أنَّ حاضِرنا العربي هو القرن الحادي والعشرين؛ لكن، هل من "سببٍ مُعْلَنٍ وجيهٍ" لشَنِّ الولايات المتحدة الحرب على "داعش"؟
أَشَد ما يدهشني هو هذا الحرص الذي تبديه إدارة الرئيس أوباما على تأكيد أنَّ الولايات المتحدة لن تُقاتِل بجنودها على الأرض، وعلى أنَّ حربها الجديدة على "داعش" لن تكون أبداً كالحرب التي خاضتها، مِنْ قَبْل، في العراق؛ فـ "جيشها البري" سيبقى، هذه المرَّة، بعيداً عن ميادين وجبهات القتال؛ وكأنَّ مواطني هذه الدولة لن يَقِفوا ضدَّ حربٍ يخوضها جيشهم في الخارج إذا ما تأكَّد لهم أنْ لا قتلى، ولا جرحى، ولا أسرى، من جيشهم في هذه الحرب!
لقد شنَّت الولايات المتحدة 4 غارات جوية على مواقع لتنظيم "داعش" قُرْب سد حديثة (على نهر الفرات) غرب العراق، في منطقة الأنبار التي تقطنها أكثرية سنية عربية؛ أمَّا ما استأثر باهتمامي، في أَمْر هذه الضربات الجوية الأولى التي تشنها الولايات المتحدة في هذه المنطقة، فكان "الحيثيات" التي قدَّمها وزير الدفاع تشاك هاغل.
لقد قال إنَّ هدف الغارات الجوية تلك هو مَنْع "داعش" من التَّقَدُّم في اتِّجاه السَّد، الذي هو ثاني أكبر سدٍّ في العراق لإنتاج الكهرباء؛ أمَّا "حيثية" الغارات الجوية فهي، وعلى ما أوضح هاغل، أنَّ سقوط السَّد في أيدي "داعش" يتهدَّد "مصالح" الولايات المتحدة، و"أرواح" مواطنيها.
هاغل يقول لمواطني الدولة العظمى في العالَم إنَّ سقوط سد حديثة (على نهر الفرات، في الأنبار، في العراق، في الشرق الأوسط) في أيدي "داعش" يُمَثِّل تهديداً لـ "مصالح" الولايات المتحدة، ولـ "أرواح" مواطنيها؛ لكنَّه لم يتجشَّم مهمة الشَّرْح والتَّوضيح؛ فما هي هذه "المصالح" المهدَّدة؟ وكيف يكون سقوط هذا السَّد في أيدي "داعش" تهديداً لها، ولتلك "الأرواح"؟
إنَّها "نظرية الفراشة" التي مؤدَّاها أنَّ فراشة في الصين (مثلاً) يُمْكِن أنْ تتسبَّب بإعصارٍ في الولايات المتحدة؛ فهي بتحريكها جناحيها يَضَطَّرِب الهواء من حولها؛ وهذا الاضطِّراب الهوائي الصغير التَّافه يَكْبُر ويَعْظُم ويشتد، مع مرور الوقت، حتى يغدو إعصاراً في الولايات المتحدة!
نحن مع حربٍ لا هوادة فيها على "داعش (وأشباهها)"، وعلى كل ما يُنْتِج، أو يعيد إنتاج، هذه الظاهرة؛ ومع خَوْض الضحايا الحقيقيين لـ "داعش" هذه الحرب، التي بعضها، لا كلها، بالحديد والنار؛ لكنَّنا لا نَقْبَل أنْ يُخاطِبنا هاغل كمثل مَنْ يُخاطِب قَوْماً من الأغبياء؛ فإذا كان للولايات المتحدة، في حربها على "داعش"، أهدافاً ومآرب ودوافع لا تجرؤ على إعلانها، والجهر بها، فهذا لا يعني أنْ نسمح لوزير دفاعها (ولغيره من ذوي السلطة والقرار فيها) باستغبائنا (واستغباء مواطنيه) على هذا النحو؛ كما لا يعني أنْ نَقْبَل، ونَتَقَبَّل، واقِعاً (إقليمياً ودولياً) تُصوِّره لنا الولايات المتحدة على أنَّه مزرعة لمصالحها، لها في كلِّ مترٍ مُربَّعٍ من سطح الكرة الأرضية مصلحة ينبغي لها الدفاع عنها بالحرب؛ وأيُّ حرب؟!
إنَّها حروبها هي في المقام الأوَّل؛ فلا مصلحة كبرى، ولا هدف كبيراً، يكمنان في هذه الحروب، إلاَّ مصلحتها، وهدفها؛ هي تتولىَّ قيادتها، وخوضها جوَّاً، أو من عن بُعْد، مُسْنِدةً مهمات القتال الأرضي إلى "قوى محلية"، وزاجَّةً في هذه الحروب، أيْ في حروبها هي في المقام الأول، بقوى إقليمية ودولية يضمها ائتلاف، أو تحالف، مؤقَّت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 5.4 مليار دولار تكلفة السيطرة العسكرية الإسرائيلية على غزة


.. تصاعد الانقسامات السياسية.. حرب غزة لم تنجح في توحيد الصف ال




.. طفلان يختبئان داخل تنورة والدتهما من البرد في غزة


.. كتائب القسام تعلن أن مقاتليها قطعوا إمداد قوات الاحتلال شرق




.. الترجي التونسي يستضيف الأهلي المصري في ذهاب الدور النهائي|#ه