الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين والجنون 12 – التجنين 4

عبدالله الداخل

2014 / 9 / 11
الادب والفن


الدين والجنون 12 – التجنين 4 (الوضوح -1)

1
تحوِّمُ الحقيقة ُفوقـَنا
بين رياح الكرامة والسقوط
وكي تستقرَّ بيننا،
لا بُدَّ من ثأرٍ يؤرّخنا
فنـُفردُ ألفَ جناحٍ يُحَلـِّـقـُنا
بين القبائل
لا بُدّ أن نثأرَ منـّا أولاً:
أمامَنا الآنَ دينٌ واحتلالٌ
وانسحابٌ زائفٌ
فتجريدُ الغزاة من سلاحهم فينا
سلاحِنا ضد أنفسنا
سلاحِنا الذي حملناه قبل الولادة
قبل وصولنا الأرحام
قبل أن نكونَ حتى فكرة ًغامضة ًمحتـَمَلة،
هو انتقامٌ مقدّسٌ،
لكنـّا حمَلـْـنا غموضاً محتـّماً
وأبّدْناهُ فينا،
فأبَّدْنا الخناجرَ في القلوب
فكيف نجرّد الغزاةَ من سلاحهم
سلاحِ الله ضد أنفسنا
سيوفِ الطين في الروح
رماحِ الغبار في العينين
عتاد الجنون؟

2
إنما التجنينُ من "عاقلين" لعاقلين
فالتملق للقويّ
بقاءٌ للضعيف!
لذا يكون التمثيلُ وليدَ الخوف
تجنباً للموت
وهو تمثيلٌ للحياة (للبقاء على "قيدِها"!)
من أجل وحدةٍ كاذبة
خلفَ كذبةٍ واحدة
راحت وجاءت
وهبّتْ علينا هبوباً كرجع الصدى!
سريعونَ نحن في تعفننا
كـُمَّثـْرَياتٌ معطوبة ٌ نحن،
تقضُمُها الجرذان
ثم يُغلـِّـفـُها الصدا !

3
يمحو الدينُ من رؤوس الأبرياء كلَّ فضيلةٍ
كلَّ فضيلةٍ على الإطلاق!
ويزرع كل الرذائل فيها
كلَّ رذيلةٍ على الإطلاق!
فأولاها خوفٌ واحترامٌ زائفٌ
لمجرمينَ وكاذبينَ وتافهينْ
وتعليم العبودية
وتبرير القسوة والتجسس والجريمة
وقتل الأبرياء،
لأنَّ تفضيل الخيال على الحقيقة
يُبقينا على قدرة الأطفال
فالدينُ طفولة ُعقلٍ
وجنونُ عصور!

4
وإني مثلاً قد أضيفُ إليَّ جنوناً
فأهتمّ بما يُقال عني في مماتي
أو بما قد يصنعون من بَدَني
فأمضي في الخيال حتى جنايتي الأطفال
على الأحفاد من حبٍّ عميق في حياتي
فأ ُحْزِنـُهُم كثيراً عند موتي
ثم أ ُسْعَدُ للحزن هذا قبيل الرحيل
فيكون حزنـُهمْ من أمنياتي!

5
كذبنا كثيراً على بعضنا
ويكذب الجميعُ على الجميعْ
فقد أجبرونا على الايمان بكذبةٍ كبرى
فمن لم يؤمن بكذبتهم
يُسْلـَبُ أو يُقتَلُ في وضح النهار،
وفي الـ"أنا" يصير الذكاءُ غباءاً
في معارك الخبز والعدو السريع
نحو الهاوية

6
تَسيلُ في وطني الدِّما
فأنزفُـُني
فتفوق دمانا نفطـَهُ المسروق!
حتى إذا لحقتُ به
ظننتُ أنَّ نحاسَ الخريف نجيع

7
وُلِدْتُ في وطنٍ أجبروني به
على قسمٍ بالولاء إلى ملكٍ
جاء به من الصحراءِ جندُ الإحتلال
فارتسمَتْ على رأسي علاماتُ الضَّياع
فصرت في كل يوم أضيع!
علموني في مدارسهِ
أصولَ الخوف
واحتراماً لكاذبينَ ومجرمين
مثلما للأبوينِ وللكبير!
كانت طقوسُ الأكاذيب الصغيرة
وآياتُ ترتيلٍ وتعميدٍ وتهليل
وأسماءُ رجال الطين
تُخَطـّـُ على غطاء وسادتي!
ولما كبرتُ قليلاً
قصّـُوا عليّ أخبارَ ملائكةٍ عمالقةٍ
تقاتلوا بالسيف برقاً ورعداً في السماء
فكان حظي مع الغيم باكياً
ومستقبلي ليلاً مطير!

8
تساءلتُ لمَ الخداعُ والجريمة؟
أما كان للمحتل أن تأتي حضارتـُهُ
صدقاً ونوراً بلا أكذوبة التحرير؟
فقد تركوا أدغالَ أوربا
وجاءوا صحارانا التي لا يمرّ ُسلامٌ بها
إلاّ بأعقاب موتٍ غفير

9
ساءَلـْتُ رأسي: قدماكَ أينهما؟
وأيهما ستبدأ أولاً
أيهما سوف تـُدرك العدوى
وأيهما أدرى بأعراض المصير؟
فها أنا وأنتَ سنخطو
ساقان متعَبَتانِ في جسد المسير
قبل السفر!

10
من مدن العار جاءوا
من المدن الراذلة
الى قرى الظلام
كي تظل على خوفها
على الجبن القديم
فالجبانُ لا يستطيع قتلَ إلهٍ تافهٍ، ولو سرّاً، بداخله
فكيف تستفيق القرى
وهل يرفرف للفجر فيها جناح؟
حتى ولو في الربيع حين تقترب البساتين من القلوب
لتمحو جنـَة الله من الذاكرة!
فالجِنانُ التي تجري من تحتها الأنهار
إنما خلفَ أسيجة القصور

11
في كل ظهيرةِ صيفٍ
تهبط الجحيمُ في أزقتنا ونشم دخاناً في الغبار
وحين نمشي حفاةً كعادتنا
فإنـّا نحث الخطوَ على كامن الجمر فيها
على رمادٍ فائرٍ له لون التراب
فنحسّ ُاحتراقَ باطنِ القدمين
في لبّ الضلوع
لكن السماءَ تصفو
حين يختفي منها الإله ويبقى
وجهُ الرغيف المضيء الصديق القديم
ذلك البدرِ البليلِ الظليل،
ولم يكن من أرضٍ نقدّسُها
غير تربةِ النهرين التي
بها النعناعُ ينمو
ثم يسري هادئاً يمسحُ الأُفـْـقَ فيها
مثلَ ظلٍّ غروبيٍّ لغابات النخيل

12
كنتُ لا أقدّسُ مبنىً
بعيداً عن كوخ أحلامي
ولا نوراً غير نافذة الشعر
وابتسام الشمس فيها
ففي كل ليلةٍ أكون بانتظار الفجر
كي أستعيد توازني في النهار
بميزان عينيَّ
فلا أقتفي أثرَ اللصوص،
لكني كنتُ بلا سلاحٍ
وليس من يحميني
والناسُ بين ميّتٍ وقتيل
فليس من عدلٍ ولا ميزان
ولستُ أؤمنَ بالقتل ولا القتال
فلا شأنَ لي بشأن الله في الموت!
فلمّا أجبروني على ترك البلاد كي لا أغيّر "مذهبي"
(حتى وإنْ لم يكن لي مذهبٌ)
جعلوا الدينَ فيَّ عدوّاً للوطن
للمكان الذي ما زال مسَمَّراً فيَّ
للطين الذي ظل يَعجُنني
لذا صار اللهُ كذلك ضدي
فآمنتُ بأن الدينَ غشّ ٌ
وهو جزءٌ من التجنين
يحتل العصور والقرونَ والسنينَ والأيامَ وأجزاءَ الثواني
ففي الثرثرات غموضٌ خانقٌ وظلام
والروحُ تحيا في الوضوح!
(يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أنا والست والجيران?? علاقة ممتعة بين مزاج صلاح عبدالله وصوت


.. كل الزوايا - الفنان أيمن الشيوي مدير المسرح القومي يوضح استع




.. كل الزوايا - هل الاقبال على المسرح بيكون كبير ولا متوسط؟ الف


.. كل الزوايا - بأسعار رمزية .. سينما الشعب تعرض 4 أفلام في موس




.. رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة يوضح الاستعدادات لعرض افلام