الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتقام كلب

أديب حسن محمد

2005 / 8 / 15
الادب والفن


اجتمعت كلاب القرية الشاردة استثنائياً بعد منتصف ليلة غائمة من ليالي كانون في إحدى الزواريب المعتمة.
كانت قسمات وجوه الكلاب متجهمة،ومكفّهرة،وكان الصمت يلفّ الجميع بحباله المتينة،وزادت عتمة الليل الخريفيّ الموقف تأزّماً،وترقّباً.
قطع أحد الكلاب الشاردة الصمت،ورحب في كلمة مقتضبة بالحضور الذين تجشّموا عناء الحضور ،ثم تلا نصّ تقرير سرّي أعدته لجنة من الكلاب الفدرالية المخبرة،حول ممارسات الصحفي "شروان التايه"،وتطرق التقرير إلى تجلّيات العولمة،وتأثيراتها،ثمّ لف َّ التقرير حول المنعطفات الهامة للنظام العالمي الجديد والمراحل الحرجة التي تمر بها جمعية الكلاب الشاردة في هذه الأيام العصيبة،حيث الأخطار المحدقة التي تهدّد وجودهم،وحاوياتهم،وحفلاتهم العوائيّة،
ثم عرج أمين السر الكلبيّ على بعض حملة الأقلام المدسوسة،والحاقدة،والتي تهدف إلى قلب الحقائق ،وإلى الإساءة إلى سمعة الكلاب الشاردة.
وعرض على معشر الكلاب الشاردة صورة"فوتو كوبي" لمقال منشور في إحدى الصحف،بقلم الصحفي"شروان التايه"ويشكو في مقاله من تكاثر الكلاب الشاردة في شوارع القرية،ويطالب البلدية بحلّ حازم لمكافحة هذه الظاهرة.
وتابع أمين السرّ مداخلته بعرض تظلّمٍ رسميّ لأحد الكلاب الشاردة،والذي أصيب بعيار ناري من بندقية أحد أفراد قوة مكافحة الكلاب الشاردة،حيث أدت الإصابة ـ بحسب تقرير الطبيب الشرعي ـ إلى تعطّله عن العمل لمدة ثلاثة أسابيع،ولولا الرأفة والرشوة التي قدمها الكلب الجريح لعامل المكافحة،لكان الآن في عداد الضحايا المأسوف على شبابهم الكلبيّ..!!
وأنهى تقريره بطرح القضية على أعضاء الكونغرس الفيدرالي الكلبيّ لمناقشة بنوده،ومن ثمّ طرح القضية برمّتها للتصويت الديمقراطي بطريقة الاقتراع السرّي.
بعدها طلب أحد الأعضاء الكلبيّة الإذن بالكلام،فأذن له رئيس الجمعية بإشارة من ذيله...
فتحدّث عن ضرورة التخلّص من الصحفي شروان التايه الذي سبّب القلاقل لأفراد الجمعية،وساهم في تشويه صورة الكلاب الشاردة أمام الرأي العام العالمي..!!
قاطعه أحد أنصار السلام الكلبيّ قائلاً:
ـ لا يجوز أن تحكموا على الرجل دون أن يتبلّغ وجهة نظركم...
ولم يدعه يكمل حديثه،حين استخرج من جيبه ورقة استدعاء للصحفي المذكور إلى مقر الداخلية الكلبية لإبلاغه فحوى الاحتجاج،والاستنكار، للهجة الحاقدة لمقالاته التي تهاجم الكلاب الشاردة،وتطلب من البلدية القيام بحملة تطهير عرقي لشوارع المدينة من سلالاتها الباقية،
فأُسقِط في يد أنصار السلام الكلبيّ،وساد المكان جو مشحون بالهتافات العدائية المطالِبة بالانتقام من ذلك الصحفي الوقح،
وتم بالإجماع وبامتناع عضوين فقط عن التصويت..
الموافقة على عملية كوماندوس كلبيّ للتخلص من شروان التايه لدى عودته من بيت حموه،بعد الانتهاء من لعب الورق،على أن تقوم دورية استطلاع كلبيّ بتغطية المكان لجهة المراقبة،وبحيث يتم الانقضاض عليه بعد انتهاء إحدى"برتياته" الورقية الخاسرة،لكي يكون مهزوماً،وخائراً،وغير قادر على إبداء أيّة مقاومة.
في الليلة الموعودة،وفيما كان شروان التايه يبربر غاضباً،شاتماً،لاعناً حظه العاثر وحياته المفلسة ومتحدثاً مع نفسه على طريقة أنصاف المجانين،عرج على أحد المطاعم الشعبية،واشترى شطيرة ساخنة من"الفلافل" مسترجعاً على طريقة الأفلام الدرامية شريط حياته.
وقبل أن يعضّ على شطيرته انتقاماً من جوعه،انقضّ عليه كوماندوس الكلاب الشاردة،ونهشت الكلاب بدنه،ولا سيما أصابع يده اليمنى القابضة على الشطيرة.
انجلت العملية الخاطفة،
وعوت الكلاب في زهو ٍ
منسحبة إلى مواقعها،
فيما كانت أصابع شدوان المكلومة في الرمق الأخير،
تحاول جاهدة استعادة شطيرة الفلافل،
على الأقل ليحافظ على ما تبقّى من إنسانيته،
ولكي لا يموت جائعاً على طريقة غرمائه...

*************
القصة من مجموعة قصصية مخطوطة عنوانها"القبض على رأس السنة"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??