الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشكالية الثقافة العربية : أزمة دينية أدّت لتخريف سياسي

حمودة إسماعيلي

2014 / 9 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


في سوريا حزب سياسي بمرجعية شيعية يواجه معارضة سياسية ذات توجه سني، في مصر لملمة لِفوضى خلّفها حزب سياسي ذا مرجعية إسلاموية سنية، في تونس ديموقراطية مهددة من جانب معارضات سنية، في اليمن والبحرين وما جاورهما قمع سياسي وتضييق الخناق على المخالفين المذهبيين الشيعة، في فلسطين معارضة سنية تجلب الويلات على القطاع والحكومة بادخالها في صراع إقليمي مع صهيون لفرض هويتها الدينية على السياسة القومية للمنطقة، في العراق معارضة سنية تسعى لفرض مشروعها السياسي الرجعي كإبادة لمختلف الهويات العراقية : مثلما قام عبقري من الإمارات كان يعمل (سابقا) شرطيا أو شيء من هذا القبيل، باقتراح دمج المذاهب الشيعية في السنة !

إن إشكالية السياسة العربية لا زالت تقبع في الدين : فليس هناك تنافس مشاريع سياسية أمام اقتراع المواطنين، بل الصراع يعود لأصول تاريخية لا تمت للمشاكل السياسية الحالية بصلة ـ كالبطالة والتعليم والصحة والسكن وفرص العمل ـ لا يزال معاوية يجمع أصحابة ويخطط لإبعاد علي وأتباعه من السلطة. هم كانوا دويلة في إطار النشوء تبحث عن تأكيد الصلاحية في تولي الشأن العام للجماعات القبلية. الآن المجتمع يحتاج للأكل والعمل والاستفادة من المنتجات التكنولوجية والإعلامية، يحتاج الإنسان للعيش بطريقة محترمة ثم تأتي بعد ذلك الهوية أو الترف الوجودي كتفسير لدور الإنسان الشبعان في الحياة : فالجياع لا يتبعون النبي لأنهم يؤمنون بما يقول بل لأنه يعدهم بالطعام، الشبعان هو الذي يهتم بمبادئه الفكرية أو المناقشات الفلسفية أو حتى معارضته مبدئيا.

إن ما يحدث حاليا من صراعات سياسية ـ لا علاقة لها بالسياسة بقدر ما لها عالقة بالدين ـ في المنطقة، إنما تكشف عن غياب وعي سياسي عربي، فالصراع ما هو إلى حجاب للعجز عن إيجاد حلول اقتصادية واقعية لمشاكل الشعب. فيتم عصر آخر قطرات الدين الإسلامي الذي استهلك ثم استهلك ثم استهلك على مدار تاريخه حتى بدا أنه يلفظ أنفاسه !!

لم تعرف أوروبا سياسة فعلية إلا بعد سقوط الفاتيكان كسلطة حاكمة للمجتمع الأوروبي، ولم ترى المشاريع السياسية النور إلا بعد موت المسيحية كغطاء سياسي بالقرون الوسطى . المسيحية عادت كديانة وليست كسلطة للحكم. النخب العربية المابعد الربيع العربي تكافح في إعادة بعث الروح الدينية في المشاريع السياسية الحديثة لأنها لا تفقه في التسييس الاجتماعي : فالثقافة العربية ثقافة دينية، وليست ثقافة سياسية، نحن نسلي الروح ونفاجي النفس ونأمل ونأمل ونأمل حتى لا نمل، لا نرسم وقائع تعاش تجعل من الفرد في مواجهة الحياة والأزمات والصعوبات، تجعل الإنسان يعيش واقعه كتصنيع لمستقبله، لا أن يرتع في الماضي : كما ينحبس المصدوم والمضطرب في ماضيه الآمن.

ستستمر أزمة السياسة العربية في الدين : حتى يتخلى السنة أو الشيعة عن ديانتهم ! فلو صارت الشيعة ملحدة ياترى ؟ ما الذي سيقدم عليه السنيون ؟ سينقسمون هم أنفسهم لسنة وشيعة جديدة !! ف"ريما" مريضة بعادتها القديمة ! فلن تكون هناك لدينا سياسة أو هوية أو أسلوب حياة أو أهداف أو سلوك إذا لم تكن هناك سنة وشيعة ـ بالداخل؛ وكفرة ونصارى ـ بالخارج. هكذا تفهم السياسة العربية العالم، أما الديموقراطية والليبرالية والاشتراكية فلا هي من ديننا ولا هي من ثقافتنا ولا هي من لغتنا حتى. أين هي السياسة أصلا حتى تحتوي هذه المفردات، لذا دعنا في شيعة وداعش وسنة وشورى وروى إمامنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج.. فسياستنا عرجاء !

من بين الحشود يظهر البعض، مقترحين أن الحل في البنوك الإسلامية، فيعلنون بذلك افلاس العقل والثقافة الاقتصادية؛ داهسين عن جهل الإدراك السياسي بأن نجاح أي مشروع اقتصادي أو اجتماعي أو مؤسسي يعتمد على الإدراة وتوزيع المهام واستغلال الوقت (دون ذكر الكفاءة وخلق الفرص). ولكن لما لا نأسلم الرياضيات فنقسم المعادلات بين السنة والشيعة، فيكون لدينا حساب التفاضل والتكامل السني والهندسة الشيعية، فذلك ما تبقى لنا من تراهات : أشهرها خدعة اليسار السياسي. ليس هناك يسار تقدمي أو اشتراكية ثورية إلا بالنسبة للكتاب والأدباء، أما بالجو السياسي فهناك يمين راديكالي ويمين نيولوك (وهو ما نظنه أو نسميه يسار) وهو في النخاع يميني محافظ يحاول إبراز ذاته في الجانب الآخر !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2014 / 9 / 11 - 00:19 )
- مناظرة العلمانية والإسلام د. هيثم طلعت ومصري ملحد masrymolhed :
http://www.youtube.com/watch?v=RJijFFi01aA

- فضائح الدروانيه وفضائح اخلاق الملاحده الاجراميه (متجدد)؟ :
http://antishobhat.blogspot.com/2012/11/blog-post_2522.html

اخر الافلام

.. رداً على روسيا: بولندا تعلن استعدادها لاستضافة نووي الناتو |


.. طهران تهدد بمحو إسرائيل إذا هاجمت الأراضي الإيرانية، فهل يتج




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل بعد مقتل اثنين من عناص


.. 200 يوم على حرب غزة.. ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية | #




.. إسرائيل تخسر وحماس تفشل.. 200 يوم من الدمار والموت والجوع في