الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النص المفقود

محمد الذهبي

2014 / 9 / 8
الادب والفن


النص المفقود
محمد الذهبي
اختفى صديقه علي منذ سبعة ايام، لا احد يعرف عنه شيئا، آخر اتصال بينهما حين عاد علي من الجريدة، وكان في طريقه الى البيت، في آخر رحلة له مع علي الى مدينة بابل، وجد على جدران احد المعابد ورقة مدسوسة بين الاحجار، سحبها واذا هي نص شعري قديم مترجم بدقة عالية، استعارها علي لينشرها ويحاول ان يتناولها بشيء من التحليل، الزمن المبعثر هو عنوان النص، ويبدأ بهذه الكلمات:
عمدتني بريقها
نذرتني لاله قريب مني
اله اراه
انفه يشبه انفي
ويداه
كبيرتان
لكنهما لاتسعان الكون
اخذ يوسف يحاول تذكر بقية النص، لكنه لم يفلح، منذ سبعة ايام لم يظهر علي، وهو يرقب الطريق، لو يأتي احد منهما، راح يتابع الصحف ويقرأ، ويحاول ان يجد اثرا، لكن لاجدوى، لم يكن متأكدا ان النص سيظهر في احدى الصحف الكبيرة، تحت اسم شاعر كبير، عندها سيهرول نحو اول مركز للشرطة ليبلغ عن قاتل ، ترك النوم وراح يعدد اسماء الاصدقاء، ليتصل بهم واحدا بعد الآخر، لا احد يعرف شيئا عن علي ، كان يخجل ان يطرح قضية النص الشعري المفقود، بدأ يراقب حركة المطبوعات، يلملم اوراقه يوميا، ليذهب الى شارع المتنبي، يحقق مع الشعراء، حاكم مجموعات شعرية كبيرة، لكنه لم يهتد الى غايته، ودائما كان يردد ماحفظ من ذلك النص الذي سرق علي، وقف برهة وتصفح الوجوه: هل رأيت (علي)؟ كانت الاجابة دائما: ياعلي! فيرد: الصحفي الذي سرق نصا بابليا، يضحك منه المارة ويغادرونه سريعا، ليبقى يبحث على الارصفة...... اتفقنا ان يكتب عنه، ويحلله ومن ثم يعيده اليّ، فما الذي جرى؟.
منذ يوم وضع الورقة في جيبه وذلك الاتصال اختفى، غاب عن الانظار، من سرق من؟ هل النص سرق (علي) ام علي سرق النص، انه نص بابلي مليء بالالغاز والاحجيات، احتمال كبير انه تعويذة وضعها احد السياح على رقبته او في جيبه، واضاعها، فوجدها عامل النظافة ودسها بين الاحجار وهو لايعرف قيمتها، انها ترجمة رائعة، لكنني لم استمتع بتفكيك رموزها، هناك علامات كثيرة ، لم تكن علامات ترقيم، انها احجيات اضفت على النص صفة غيبية كبيرة، حتى انني اردت استعارة بعض المفردات، لكنني خشيت، وحتى حين اعطيت الورقة لعلي كنت خائفا جدا، استيقظت صباحا وانا اقرأ بعض المفردات المرسومة على يدي ، فحفظتها:
اله يشبهني
يضع يده فوق ايدي الجميع
وهم يبتهلون
هكذا وجدت هذه الكلمات، وعلى اثرها اتصلت بعلي فكان الهاتف مغلقا، ربما فقد النص، وربما فقد علي، وربما فقد الاثنان معا، اليوم السابع وانا لم اذهب الى العمل، دائرة النص المفقود تدور بي من مكان الى آخر، غادر المتنبي، ارصفة الكتب، ولم يجد اي شيء يوحي ان النص قد سرق من قبل شاعر كبير، وهو في زحمة افكاره وامانيه بعودة الاثنين، علي والنص المفقود، رن هاتفه وكان المتصل علي، فتح الهاتف بسرعة، يوسف انا آسف لقد سافرت سريعا ولم استطع الا تصال بك، اتصلوا بي ليلا وقالوا غدا السفرة، انا آسف، فرد يوسف: علي والنص.... اين النص؟ فرد علي بخجل كبير: يوسف النص تركته بجيب سروالي الايمن، وتمزق اثناء ماوضعته امي في الغسالة، فتعجب يوسف من لا ابالية علي ورد بقوة: كيف يحدث هذا، فقال علي: لاتبتئس لقد عرضته على نقاد، انه نص عادي ولايستحق العناء، ممكن ان يكون لشاعر مراهق، اسقطه في المعبد متعمدا، كيف هذا؟ رد يوسف، لقد وجدت بعض الكلمات مرسومة على يدي، انه نص مقدس ياعلي، فقال علي: دعك من هذه الافكار، لاشيء يستحق العناء، حتى نصك المفقود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية - الشاعرة سنية مدوري- مع السيد التوي والشاذلي ف


.. يسعدنى إقامة حفلاتى فى مصر.. كاظم الساهر يتحدث عن العاصمة ال




.. كاظم الساهر: العاصمة الإدارية الجديدة مبهرة ويسعدنى إقامة حف


.. صعوبات واجهت الفنان أيمن عبد السلام في تجسيد أدواره




.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث لصباح العربية عن فن الدوبلاج