الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شموس العراق تضيء الآفاق: جنان العاني و جماليات الإختفاء

زيد كثير الحمداني

2014 / 9 / 11
سيرة ذاتية


جنان العاني فنانة فوتوغرافية و مخرجة أفلام فيديوية وثائقية ومتخصصة في التصوير الفوتوغرافي الجوي ولدت في مدينة كركوك عام ١-;-٩-;-٦-;-٦-;- من أم أيرلندية و أب عراقي، و عاشت في تلك المدينة حتى عام ١-;-٩-;-٨-;-٠-;- حيث غادرت العراق و هي في سن الرابعة عشر الى المملكة المتحدة و مازالت تقيم في لندن منذ ذلك الحين.
التحقت جنان بمدرسة بيام شو للفنون في لندن و حصلت على شهادة الماجستير في التصوير الفوتوغرافي من أكاديمية الفنون الملكية عام ١-;-٩-;-٩-;-٧-;-. أضف الى ذلك فقد حازت الفنانة على إجازة في اللغة العربية من جامعة ويستمنستر قبل سنتين من حصولها على شهادة الماجستير، مما منحها حساً ثقافياً عالياً على المستويين الفني و المعرفي. و حصلت أيضا على العديد من الجوائز العربية و العالمية خلال مسيرتها الفنية المستمرة منذ عقد الثمانينات و الى الآن.
عملت العاني في بداياتها على موضوع الرؤية الاستشراقية للشرق الأوسط و صورة المرأة الشرقية في التراث الفني الغربي، غير ان حربي الخليج (١-;-٩-;-٩-;-١-;- و ٢-;-٠-;-٠-;-٣-;-) أثرتا على شخصيتها الفنية و أعمالها اللاحقة تأثيراً ملموساً. حيث أنتجت في عقد التسعينات سلسلة من أعمال الفيديو تتمحور حول نقد الروايات البصرية الغربية للمنطقة العربية و أثبتت أن تلك الروايات لا يمكن الوثوق بها لما تحمله من نظرة سطحية مقصودة. و بعد حرب الخليج الثانية حدث تغيير جوهري في بيئة عمل الفنانة جنان العاني تمثل في انتقال انتاجها من حيز مختبرات التصوير الداخلية الى المواقع الخارجية و بدأت بالعمل على مشروع جماليات الاختفاء (أرض بلا بشر). و هو عمل فيديوي يعتمد على مزج صور فوتوغرافية جوية مأخوذة من ارتفاعات متفاوتة تم تصويره في جنوب الأردن في أرض تقع شرق إسرائيل في فلسطين المُحتلة.
في مشروع جماليات الاختفاء الذي استخدمت فيه الفنانة كاميرا مثبتة عمودياً تحت جناح طائرة صغيرة تم التصوير بطريقة مواقع الظلال و التي تستخدم من قبل المشتغلين في علم الآثار للكشف عن المواقع الأثرية و التاريخية. يجري التصوير في الوقت الذي تكون فيه الشمس في اقرب نقطة الى الأرض وذلك في الصباح الباكر أو بعد الظهر حيث يكشف الضوء الخافت تضاريس واطئة على الأرض لا يمكن رؤيتها في غير هذين الوقتين و بذلك يُمكن التعرف على منشآت تتعلق بالوجود الإنساني و رصد حركة البشر و فعاليات حياتية أخرى لا تبان عند التصوير الجوي الاعتيادي و الذي تم استخدامه من قبل الغرب للترويج لفكرة زائفة مفادها ان المنطقة العربية وتحديداً الشرق الأوسط تتشكل في غالبها من مساحات صحراوية غير مأهولة بالسكان و لا تحفل بأي نشاط إنساني مما يُسهل من عملية غزوها كما حدث في حربي الخليج و كذلك في الحروب التي خاضتها إسرائيل لطرد الفلسطينيين من أراضيهم بحجة أن تلك الأراضي بلا بشر.
جدير بالذكر ان جنان العاني حاولت انتاج أفلام من داخل الأراضي المحتلة الا انها منعت من قبل السلطات الإسرائيلية. لذا فمشروع جماليات الاختفاء بما تضمنه من مشاريع كمواقع الظلال ١-;- و ٢-;- كشف أن تلك الأراضي لها تاريخ و فيها وجود انساني حقيقي على غير ما هو سائد في الثقافة الغربية لفترة طويلة.
و في مشروع آخر من مشاريع "جماليات الاختفاء" و قد أسمته الفنانة "المنقبون" تم تثبيت كاميرا فوق مدخل "مستعمرة نمل" و تظهر في الفيلم مجموعة من النملات العاملات يدخلن الحفرة و يخرجن منها لنقل حبات الرمل من داخل الحفرة الى خارجها، و قد تم تصويرهن عن قرب تارة فيظهر للرائي النشاط الحياتي لتلك الكائنات و عن بعد تارة أخرى فيختفي ذلك النشاط. هذا الأسلوب في التصوير الذي اتبعته جنان العاني يُحاكي الطريقة التي يتعامل بها الطيارون الحربيون الامريكان -على سبيل المثال لا الحصر- مع المجموعات البشرية عند تصويرها حيث تبدو في اللقطات البعيدة مجموعات لا إنسانية في عين كاميرا التصوير فيتم بموجب ذلك التعامل معها كأهداف مشروعة اعتماداً على تلك الخلفية المزعومة.
لقد عبرت جنان العاني في جماليات الاختفاء عن الكارثي بطريقة فنية حيادية الخطاب أبرزت من خلالها بشاعة الحروب و بينت استحالة الركون الى التراث البصري الغربي المتعلق بالفوتوغرافيا الجوية للمنطقة العربية و الذي يُحاول الغاء الآخر و التعتيم على وجوده الإنساني. و بالتالي بينت مدى الحاجة الى نقد الروايات الرسمية البصرية لتاريخ المنطقة و طبيعتها و التي كانت سائدة في الوعي الغربي منذ القرن التاسع عشر.
جدير بالذكر ان تسمية جماليات الاختفاء قد استعارتها الفنانة من نص كتبه المُتخصص في تخطيط المدن الفيلسوف الفرنسي بول ڤ-;-يريليو و ذكر فيه حادثة طريفة عن السينمائي جورج ميلياس الذي كان يصور في الشارع حينما تعطلت كاميرته فجأة و بعد أن أعاد تصليحها و تشغيلها وجد أن الناس الذين كان يُصورهم قد مضوا. و حين راجع ما صوره بعد مضي النماذج البشرية أكتشف و عن طريق الصدفة طريقة تمكنه من جعل الناس يتلاشون كلياً من المشهد و في الوقت ذاته يبقى للمشهد الفارغ من عناصره جماليته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تصحيح
زيد كثير الحمداني ( 2014 / 9 / 11 - 08:30 )
التواريخ هي

1966
1980
1997
1991
2003

اخر الافلام

.. شهداء وجرحى إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في مخيم النصيرا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل طلبة معتصمين في جامعة ولاية أريزونا ت




.. جيك سوليفان: هناك جهودا جديدة للمضي قدما في محادثات وقف إطلا


.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي




.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة