الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين والجنون 14 – الوضوح 2

عبدالله الداخل

2014 / 9 / 11
الادب والفن


الدين والجنون 14 – التجنين 5 – (الوضوح 1 و 2)

1
تحوِّمُ الحقيقة ُفوقـَنا
بين رياح الكرامةِ والسقوط
وكي تستقرَّ بيننا،
لا بُدَّ من ثأرٍ يؤرّخنا
فنـُفردُ ألفَ جناحٍ يُحَلـِّـقـُنا
بين القبائل
لا بُدّ أن نثأرَ منـّا أولاً:
أمامَنا الآنَ دينٌ واحتلالٌ
وانسحابٌ زائفٌ
فتجريدُ الغزاة من سلاحهم فينا
سلاحِنا ضد أنفسِنا
سلاحِنا الذي حملناه قبل الولادة
قبل وصولنا الأرحام
قبل أن نكونَ حتى فكرة ًغامضة ًمحتـَمَلة،
هو انتقامٌ مقدّسٌ،
لأنـّا حمَلـْـنا غموضاً محتـّماً
وأبّدْناهُ فينا،
فأبَّدْنا الخناجرَ في القلوب
فكيف نجرّدُ الغزاةَ من سلاحهم
سلاحِ الله ضد أنفسنا
سيوفِ الطين في الروح
رماحِ الغبار في العينين
عتاد الجنون؟

2
إنما التجنينُ من "عاقلين" لعاقلين
فالتملقُ للقويّ
بقاءٌ للضعيف!
لذا يكون التمثيلُ وليدَ الخوف
تجنباً للموت
وهو تمثيلٌ للحياة (للبقاء على "قيدِها"!)
من أجل وحدةٍ كاذبة
خلفَ كذبةٍ واحدة
راحت وجاءت
وهبّتْ علينا هبوباً كرجع الصدى!
سريعونَ نحن في تعفننا
كـُمَّثـْرَياتٌ معطوبة ٌ نحن،
تقضُمُها الجرذان
ثم يُغلـِّـفـُها الصدا !

3
يمحو الدينُ من رؤوس الأبرياء كلَّ فضيلةٍ
كلَّ فضيلةٍ على الإطلاق!
ويزرع كل الرذائل فيها
كلَّ رذيلةٍ على الإطلاق!
فأولاها خوفٌ واحترامٌ زائفٌ
لمجرمينَ وكاذبينَ وتافهينْ
وتعليم العبودية
وتبرير القسوة والتجسس والجريمة
وقتل الأبرياء،
لأنَّ تفضيل الخيال على الحقيقة
يُبقينا على قدرةٍ دونَ قدرةِ الأطفال
فالدينُ طفولة ُعقلٍ
وجنونُ عصور!

4
وإني قد أضيفُ إليَّ جنوناً
فأهتمّ بما يُقال عني في مماتي
أو بما قد يصنعون من بَدَني
فأمضي في الخيال حتى جنايتي
على الأحفاد من حبٍّ عميق في حياتي
فأ ُحْزِنـُهُم كثيراً عند موتي
لأني أ ُسْعَدُ في حزني قبيل الرحيل
فيكون حزنـُهمْ من أمنياتي!

5
كذبنا كثيراً على بعضنا
ويكذب الجميعُ على الجميعْ
فقد أجبرونا على الايمان بكذبةٍ كبرى
فمن لم يؤمن بكذبتهم
يُسْلـَبُ أو يُقتَلُ في وضح النهار،
وفي الـ"أنا" يصير الذكاءُ غباءاً
في معارك الخبز والعدو السريع
نحو الهاوية

6
تَسيلُ في وطني الدِّما
فأنزفُـُني
فتفوق دمانا نفطـَهُ المسروق!
حتى إذا لحقتُ به
ظننتُ أنَّ نحاسَ الخريف نجيع

7
وُلِدْتُ في وطنٍ أجبروني به
على قسمٍ بالولاء إلى ملكٍ
جاء به من الصحراءِ جندُ الإحتلال
فارتسمَتْ على رأسي علاماتُ الضَّياع
فصرت في كل يوم أضيع!
علموني في مدارسهِ
أصولَ الخوف
واحتراماً لكاذبينَ ومجرمين
مثلما للأبوينِ وللكبير!
كانت طقوسُ الأكاذيب الصغيرة
وآياتُ ترتيلٍ وتعميدٍ وتهليل
وأسماءُ رجال الطين
تُخَطـّـُ على غطاء وسادتي!
ولما كبرتُ قليلاً
قصّـُوا عليّ أخبارَ ملائكةٍ عمالقةٍ
تقاتلوا بالسيف برقاً ورعداً في السماء
فكان حظي مع الغيم باكياً
ومستقبلي ليلاً مطير!

8
تساءلتُ لمَ الخداعُ والجريمة؟
أما كان للمحتل أن تأتي حضارتـُهُ
صدقاً ونوراً بلا أكذوبة التحرير؟
فقد تركوا أدغالَ أوربا
وجاءوا صحارانا التي لا يمرّ ُسلامٌ بها
إلاّ بأعقاب موتٍ غفير

9
ساءَلـْتُ رأسي: قدماكَ أينهما؟
وأيهما ستبدأ أولاً
أيهما سوف تـُدرك العدوى
وأيهما أدرى بأعراض المصير؟
فها أنا وأنتَ سنخطو
ساقان متعَبَتانِ في جسد المسير
حتى قبل بدء السفر!

10
من مدن العار جاءوا
من المدن الراذلة
الى قرى الظلام
كي تظل على خوفها
على الجبن القديم
فالجبانُ لا يستطيع قتلَ إلهٍ تافهٍ، ولو سرّاً، بداخله
فكيف تستفيق القرى
وهل يرفرف للفجر فيها جناح؟
حتى ولو في الربيع حين تقترب البساتين من القلوب
لتمحو جنـَة الله من الذاكرة!
فالجِنانُ التي تجري من تحتها الأنهار
إنما خلفَ أسيجة القصور

11
في كل ظهيرةِ صيفٍ
تهبط الجحيمُ في أزقتنا ونشم دخاناً في الغبار
وحين نمشي حفاةً كعادتنا
فإنـّا نحث الخطوَ على كامن الجمر فيها
على رمادٍ فائرٍ له لونُ التراب
فنحسّ ُاحتراقَ باطنِ القدمين
في لبّ الضلوع
لكن السماءَ تصفو
حين يختفي منها الإلهُ ويبقى
وجهُ الرغيف المضيءِ الصديقِ القديم
ذلك البدرِ البليلِ الظليل،
ولم يكن من أرضٍ نقدّسُها
غير تربةِ النهرين التي
بها النعناعُ ينمو
ثم يسري هادئاً يمسحُ الأُفـْـقَ فيها
مثلَ ظلٍّ غروبيٍّ لغابات النخيل

12
كنتُ لا أقدّسُ مبنىً
بعيداً عن كوخ أحلامي
ولا نوراً غيرَ نافذةِ الشعر
وابتسامِ الشمس فيها؛
في كل ليلةٍ أكون بانتظار الفجر
كي أستعيد توازني في النهار
بميزان عينيَّ
فلا أقتفي أثرَ اللصوص،
لكني كنتُ بلا سلاحٍ
وليس من يحميني
والناسُ بين ميّتٍ وقتيل
فليس من عدلٍ ولا ميزان
ولستُ أؤمنَ بالقتل ولا القتال
فلا شأنَ لي بشأن الله في الموت!
فلمّا أجبروني على ترك البلاد كي لا أغيّر "مذهبي"
(حتى وإنْ لم يكن لي مذهبٌ)
جعلوا الدينَ فيَّ عدوّاً للوطن
للمكان الذي ما زال مسَمَّراً فيَّ
للطين الذي ظل يَعجُنني
لذا صار اللهُ كذلك ضدي
فآمنتُ بأن الدينَ غشّ ٌ
وهو جزءٌ من التجنين
يحتل العصور والقرونَ والسنينَ والأيامَ وأجزاءَ الثواني
ففي الثرثرات غموضٌ خانقٌ وظلام
والروحُ تحيا في الوضوح!


13
زمانُ التجنين هو الماضي
عالمُه الماضي
من خيالٍ أو خَبالٍ أو صورٍ
في رؤوس شياطينَ صغار
إلى حروبٍ كبيرة
من "ومضةٍ" في رأس درويشٍ
إلى الحرائق والخرائب
من فـُتاتِ فكرةٍ مجنونةٍ في رأس فِرْعَوْنٍ صغير
إلى سحق جبال الحقيقة
وبين هذي وتلكْ
تميلُ رؤوسٌ كثيرة ٌوعقول
لا نميّز فيها صحيحاً من عليل
فلمّا يَسلبُ الأوطانَ عميانـُها
"تستوي الظلماتُ والنور"!
لكنّ الزمانَ الذي يلوي الحديدَ الصّـُلـْبَ بكفـِّهِ
عاصفاً في المكانِ بدون هبوب
سيوقف الحقَّ على قدمين راسختين
وقوفَ الجبال

14
كل ظلامٍ بأحلامنا، كل كابوسٍ
جاء مع الدين
كل حروبنا أتت مع الدين
كل حرماننا، فروقِنا
كل فقر الفقراء
واضطهادات النساء
كل عارنا وغيرتِنا من بعضنا
كل حمقِنا، رعونتِنا، انتقامِنا
خوفِنا، حقدِنا، كآبتِنا
إيماننا بالــ"حَسَد"
كل سخافاتنا
جاءت مع الدين ومنه!
أكاذيبُ الدين تنطلي على العقلاء في زمن الطفولة
فتظل تقلقهم في الشباب
وفي الرجولةِ والكهولة،
تخيفهم حدَّ الموتِ حتى لحظةِ موتِهم
فلا يجرأون على تحدّي شبحٍ لم يرَوْهُ!

15
ثم يأتينا "كتـّابٌ" و "مفكرون"!
وتميمة ٌونميمة!
أكاذيبٌ لها حجمُ السماء
تخدع الأبوّةَ والأمومة والأنوثة والرجولة
فنميل الى طباع الشمس
عند المساء
أو عادة القمر الخجول
فالله نوعٌ غريبٌ من "آخرين"!

16
وليس التجنينُ من تخطيط مجنون
بل من دُهاةٍ "عاقلين"
وهم عاقلونَ لأنهم "لامؤمنون"!
فهم يُمثـِّـلون دورَ الله في كل أمرٍ
فأكون أنا "المؤمنَ" من بينهم!
لذا لن يمرَّ هذا الغشُ الطويلُ الطويل
هذا الألفُ ألفُ ميل
بهذا العمرِ، هذا الفِتـْرِ
هذا الجزءِ من ألفِ ألفٍ من المترِ
هذا الذي لا اكاد أراهُ، ولم أرَهُ
بل "أطالوه" بالقهـْرِ وبالـ"صبرِ"،
لن يمرَّ قبل أن ألعنَهم وما قدّسوا من أكاذيب القرون
فكم أهدروا من رِقٍّ ومن حبرِ
حين لم يقف عصرُهم على القدمين،
حملونا على احترامٍ كاذبٍ
وإيمان قائمٍ على التهديد
في السر والعلنِ
لذا اُهيلُ عليهم كلَّ ما يبصق التأريخ
في هوةِ الكون
من كل نفسٍ لكائنٍ في الأرض
بكل استجابةٍ من النخيل الحر والصفصاف
للعواصف والنسيم
أهيل عليهم من جذور الغبار في مزارع العواصف
لعنة ًمن كل الجبال ومن كل السهول
وكل الحقول التي دارت بها
رُحى الصراع مع التنـّين
لعنة ًمن كل الرمال التي استراحت على الشطآن
بعد مشقة الأسفار من الصحارى والجبال
متلوّيَــًة على ظهور السيول

17
لقد علمتني الحياة ألاّ أبكي أمام الآخرين
حتى يغادرَ الجميع
ففي وحدتي يكون للحزن طعمُ الحزن،
ومن مرور النهر الكئيب بقريتنا القديمة
للدمع معنىً أصيل

18
الدينُ والتجنينُ سيفٌ وصليل
رُعْبٌ وثرثرةـٌ
كل منهما يهتم بصاحبهِ، يغذ ّيه
ويسقيان بعضهما: خليلٌ وحليل
فيسيل الخوفُ طوفاناً
فالدينُ موتٌ لكل أرضٍ
وكل بئرٍ وكل منخفضٍ ونـَجْدٍ
خطرٌ على الحياة وأيِّ حراكٍ في الماء أو الهواء
عند أيِّ مخاضةٍ ترتخي بجنب النهر
قبل أن تؤدّي إلى قريةٍ أو مدينة
وإنْ لم تؤدِّ
لسبيل!

19
وحتى عند البحث عن أوطانَ أخرى
يلتصقُ الماضي بنا ليلحقنا في الظلام
يطوقنا من صرير الجنادب السود
بليل سُكـْـرٍ بعد سكـْـرٍ وعربدةٍ
ليظلَّ في الرأس
طنينُ الأذنين!

20
الدين عدُوّ للوطن "الجديد" كذلك!
لكل "حديقةٍ"!
فليس من وطنٍ!
هل الأوطانُ جناتٌ؟
وجنة ُالله بستانٌ كبيرٌ ملحقٌ
بمستشفىً للمجانين؟!

21
الدينُ ترنـّـُحٌ وفقدانُ اتزانٍ واختلال
حربٌ وموتٌ واحتلال
وسيلة ٌفينا للأغنياء الأغبياء!
فالجناتُ قد هبطت من زمان
لباحات القصور هنا
لم تعد في السماء!
ليس من وطنٍ
فالسماءُ هي الوطنُ البديل!
فكيف لا يكون اللهُ عدوّاً لأرضِ الوطن
لمّا تكون جحيمُه فيها
لدينا دليل؟
فمن لم يُلـْحِدْ عليها إذاً
إنما ورثَ العمى
ومن لم يُعلِن الحقَّ صريحاً واضحاً
جبانٌ أو ذليل!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا