الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر

فتحى سيد فرج

2014 / 9 / 12
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


تفاقمت ظاهرة التحرش فى مصر خلال السنوات الأخيرة حتى أصبحنا نتابع حدوثها كل يوم وكأنها شىء معتاد، بل وأصبحنا نسمع ونقرأ عن حوادث تحرش جماعى، ولم تعد الظاهرة تقتصر على استهداف السيدات فى مرحلة عمرية أو طبقة اجتماعية محددة، وإنما تحول التحرش لسرطان اجتماعى يهدد كيان المجتمع المصرى.
ولقد أشارت كثير من منظمات حقوق الإنسان وتقارير المركز المصرى لحقوق المرأة إلى أن أسباب ارتفاع ظاهرة التحرش ترجع إلى تدهور الأحوال الاقتصادية وازدياد نسبة مستوى البطالة وغلاء الأسعار، مما يقف عائقاً أمام كثير من الشباب للإقدام على الزواج والعمل على بناء حياة مستقرة، مما يؤدى إلى إحباط الشباب معنوياً ونفسياً.
ومن العوامل التى أتاحت للشباب ممارسة أفعال التحرش البذيئة؛ عدم وجود عقوبة رادعة من جانب السلطات، وفى بعض الأحيان يكون البعض شاهدا على هذا السلوك المشين دون تدخل أو اعتراض.
وهكذا فأننا نرى أن جذور هذه الظاهرة اقتصادية وسياسية واجتماعية قبل ان تكون تربوية واخلاقية، فعندما يكون هناك حوالي عشرين مليون عاطل عن العمل تحت سن الخامسة والثلاثين من شباب مصر بسبب فساد الدولة واجهزتها، ونهب المال العام واحتكار الثروات العامة من قبل حفنة محدودة، يمثلون اقل من %5 من الشعب، فان هذا يخلق حالة من اليأس والاحباط في اوساط هؤلاء الشباب ويدخلهم دفعا نحو الانحراف الاخلاقي خاصة اذا كانوا غير محصنين دينيا وتربويا.
تشير الباحثة مريم وحيد مخيمر فى دراسة لها بعنوان "الجسد بين الانتهاك والخصوصية ... رؤية لظاهرة التحرش الجنسى فى مصر" إلى أن جسد الانسان حظى فى الأديان والثقافات المختلفة بأهمية كبيرة، كما تم دراسته علميا من قبل العلوم المختلفة ومن زوايا متباينة، تهدف جميعها إلى التأكيد على ضرورة الحفاظ على هذا الجسد وحرمة انتهاكه وبالنظر إلى قضية التحرش الجنسى كإحدى أهم المشكلات التى تمثل انتهاكا لجسد المرأة وحرياتها، نجد أن تلك القضية تثير علامات استفهام كثيرة. فهل يعد التحرش ناجم عن احتياج أم اشباع لرغبة؟ أم امتهان أم تعدى واستباحة للآخر؟ وهل هو حالة للتعبير عن رفض لنوع أو جنس أو طبقة بعينها؟ هل المشكلة أمنية بالأساس ناجمة عن غياب الأمن؟ وهل تزايد التحرش بعد الثورة من فعل الثورة المضادة التى كانت ترغب فى إظهار مساوئ الثورة من انتهاك المجتمع وظهور البلطجية المأجورين، أي بمعنى أن هذا التحرش مدفوع لخلق حالة من الهلع؟
ورغم أنه خلال احتشاد الشعب المصرى أثناء ثورة 25 يناير لمدة ثمانية عشر يوما لم يحدث بها أية معاكسات أو تحرشات بالفتيات حينما كان الكل مجتمعا فى ميدان التحرير تحت هدف واحد و شعار واحد هو ضرورة مقاومة السلطة الغاشمة، بينما انقلب الحال منذ تظاهرات اليوم العالمى للمرأة فى 8 مارس 2011، حيث بدأت الحوادث الكبيرة للتحرش بالمرأة تظهر للعيان، وامتلأت الصحف وشاشات التلفزيون بمشاهد يندى لها الجبين مثل التحرش بالمراسلة الأمريكية لارا لوجان وغيرها من المصريات والاجانب.
لكن تلك الظاهرة لم تنشأ بين يوم و ليلة، وانما كانت نتاج لتراكمات كثيرة حيث كان هناك الكثير من الوقائع التي حدثت قبل ثورة 25 يناير وتحديدا فى شوارع وسط البلد عندما كانت تكثر تجمعات الشباب والفتيات فيستغل الشباب ذلك الزحام، ومن أكثر تلك الحوادث المؤثرة حادثة سينما وسط البلد الشهيرة عام 2006، التي دفعت وزارة الداخلية بعدها لإقامة كردونات أمنية لحماية النساء فى الشوارع من التعرض لحوادث التحرش فكان الحل الأمنى هو السائد مما أثار تساؤل: هل حوادث التحرش نتيجة لسيكولوجيا التزاحم فقط؟ وقد أكدت بعض التحليلات بالفعل على أنه مع التزاحم تشتد وتيرة تلك الحوادث، بينما أكدت تحليلات أخرى أن الزحام ليس السبب الوحيد أو البيئة المناسبة الوحيدة لوقوع تلك الحوادث والايام الأولى للثورة خير دليل على عدم صحة هذا التحليل.
وتشير تقاربر المركز المصرى لحقوق المرأة إلى أن 64.1% من المصريات يتعرضن للتحرش بصفة يومية، 33.9% تعرضن للتحرش أكثر من مرة، 10.9 % يتعرضن للتحرش بصفة أسبوعية، 3.9% يتعرضن للتحرش بصفة شهرية، كما أن 68% من النساء يتعرضن للتحرش فى محيط العمل، والمدهش أن 72% من المتعرضات للتحرش محجبات، والمؤسف أنه لم يقم بالإبلاغ عن التحرش سو 2.4% ، كل هذا جعل صحيفة "واشنطن بوست" تقول أن مصر تحتل المركز الأول فى التحرش بالمرأة تليها أفغانستان .
والغريب فى الأمر أن هناك ملحوظة هامة يحاول الجميع الهروب منها وهى : " كلما أزدادت حاكمية الدين الإسلامي على سلوكيات وأخلاقيات الفرد أزدادت أعراض التحرش فى سلوكياته " وقد أنعكس ذلك على المجتمع المصري الذي أزدادت فيه هذه الظاهرة بزيادة الحاكمية الإسلامية، والتى وصلت إلى ذروتها خلال فترة حكم الأخوان .
عرّف بعض المتخصصون التحرش بأنه "أي قول أو فعل يحمل دلالات جنسية تجاه شخص آخر يتأذى من ذلك ولا يرغب فيه" ويغلب ذلك من الذكر تجاه الأنثى.
ودراسة هذه الظاهرة من الصعوبة بمكان فالأرقام والإحصائيات لا تمثل إلا جانباً بسيطاً من تلك المعاناة التي تعيشها المرأة في مصر الآن، وذلك للأسباب التالية :
1. حساسية الموضوع : فكثيراً من ضحايا التحرش تخاف من الفضيحة، وتلويث السمعة، فأن أصابع الاتهام ستشير إليها بالدرجة الأولى، لذلك فهي تفتقد الجرأة والشجاعة في التحدث عن معاناتها .
2. بعض الضحايا تخاف من فقد عملها .
3. الخوف من تعثر الدراسة جعل بعض الضحايا يلتزمن الصمت .
4. شعور الضحايا بأن الجاني عليها لن يجد العقاب الرادع له .
5. إثبات حدوث التحرش من أصعب الأمور على المرأة .
لهذه الأسباب وغيرها سيظل موضوع التحرش بعيداً عن المعرفة الكاملة والألمام بصورته الحقيقية، ورغم ذلك فقد اقدم عدد من شباب حزب "المصريين الأحرار" بأمانة المنتزة بالإسكندرية على خوض مغامرة التعرف على اتجاهات الرأى العام حول قضية التحرش فى محاولة لإعادة نشاط مركز الدراسات السياسية .
بدأت فكرة هذا الاستطلاع بمبادرة من الشاب هانى ميخائيل الذى وضع مجموعة من الأسئلة ومن أجل مشاركة عدد من أعضاء لجنة الشباب دار حول هذه الأسئلة نقاش اسفر عن صيغتها بشكل أكثر دقة واقرب لروح الفريق الذى سيشارك فى استيفاء بيانات الاستطلاع، هذا وقد استغرقت مرحلة جمع وتصنيف وجدولة بيانات هذا الاستطلاع طوال شهرى مايو ويونيو عام 2014 .
العينة : تم عرض الأسئلة على عينة مكونة من 174 مواطن ومواطنة منهم 112 ذكور + 62 من الأناث، وبخصوص المرحلة العمرية انقسم الذكور إلى 22 فى حدود من (12 – 18) 61 (19 – 29) 11 (30 – 40) 3 (50 فأكثر) أما الأناث فقد انقسموا إلى 17 (12 – 18) 25 (19 – 29) 12 (30 – 49) 2 (50 فأكثر) وبخصوص المؤهلات للذكور (1ماجستيرر طب،13 مؤهل عالى، 39 طالب جامعى، 3 فوق المتوسط، 10 دبلوم، 18 طالب ثانوى، 1اعدادية، 6 عمال، 5 بدون مؤهلات، 16 بدون ذكر أى مؤهل) وانقسم الأناث وفقا لنوع المؤهل إلى (11 مؤهل عالى منهم معلمة وسيدة أعمال، 7 طالبة جامعية، 11طالبة ثانوى، 2 حاصلات على الثانوية العامة، 5 دبلوم، 2 اعدادية، 7 ربة منزل، 2 محو أمية، 3 بدوون مؤهل، 12 بدون ذكر أى مؤهل) وهكذا يمكن القول أن العينة كانت ممثلة لكل الفئات الاجتماعية والمراحل العمرية والمستويات التعليمية، وفيما يلى جدول يحتوى على النتائج التى توصل إليها فريق العمل، وتحليل أولى لدلالات هذه النتائج .
جاء السؤال الأول عن : السبب الرئيسى لظاهرة التحرش، ويتضح من الاجابات والشكل البيانى رقم (1) أن نسبة وصلت إلى 33% ترى أن السبب الرئيسى يكون حسب الموقف، وقد اجاب 29% ان كلا الأثنين المتحرش والمتحرش بها يكونا سببا للتحرش، بينما يرى 24% من العينة أن المتحرش هو السبب الرئيسى، وهذا يؤكد ما جاء فى عديد من الدراسات بأن الشباب خاصة من يعانون من الاستلابب والضياع وغياب الهدف هم أكثر الفئات التى تقوم بالتحرش فالشاب بإعتدائة على الفتيات حتى لو كانت تردى أكثر الملابس احتشاما، يمارس شكل من أشكال التحدى للدولة والمجتمع، ولم يرى أن البنت المتحرش بها هى السبب الرئيسى للتحرش سوى 14% من العينة فى دلالة واضحة أن البنت بصفة خاصة ليست السبب الأول للتحرش .
كان السؤال الثانى حول العامل المسبب للتحرش، وعلى عكس الدراسات التى اجرتها مراكز البحوث وأكدت أن العوامل الاقتصادية هى الأساب الأسااسية فى انتشار ظاهرة التحرش، جاءت استجابة العينة كما يوضحها الشكل رقم (2) لترى أن غياب التربية يمثل العامل الأول كسبب للتحرش بنسبة 27%، والعامل الثانى هو ضعف الوازع الدينى بنسبة 24%، وجاء الفقر والبطالة فى المركز الثالث بنسبة 14%، وجاء العامل النفسى وتأخر سن الزواج فى المركز الرابع بنسبة 11% لكل منهما، وتعكس هذه النتائج وجهات نظر المواطن العادى وتقديرة للعوامل المسببة للتحرش .
اختلف الباحثون حول توصيف المتحرش هل هو مجرم ؟ يستوجب العقاب، أم مريض؟ يستوجب ان نعالجه، لذلك كان من المهم الاسترشاد برأى الجمهور حول هذه القضية ، من أجل هذا جاء السؤال الثالث والذى يوضح شكل (3) أن 54% من العينة اعتبرت أن ظاهرة التحرش تشكل جريمة، بينما رأى 28% أنها مجرد مرض، وهناك من تأرجح ولم يحسم رأيه وترك الأمر حسب الموقف بنسبة 12%، والبعض بنسبة 6% اعتبر التحرش مجرد عادة .
نشر الدكتور محمد المهدي بحث علمى ضافى عن التحرش الجنسي أشار فيه إلى أن هناك استراتيجيتان للتعامل مع حالات التحرش
1. التفادى : وتعنى تجنب الأماكن والمواقف التى يتوقع فيها التحرش .
2. المواجهة : وفيها تواجه الفتاة المتحرش إما بنظرة حازمة ومهددة, أو بكلمة رادعة ومقتضبة, أو بتغيير مكانها ووضعها, أو بتهدديده وتحذيره بشكل مباشر, أو بالإستغاثة وطلب المساعدة ممن حولها, أو بضربه فى بعض الأحيان .
لذلك كان من الطبيعى أن يحتوى الاستطلاع على سؤال عن رد الفتاة، وجاءت الإجابات كما يوضحها شكل (4) حيث حظى طلب المساعدة بنسبة 41%، وأن الرد يكون حسب الموقف بنسبة 27%، أما الرد بعنف فقد حظى بنسبة 21%، وأخيرا الصمت بنسبة 11% وهكذا عبر المواطنون عن تصوراتهم التى كثيرا ما تتفق من نتائج الابحاث العلمية .
واستضرادا للسؤال السابق عن الرد الأفضل للفتاة على المتحرش جاء السؤال الخامس : هل الصمت يساعد على أنتشار ظاهرة التحرش؟ وقد وضح شكل (5) أن صمت الفتاة يساعد على أنتشار الظاهرة بنسبة غالبة تصل إلى 63%، كذلك فأن الصمت أحيانا يساعد على الأنتشار بنسبة 29%، أما الإجابة بأن الصمت (لا) يساعد على التحرش فلم يحظى سوى بنسبة 8% وهذه النتائج تؤكد ضرورة رد الفتاة على المتحرش فالصمت قد يشجع المتحرش على التمادى فى تحرشه .
السؤال السادس كان عن أهمية موقف المشاهد لظاهرة التحرش، ويتضح من الإجابات كما يبينها شكل (6) أن ايجابية التدخل كانت عالية بنسبة 67%، ولكن هناك نسبة 17% لا تعرف كيف تحدد موقفها، أما طلب المساعدة أو عدم التدخل فكان بنسبة متدنية لا تزيد عن 8%، وهكذا أظهر الاستطلاع أن الرأى الغالب تجاه ظاهرة التحرش إيجابى بدرجة كبيرة .
توضح الإجابة على سؤال : ما هو السن المناسب للتحرش؟ كما يبينها شكل (6) أن الظاهرة تنتشر عند السن الصغيرة بدرجة أكبر، فمن يرى أن السن المناسب للتحرش (من 8 – 15) حصلت على المركز الأول بنسبة 40%، ونسبة من يرى أنها تنتشر بين سن (من 16 – 18) حصلت على المركز الثاني بـ 24%، والغريب فى الأمر تدنى نسبة سن المراهقة إلى 13%، ونسبة من هم فى سن ما بين (19- 30) تصل إلى 12% فقط، هذه الإجابات تستعصى على التفسير، فأفراد العينة مجمعين على أنه كلما كان السن صغيرا زادت نسبة التحرش وكلما ارتفع السن تنخفض نسبة التحرش!!! .
يبزل عديد من علماء الاجتماع وعلم النفس وخبراء الأمن جهود حثيثة من أجل التوصل لحلول ناجعة لظاهرة التحرش التى أصبحت تمثل كوارث متكررة فى المجتمع المصرى، وكان لابد من التعرف على تصورات المواطنين لحل هذه الظاهرة، وجاءت الإجابات لتعلى من دور القانون بنسبة 22% ثم التوعية الدينية بنسبة 10% وأخيرا التربية بنسبة 9%، ولكن المركز الأول كان من نصيب كل ماسبق بنسبة 59%، وربما يعكس هذا الأمر غياب القانون، حيث لا يوجد قانون ضد التحرش حتى الآن. وإن كانت المحاكم المصرية قد أصدرت في عام 2008 أول حكم قضائي يجرم التحرش، حيث قضت محكمة بالسجن لمدة ثلاث سنوات بحق مواطن لإدانته بجريمة التحرش ضد مخرجة للأفلام الوثائقية "نهى رشدى" وهى التى ذكرت فى أحاديثها الصحفية آنذاك أنها كانت مستعدة للموت ولا يفلت من تحرش بها من العقاب، وقد حصلت على هذا الحكم القضائى رغم عدم النص عليه صراحة فى القانون وذلك باجتهاد من القاضى حيث أصدره بالقياس على جرائم أخرى ولكن هذا الحكم لم يتكرر لعدم وجود نص في قانون العقوبات المصري يشير إلى تعريف دقيق للتحرش واعتباره جريمة .
كان السؤال الأخير : يدور حول "بين من تنتشر ظاهرة التحرش ؟" وجاءت الإجابات بشكل طبيعى كما يوضح ذلك شكل (9) فقد أكد أفراد العينة أن غير القادرين على الزواج هم أكثر الفئات تحرشا بنسبة 68%، يليهم غير المتزوجين بنسبة 19%، أخيرا يأتى المتزوجين بنسبة 2%، ولكن هناك 11% يرون أن كل الفئات ينتشر بينها التحرش، وهذه الإجابات تتفق مع حقيقة وضع الشباب فى الآن فاذا كان الشاب المصري لا يجد الوظيفة، وان وجدها فان مدخولها المادي محدود ولا يكفي للاقدام على الزواج وتحمل متطلباته الباهظة، واولها العثور على بيت الزوجية، فان هذا يخلق حالة من الكبت والاحتقان الجنسي يمكن ان ينفجر في بعض الاحيان في اعمال التحرش هذه، والاحصاءات شبه الرسمية تقول ان الغالبية الساحقة من الزيجات في مصر تتم فوق سن الاربعين، اي متاخرة اكثر من عشرين عاما على الاقل بالنسبة الى الذكور (الاناث بدرجة اقل)، وهذا وضع غير صحي يفرز امراضا اجتماعية ونفسية واخلاقية غريبة عن البيئة المصرية المحافظة دينيا واخلاقيا .
ربما أغفل فريق العمل وضع سؤال عن علاقة لبس المرأة بظاهرة التحرش فهناك من يربط بين ظاهرة التحرش ونوع ملابس المرأة، كما تركز بعض التحليلات على ما الذى كانت ترتديه الفتاة لحظة التحرش بها، فقد ثبت في كثير من الحالات، بل وفي معظمها أن الفتيات المتحرش بهن كن يرتدين حجابا أو ملابس واسعة وطويلة، فالأمر لا يرتبط إذا بالملابس فقط، فبالرغم من قصر ملابس الفتيات فى ستينيات القرن العشرين فى مصر إلا أن حوادث التحرش كانت أقل كثيرا بما لا يقارن بما يحدث حاليا .ب
فى ختام هذا العرض أود الأشارة إلى بعض المبادرات التى تشكلت فى مواجهة ظاهرة التحرش والتى اهتمت دراسة الباحثة "مريم وحيد مخيمر" بعرض تفاصيلها، فقد تعددت المبادرات المواجهة للتحرش فيما بعد الثورة. نذكر منها التالى : حملة "امسك متحرش في العيد" وهي حملة قام بها مجموعة من المتطوعات والمتطوعين بهدف حماية المرأة المصرية فى عيد الفطر وارتدوا شعار " بنات مصر خط أحمر " أيضا قامت مجموعة من الفتيات بفتح حوار على مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" و" تويتر" لشرح ما تعانيه النساء في الشارع والأماكن العامة من تحرش، بالمثل جاءت حملة “كما تدين تدان” وحملة "نفسى" التى أكدت أن " هدفنا أن يبقي الشارع المصري مكان أمن لكل من فيه، بدون استثناءات ، مؤمنين بحق كل امرأة أن تسير في الشارع دون أن يتحرش بها أي أحد" .
وأننا إذ نؤكد أن اهتمامنا بموضوع التحرش جاء تلبية لمجريات الواقع، فقد ينظر البعض للتحرش كأنه موضوع اجتماعى يبعد كل البعد عن السياسة ولكنه فى صميم علم السياسة لأنه حديث عن السلطة والتسلط والسيطرة والقمع، كما أننا نعمل فى إطار مركز الدراسات السياسية بحزب "المصريين الأحرار" على تدريب الشباب على أساليب قياس الرأى العام بإعتباره من أهم الوسائل العلمية للتعرف على مشكلات الواقع الاجتماعى، من خلال تكوين فرق عمل تكتسب مهارات العمل الجماعى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المسكوت عنه في الدراسة 2
أنيس عموري ( 2014 / 9 / 12 - 10:52 )
استنتاجك الذي عبرت عنه بقولك: (وهكذا فأننا نرى أن جذور هذه الظاهرة اقتصادية وسياسية واجتماعية قبل ان تكون تربوية واخلاقية، فعندما يكون هناك حوالي عشرين مليون عاطل عن العمل تحت سن الخامسة والثلاثين من شباب مصر بسبب فساد الدولة واجهزتها، ونهب المال العام واحتكار الثروات العامة من قبل حفنة محدودة، يمثلون اقل من %5 من الشعب، فان هذا يخلق حالة من اليأس والاحباط في اوساط هؤلاء الشباب ويدخلهم دفعا نحو الانحراف الاخلاقي خاصة اذا كانوا غير محصنين دينيا وتربويا.)
بل الظاهرة هي تربوية وأخلاقية بالدرجة الأولى، يشهد على ذلك نتيجة الاستطلاع. ليس بالضرورة أن تؤدي البطالة إلى التحرش. لم نسمع عن هذه الظاهرة في أمريكا اللاتينية في أحلك ظروفها السياسية والاقتصادية. السبب يعود إلى أن العلاقات بين النساء والرجال أكثر تحررا، ولا ينفع التحصين الديني ما دام قائما على سياسة الكبت. دعوا العلاقات الجنسية حرة وسوف تنحسر هذه الظاهرة. دعوا الشباب يختلطون في المدارس وفي المسابح والشواطئ والمنتزهات وخاصة في الحفلات وسوف تنحسر هذه الظاهرة. الحرية الجنسية هي الحل وهيمنة الدين هو الداء. المثل يقول: كل محجوب مرغوب.


2 - المسكوت عنه في الدراسة 1
أنيس عموري ( 2014 / 9 / 12 - 11:03 )
دراسة هامة جدا. بودي أن أشارك في إثراء الموضوع. سوف أركز على بعض المسكوت عنه في مقالك.
جاء فيه: (ولقد أشارت كثير من منظمات حقوق الإنسان وتقارير المركز المصري لحقوق المرأة إلى أن أسباب ارتفاع ظاهرة التحرش ترجع إلى تدهور الأحوال الاقتصادية وازدياد نسبة مستوى البطالة وغلاء الأسعار، مما يقف عائقاً أمام كثير من الشباب للإقدام على الزواج والعمل على بناء حياة مستقرة، مما يؤدى إلى إحباط الشباب معنوياً ونفسياً).
وهذا الموقف يتناقض مع الموقف الذي عبرت عنه نتيجة الاستطلاع: بـ (أن الظاهرة تنتشر عند السن الصغيرة بدرجة أكبر، فمن يرى أن السن المناسب للتحرش (من 8 – 15) حصلت على المركز الأول بنسبة 40%، ونسبة من يرى أنها تنتشر بين سن (من 16 – 18) حصلت على المركز الثاني بـ 24%).
ما علاقة من هم في سن 8-18 بالأحوال الاقتصادية وازدياد نسبة مستوى البطالة وغلاء الأسعار والإقدام على الزواج والعمل؟
كما يتناقض هذا الحكم مع مضمون نتيجة أخرى في الاستطلاع مفادها أن ((.. 68% من النساء يتعرضن للتحرش فى محيط العمل). وهو ما يخرج مشكل البطالة وصغر السن من التهمة.


3 - المسكوت عنه في الدراسة 3
أنيس عموري ( 2014 / 9 / 12 - 11:26 )
تقول أيضا: (تشير الباحثة مريم وحيد مخيمر فى دراسة لها بعنوان -الجسد بين الانتهاك والخصوصية ... رؤية لظاهرة التحرش الجنسى فى مصر- إلى أن جسد الانسان حظى فى الأديان والثقافات المختلفة بأهمية كبيرة...).
هل أفهم من هذا أن الأديان اهتمت إيجابيا بجسد المرأة؟
من جهتي أنا متأكد أن الأديان وخاصة الإسلام من خلال نصوصه وممارسة مؤسسيه لم يُدْعُ إلى الاهتمام بالمرأة إلا كجسد جميل صالح للاستمتاع والنسل (انظر سبب قرار تطليق النبي لسويدة). تعامل الإسلام والمسلمين مع المرأة خلا تماما من الاحترام. المرأة عبارة عن شيء للمتعة والنسل والبيت وبس. بل سمح الإسلام بانتهاك أعراض سبايا غزواته. (انكحوا ما طاب لكم من النساء...) (إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فهم غير ملومين)..الخ. أما الأحاديث فكثيرة جدا. وهو نفس ما عبرت عنه بقولك: - وقد أنعكس ذلك على المجتمع المصري الذي ازدادت فيه هذه الظاهرة بزيادة الحاكمية الإسلامية، والتي وصلت إلى ذروتها خلال فترة حكم الإخوان). مع أني لا أربط ذلك بحكم الإخوان. بل بهيمنة فكرهم على مجتمعاتنا حتى في حالة كونهم خارج الحكم.
تحياتي


4 - المسكوت عنه في الدراسة 4
أنيس عموري ( 2014 / 9 / 12 - 11:50 )
في قولك: (وأننا إذ نؤكد أن اهتمامنا بموضوع التحرش جاء تلبية لمجريات الواقع، فقد ينظر البعض للتحرش كأنه موضوع اجتماعى يبعد كل البعد عن السياسة ولكنه فى صميم علم السياسة لأنه حديث عن السلطة والتسلط والسيطرة والقمع).
في الحقيقة قلما يخلو بلد في العالم من التحرش الجنسي مهما كانت طبيعة الحكم، لكن طريقة التحرش تختلف حسب درجة التمدن. نقرأ في تقرير عن التحرش الجنسي في الصين التي احتلت المرتبة الثانية عالميا، أن -71 % من النساء المستجوبات صرحن أنهم عرفن التحرش الجنسي، منهم 54 % قلن أنهم سمعن دعابات جنسية، و29 % قابلنا مستعرضين لأعضائهم الجنسية و 27 % جرى لمسهن بطريقة عفوية، و8 % نُظِر إليهن خلسة و2 % تعرضن للمضايقة الجنسية في الهاتف...)
وهو تحرش كما نرى يختلف كليا عن التحرش عندنا الذي يتسم بالعنف والملاحقة والاعتداء إن أمكن. ولعل بلداننا ليست معنية بهذا الترتيب، وإلا لما احتل هذا التحرش (الهّين) في الصين هذه المرتبة.
http://french.peopledaily.com.cn/VieSociale/7629572.html
شكرا للكاتب على هذا المجهود الكبير.

اخر الافلام

.. هل روجت منظمة العفو الدولية لارتداء الفتيات الصغيرات للحجاب؟


.. برنامج اليوم | حقوق المرأة المطلقة عربيا




.. مصر | معاناة مستمرة للمرأة المعيلة بعد الطلاق


.. إحدى الحاضرات منى الحركة




.. مسرحية حياة تروي قصص لبنانيات من مدينة بعلبك