الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتصار المقاومة غير المسبوق في غزة : مدخلات بدون مخرجات

عليان عليان

2014 / 9 / 9
القضية الفلسطينية



من حق شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة ، وفي الضفة الغربية ، و في مناطق 1948 ، وفي دول الطوق والشتات ، ومعه جميع أبناء الأمة العربية ، أن يحتفلوا بالنصر الذي حققته فصائل المقاومة على العدو الصهيوني ، بقتالها الأسطوري على مدى 51 يوماً ، والذي أذهل العدو الصهيوني ، ودفع مختلف مستوياته الامنية والسياسية والإعلامية للاعتراف بفشل الحرب العدوانية على قطاع غزة ، في تحقيق أي من أهدافها.
من حق الشعب العربي الفلسطيني ، أن يحتفل بالنصر التكتيكي ، لعدة اعتبارات أبرزها :
أولاً : لأن المقاومة الفلسطينية ، أذاقت العدو العدو طعم الهزيمة المرة بصواريخها المصنعة محلياً ، والمتطورة المقدمة لها من أطراف حلف المقاومة ( سوريا ، إيران ، حزب الله ) التي دكت القدس وتل أبيب وحيفا ونهاريا ونتانيا والخضيرة وبئر السبع وديمونة ،وجميع المغتصبات في فلسطين المحتلة .
ثانياً : لأن المقاومة نقلت من اللحظة الأولى المعركة إلى داخل مناطق العدو الصهيوني ، سواء عبر صواريخها أو عبر الإنزال خلف خطوط العدو من خلال الأنفاق الهجومية والإستراتيجية ، وأجبرت خمسة ملايين إسرائيلي على المبيت في الملاجيء على مدى 51 يوماً ، وفرضت على المستوطنين في جميع المستوطنات المحيطة بقطاع غزة مغادرة هذه المستوطنات ، ناهيك أن صواريخ المقاومة عزلت الكيان الصهيوني عن العالم أكثر من مرة ، جراء القصف المتكرر لمطار بن غوريون.
ثالثاً : لإن المقاومة كما حزب الله ، في انتصاره في حرب تموز 2006 - وعلى حد تعبير أحد قادة المقاومة - " حطمت نظرية الأمن القومي الإسرائيلي القائمة على التفوق النوعي ، وبقاء العمق الاسرائيلي الديمغرافي والاقتصادي آمن أثناء الحروب وأن تكون الحرب خاطفة ، وأن تتحكم إسرائيل بالمعركة ومساحتها ، غير أن المقاومة أخذت المبادرة وشرعت بتحطيم كل هذه العناصر السابقة".
رابعاً : لأن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة – ورغم الخلل في موازين القوى -خلقت توازناً للرعب ، كسر مفاعيل الردع الإسرائيلي ، وذلك من خلال الاستمرار في القصف المطرد لمواقع العدو الديمغرافية والاقتصادية في أرجاء فلسطين المحتلة كافة ، محدثة خسائر كبيرة في صفوف جيش العدو وفي اقتصاده .
خامساً : لأن المقاومة نجحت منذ اللحظة الأولى للعدوان الإسرائيلي الذي أطلق عليه العدو مسمى " الجرف الصامد " في إفشال عامل المفاجأة العسكري الإسرائيلي ، وتمكنت من موقعها الدفاعي الهجومي ، من إذهال العدو بمفاجآتها العسكرية الصاروخية والقتالية خلف خطوطه العسكرية ، ما يعني أن المقاومة رغم حالة الهدنة والهدوء النسبية على خطوط القتال منذ عام 2012 ، إلا أنها كانت تعمل بصمت ، وتراكم من خبراتها التدريبية والقتالية والتسليحية ، استعداداً لمثل هذه المنازلة وغيرها مع العدو الصهيوني .
سادساً : ولأن المقاومة أفشلت رهانات كل من المجتمع الدولي والنظام العربي الرسمي على تصفية المقاومة الفلسطينية ، بعد أن منحا العدو الصهيوني الوقت الكافي لذلك ، ولأن المقاومة سددت ضربة قاضية لهذه الرهانات بعد أن أفشلت أهداف العدو في تجريد المقاومة من سلاحها ، وفي تدمير سلاحها الصاروخي وتدمير منظومة أنفاقها.
لقد باتت مستويات العدو السياسية والإعلامية تعترف بفشل حرب " الجرف الصامد " في تحقيق أي من أهدافها ، ما دفع البرلمان الإسرائيلي " الكنيست " لتشكيل لجنة للتحقيق في أسباب الفشل ، في حين ذهبت العديد من الأوساط الإعلامية إلى حد الاعتراف بنصر المقاومة وهزيمة ( إسرائيل ) في هذه الحرب ، ولم يغير من واقع صورة الهزيمة ما يردده نتنياهو ما بين الفينة والأخرى ، بأنه دمر 30 في المائة من الأنفاق ، ونسبة كبيرة من مخازن الصواريخ ، في محاولة بائسة منه للتحايل على الرأي العام الإسرائيلي .
لكن هذه الصورة الوردية للانتصار ، الذي يعود في جوهره للصمود الأسطوري الذي أبداه الشعب الفلسطيني في القطاع الأشم ، ولقدرته الهائلة على الصبر والتحمل ( ما يزيد عن 2200 شهيد وعن عشرة آلاف جريح )... هذه الصورة أجهضت جراء ثلاث حقائق صعبة ومؤلمة ، جعلت انتصارات المقاومة مجرد مدخلات بدون مخرجات.
الحقيقة الأولى : أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي صاغته المخابرات المصرية ووافقت عليه فصائل المقاومة مضطرة – والماء يملأ أفواهها – لم يرتق لمستوى الانتصارات والإنجازات العسكرية سالفة الذكر ، ولم يرق لمستوى صمود الأهل وتضحياتهم في قطاع غزة.
فهذا الاتفاق رغم أنه نص على فتح المعابر لإدخال المساعدات ومواد الاعمار وعلى السماح للصيد بعمق ستة أميال بحرية ، إلا أنه أجل التفاوض والبت في القضايا الرئيسية ، ليصار إلى التفاوض عليها بعد شهر من تاريخ وقف إطلاق النار ( المطار ، الميناء ، عمق الصيد البحري بمسافة 12 ميلاً ، إلغاء المنطقة العازلة في الشريط الزراعي الشرقي لقطاع غزة والمتاخم لمناطق 1948 ، الممر الآمن بين الضفة والقطاع ، وإطلاق سراح أسرى صفقة شاليط ، وإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين القدامى قبل اتفاقات أوسلو ... ألخ .
وتأجيل التفاوض على القضايا الرئيسية – من واقع الخبرة في مفاوضات أوسلو وأخواتها على مدى 21 يوماً – يعني تأجيلها إلى الأبد ، وفي الذاكرة كيف تم تأجيل التفاوض على قضايا " الاستيطان والقدس واللاجئين " ، التي ظلت دون حل حتى اللحظة الراهنة ، ونراها تحسم يومياً لصالح العدو الصهيوني ، من خلال التهويد المطرد للقدس والاستيطان المطرد ، ومصادرة الأرض في عموم الأراضي المحتلة ، ومن خلال الرفض المستمر للتعاطي مع حق العودة للاجئين الفلسطينيين وفقاً للقرار الأممي رقم 194 باعتباره خطاً أحمر .
وبدون الخوض في تفاصيل وقف إطلاق النار الحالي ، يمكن القول من واقع المقارنة بين اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2012 وبين اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2014 ، بأن الاتفاق الأخير يشكل خطوة للوراء عن الاتفاق الأول .
فعلى سبيل المثال لا الحصر :
= مبادرة 2014 تربط وتشترط الاستمرار في فتح المعابر ، بين قطاع غزة والكيان الصهيوني ، باستقرار الأوضاع الأمنية على الأرض " أي بوقف المقاومة" وبوسع( إسرائيل ) أن تفتعل أي حادث يبرر وقف التسهيلات ، بينما شرط " استقرار الأوضاع الأمنية " لم يرد في مبادرة 2012 .
= مبادرة 2014 نصت على وقف استهداف المدنيين ، ما يعني السماح للعدو الصهيوني باستهداف رجال وكوادر وقادة المقاومة ، بينما مبادرة 2012 نصت على وقف استهداف الأشخاص " سواء كانوا مدنيين أو عسكريين " .
= مبادرة 2012 نصت على وقف الأعمال العدائية من قبل الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني في البر والبحر والجو ، بينما مبادرة 2014 أضافت " عبارة وقف الأعمال العدائية تحت الأرض " والمقصود بهذه الإضافة الأنفاق الحربية الفلسطينية... مع ضرورة الإشارة هنا أن تضمين المبادرة عبارة " وقف الأعمال العدائية " من قبل الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني ، يعني المساواة بين الاحتلال والمقاومة ، من زاوية توصيف المقاومة ضد الاحتلال بأنها أعمال عدائية .
الحقيقة الثانية : أن فريق أوسلو هو من تسيد مفاوضات وقف إطلاق النار معيداً الاعتبار للمفاوضات العبثية ، وذلك من خلال ما يلي :
1-اشتراط النظام المصري أن يترأس الوفد الفلسطيني في مفاوضات وقف إطلاق النار قيادي أوسلوي من السلطة الفلسطينية ، حيث تم تعيين عضو اللجنة المركزية لحركة فتح رئيساً للوفد هو عزام الأحمد .
2-اشتراط أن يكون المرابطين على معبر رفح من الجانب الفلسطيني من حرس الرئاسة في السلطة الفلسطينية.
3-أن رئيس السلطة الفلسطينية هو من أعلن وقف إطلاق النار من جانب المقاومة في قطاع غزة ، رغم عدم وجود أي علاقة له بها ، ورغم رفضه وكل الملتزمين بخطه السياسي لنهج الكفاح المسلح.
4- من خلال تضمين الديباجة في المبادرة ، عبارة متعلقة "بالالتزام بتحقيق ما يسمى بالسلام بالمنطقة " ، دون الإتيان على مرجعية الشرعية الدولية ، بما يعني تدشين الطريق أمام رئيس السلطة الفلسطينية للعودة إلى المفاوضات العبثية .
وتحت غطاء مبادرة المخابرات المصرية ، باشرت قيادة السلطة الفلسطينية فتح الطريق الاستكشافية للعودة للمفاوضات العبثية ، من خلال إرسالها فريق إلى واشنطن ، مهمته التباحث مع الإدارة الأمريكية ، بشأن وضع جدول زمني للمفاوضات لتحقيق الانسحاب الإسرائيلي من الأراض المحتلة.
الحقيقة الثالثة : أن القيادة البرغماتية المتنفذة الرعناء لحركة حماس في قطر نسبت النصر الذي حققته المقاومة ، في عامله الخارجي ، لكل من القاعدة الأمريكية المتقدمة في الخليح العربي ( قطر ) وللقاعدة الأمريكية الأطلسية المتقدمة في الشرق الأوسسط ، وحليف ( إسرائيل ) الإستراتيجي ( نظام أردوغان في تركيا ) أي أنها نسبت النصر لعدوي المقاومة وثقافتها.
لقد تجاهلت هذه القيادة الأخوانية، حقيقة جوهرية ، وهي أن انتصار المقاومة في عامله الموضوعي يعود لحلف المقاومة بحلقاته الثلاث ( سوريا ، إيران ، حزب الله ).
وهذا التجاهل والإنكار لدور حلف المقاومة ، سهل مهمة القوى المتآمرة في النظام العربي الرسمي ، في منع المقاومة من تحقيق إنجازات سياسية ترقى لمستوى الإنجازات الميدانية ، وشكل ضربة في الصميم لكتائب القسام التي تعرف وتعترف بحقيقة الحلفاء الذين زودوها ، وزودوا بقية فصائل المقاومة بكل ما يلزمهم من صواريخ وعتاد عسكري وموقف سياسي .
وكان يفترض ببقية الفصائل الفلسطينية ، التي ثمنت دور حلف المقاومة في صنع الانتصار ، أن تتصدى سياسياً لهذا التزييف الرجعي ، الذي تمارسه القيادة المتنفذة في حماس ، وأن تعلن بوضوح – كما أعلنت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – عن الدور المركزي لكل من سوريا وإيران وحزب الله في صنع الانتصار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المجر بقيادة أوربان تتسلم الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي..


.. الانتخابات التشريعية الفرنسية.. التجمع الوطني: الإغواء الأخي




.. انتخابات فرنسا.. ماذا سيحدث إذا لم يحصل أحد على أغلبية مطلقة


.. مستقبل غزة في -جيوب إنسانية- .. ملامح -اليوم التالي- تتكشف




.. إسرائيل تعتزم بدء المرحلة الثالثة من الحرب على غزة خلال أيام