الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مواطنون درجة ثانية

أحمد خليفة أحمد

2014 / 9 / 11
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


لماذا لا نكون منصفين ؟!

- الطبيعة بفطرتها الأولية عادلة ومنصفة ولا تفرق بين وجودية الكائنات والظواهر والمدركات الحسية والغير حسية ، كلٌ تعاملهُ بكينونته ومبدأ وجودي حتي الموت وهو أبشع صور الجمالِ عادلٌ ومنصف فما سمعنا عن أحدٍ استطاع أن يُغفِلَ الموت عنه.
ولكن حكوماتنا تغفل ومجتمعاتنا تغفل وأفكارنا تغفل عن معني الإنصافِ . مفهومهم للعدلِ " هو ألا تعقيب علي أحكام القضاء "
القضاء البشري ، الموجه ، المُسَيَس .

- كان لحسن حظي أن أولد بعيدًا عن صخبِ المدينة " كل مدينة" ، أقبل بمنطقي الريفي دون تعصب له وأراه ثغرة هاربة من نشأةِ الوجود أن أتعرف علي الألوان بحقيقتها الأولية الصادمة ، أن أغزِلَ أول كل شئ بيدي ، أن يكون صياح الديكة هي الأداة التي تُخبرك بشروق الشمسِ وبداية يومٍ جديد ، أن أتعرف علي الأمورِ بالإدراك الريفي النقي الساذج ، ألا أقبل بإستبدال أطرافي بأداتين إحداهما قاطعة " سكين" والآخري قانصة " شوكة " حتي وهم بأكثر حالاتهم إستمتاعًا " وقت الطعامِ " يستخدمون أداوت حربٍ .
هناك حيث الطبيعة تتجلي في أبهي وأصدق صورها ، ورغم ذلك فإني "ريفيٌ فاشل " لم أزد عليه غرسه ، ولم أرع ماشية تكتشف من خلالي جمال الوجود ، لم أذب في تفاصيله وأكتفيت بمظهره الجمالي .

- ولكننا في حساباتهم –"هم" ضمير المسوخِ- مواطنون درجة ثانية ، أننا مجتمعات رفضت المدنية والتحضر ورأت أن في تمدينها الهلاك المحتم، وضربوا بيننا وبينهم بابٌ باطنه " نظرة إستهجان ونفور" و" ظاهره مرحلة من مراحل التكوين الحضاري ".
لم يقتصر حديثي عن الريف والقري بل كل ما هو خارج مجرة " العاصمة " فلأننا مجتمعات حديثة عهدٍ بكل شئ وأي شئ له علاقة بمفهوم "الإنسانية" ظل يعظمُ هذا الباب الموصودِ بين الريفِ والمدينة حتي طال المحافظاتِ بأكملها ويكون كل ما هو خارج مجرة العاصمة فهو "مستهجن".
لم تقصر الحكومات والأنظمة علي مختلف مرحلها في توطيد أساساتِ هذا الباب وأصبح جدارًا عازلاً ، فالعاصمة هي الساهرة ، الساحرة ، الفاتنة ، وما دونها مراحل تطورٍ يُشارُ لها مجازًا ، فأصبحت العاصمة هي الحاضنة لدورِ الفنون ودوائر القرار بها المسارح والسينمات ودور النشر والمحافل والوزارات والهيئات وكل ما هو "معلم حضاري" وهذا إعتراف منهم بأن الحضارة لم تطل إلا العاصمة .

- أصبحت المحافظات هي الوقود الذي يحترق لينير "يوتوبيا العاصمة" فمنها الصناعية والزراعية والساحلية اختلاف بيئي غرضه استنزاف الموارد لا تكافؤ البيئات ، وكل حاكم وحكومته تأتي لا لشيء سوى تأكيد هذا الأمر تشاركوا جميعًا في الأمرِ ذاته ليخرجوا لنا بوجهِ غوغائي لا يدرك من التحضر سوى شكلياتهِ ومظاهرهِ الفظة التافهة ، فأصبحنا عرضًا ساخرًا للآخرين تحت عنوان " مجتمعات العوالم المتخلفة " .
أما تساءلت كيف بفرنسا عاصمة الجمال والسحر تجعل من مدينة " كان " محفل ومزار عالمي وهي ليست بالعاصمة ولا ضمن مدنها الساحرة ، إنهم أدركوا أن التحضر إنما خلق للمجتمع بأكملهِ .

- مساكين أبناء هذا المفهوم ومتعصبي المدينة الذين يدركون بأن رابطة العنق الفاخرة هي أهم مظهر من مظاهر حضارته ، أصبحوا سوقًا لمنتجاتٍ وبضائع مستهلكين لكل شيء لا منتجين إلّا لمظاهر التعفن الفكري ، ثوروا فإن الثورات لم تخلق لتطيح بالحكام وتبقي علي الأفكار ، أحرقوا هذه الأفكار لعلها تُطهر أرواحكم .
وإن كانت المدنية والتحضر في فعلكم وأفكاركم ومبرراتكم الواهية فإني كافرُ بها والمجد " للمواطنون أصحاب الدرجة الثانية "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البيت الأبيض: واشنطن لم تتسلم خطة إسرائيلية شاملة تتعلق بعمل


.. اتفاق الرياض وواشنطن يواجه تعنتا إسرائيليا




.. إسرائيل وحماس تتبادلان الاتهامات بشأن تعطيل التوصل إلى اتفاق


.. خطة نتياهو لتحالف عربي يدير القطاع




.. عناصر من القسام يخوضون اشتباكات في منزل محاصر بدير الغصون في