الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور الأحزاب السياسية في سبل التقدم المجتمعي

أحمد خليفة أحمد

2014 / 9 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


في ظل البحث عن المخرج الآمن ، ستبقي الديمقراطية التي اقتنعت بها الطبقات الحاكمة تحت (ضغط جماهيري) هي الحل الوحيد دون خسائر.
تعتبر التعددية الحزبية بمفهومها الناضج أحد أسلحة هذه الديمقراطية المباحة دون خسائر تذكر ، وأحد أسباب التعايش السلمي.
وفي إشارة مختصرة لتعريف "التعددية الحزبية" فهي تعني توزيع (السلطة السياسية) بين كيانات مؤسسية دون حكر لجماعة بعينها أو فصيل بعينه عليها ، فطبيعة السلطة السياسية في أي نظامٍ ينعم بتعايش سلمي ونضج سياسي واقتصادي هو نتاج توزيع السلطة بين أيديولوجيات مختلفة دون حكر لفكر أو تيار واحد لها .
فتكوين الأحزاب حق تكفله الدساتير وتضع آلياته وضوابطه ، علي أن يكون المبدأ العام لهذه الأحزاب هو التعايش السلمي وترجيح المصلحة العليا للوطن دون الميل إلي المشاحنات والمخاصمات والتطاحن الذي من شأنه تعطيل الحراك التنموي ، فالأحزاب وسيلة لخدمة المواطنين وإن اختلفت برامجها وتوجهاتها إلا أنها تظل تحت إطار الاختلاف الفكري وطرح الآراء وليست كيانات للتطاحن والحروب الأهلية.
إن كانت المتغيرات والتحولات بالدول تلعب دورًا في تكوين الأحزاب السياسية فإن تعدد الأحزاب السياسية يلعب دوراً محوريًا في بناء مجتمع حديث أساسه ركيزة سياسية قوية قائمة علي الاستفادة من الطاقة والتكنولوجيا والمعلومات ، ولكن توافر الركيزة معتمد علي السيطرة علي الموارد الطبيعية المتاحة وإنشاء نمط تنظيمي يشمل التعليم وقنوات إتاحة للجمهور بمشاركة القرار ولعل أهم مميزات العمل الحزبي هو ترسيخ مبدأ "التأثير السياسي" للمواطن ، فبوجود المواطن داخل حزب سياسي وكيان يحوي أفكاره يدفعه بأن يسانده لأن يصل حزبه إلي مركز دعم اتخاذ القرار عن طريق العمليات الديمقراطية القائمة علي صندوق الانتخاب ، ويتولد لديه شعور الكينونة داخل الوطن فيرسخ لدي المواطن شعور أن عليه مسئولية سياسية تجاه حزبه وتجاه الوطن وأنه أستطاع أن يؤثر علي المشهد السياسي.

بعكس مواطن ليس له كيان سياسي يعبر عنه ويسانده فهذا يدفعه إلي الفتور وإلي "الانطواء السياسي" وان المشهد السياسي بعيد كل البعد عنه مما ينعكس بالسلب ليس علي المشهد السياسي والإقبال الضعيف عليه فحسب بل وعلي المشهد الاقتصادي فهو بمثابة إعاقة في جسد الوطن .
ولكي نري هذه الصورة المثلي للتعدد الحزبي الصحي فلابد من توافر مثلث الأمان ألا وهو "مجموعة الأحزاب" ، "تكتل الناخبين والمشاركين" ، "مجموعة القوانين" ، فإذا توافر مجموعة الأحزاب التي تتوافق مع رغبات المواطنين وقائمة علي مجموعة قوانين تضمن لها الممارسات السياسية إذاً فنحن أمام مشاركة ناضجة شأنها المصلحة العليا للوطن ولعل التجربة "الألمانية" تشكل مثالاً ناجحاً لتلك التعددية الحزبية وكذلك "الفرنسية" فهذه التجارب الحزبية مكَّنت من خلق استقرار مجتمعي ونهضة تنموية شاملة.
فالبناء الحزبي والتعددية الحزبية لا تشكل خطرًا علي البلاد طالما محكومة بإطار قوانين تحد من تطاحنها واقتتالها وتضمن ممارسات ناضجة شأنها التمثيل العادل لطبقات الشعب بالسلطة ، فعلي الأحزاب السياسية أن تملك البدائل دائمًا للتمثيل بالسلطة ، فإن لم تكن الأحزاب السياسية تملك هذه البدائل وقادرة علي بلورة برامجها الذي تخدم فئات المجتمع فسوف يفقد التداول السلمي للسلطة قيمته وستصبح تلك الأحزاب شوكة في ظهر الوطن عكس ما هو منوط بها.
وفي الآونة الأخيرة طرأت ظاهرة جديد علي هذا الموضوع سميتها "التفتت الحزبي" وهو وجود أكثر من حزب بكيانات مختلفة ولكن تجمعهم أيديولوجية واحدة وبرنامج واحد ولكن لكل منهم كيان مستقل وهيكلة مستقلة ، وإن كان هذا تم تزكيته من بعض الساسة إلي أن مردودهُ لدينا سيئ للغاية فما وجدنا من هذه الكيانات التي تشترك في نفس البرنامج والأفكار سوي التضارب والصراعات دون توحيد للقوى والأفكار ، وهذا يرجع إلي "شخصنة" القوي السياسية والأحزاب وإلي عدم النضج بعد المرتبط بتفضيل مصلحة الأفراد والأشخاص علي المصلحة العليا.
فالتجربة الحزبية "الأمريكية" جديرة بالدراسة والتطبيق فكون كيانين فقط أحدهما جمهوري والآخر ديمقراطي هما من يتصارعان علي السلطة فهذا أمر غير مقلق
وغير محير كلاهما بأفكاره وآرائه وبرنامجه المستقل وإن كانت تطغوا عليه بعض التقييد ولكن هو توحيد للقوى والرؤى وعدم استنزاف للمواطن فإما يسار وإما يمين.

ومهما قيل عن مساوئ تعدد الأحزاب واختلافها فسيبقي هذا هو المخرج الآمن للمعارضة من خلال عمل شرعي للوصول للسلطة بطريقة سلمية ، وأفضل بكثير من أن يتولي مقاليد الأمور حزب واحد وتتآمر عليه القوى والجماعات وكلما ازدادت المشاركة السياسية كلما زادت الشفافية والمنافسة المشروعة الغير قائمة علي لغة الدم والعنف.
ولذلك فإن المخرج الوحيد لنا من هذه الوعكة الاقتصادية والسياسية بل والحضارية هي الممارسات السياسية الواعية التي تقوم علي نخبة حريصة علي مصلحة الوطن بمشاركة فئات مجتمع واعية ومثقفة تدرك دورها في المشاركة وصنع الفارق وتجنب الاقتتال المجتمعي والحروب الطائفية للوصول للسلطة ، فعلي الأحزاب السياسية أن تجيد مد قنوات اتصال بينها وبين فئات المجتمع لتتمكن من عرض برامجها بطريقة واضحة وتستطيع أن تجابه الحكومات والأنظمة بقوة المواطن المثقف الواعي وليس سياسة الحشد.
وأخيرًا فإن التنظيم الحزبي لا ينشأ تلقائيًا وإنما نتاج عمل جماهيري منظم قائم علي المكاشفة والموائمة للأهداف والأفكار فعلي الأحزاب السياسية أن تدرك خطورة وضعها من سوء التنظيم وآليات العمل الجاد علي أرض الواقع ، فالأحزاب تظل أفكار ما لم تنفذ بعد ، فعليها أن تعيد النظر بإستراتيجياتها وتقويم دورها السياسي لكي يتوافق مع ما تصبوا إليه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. داعمو غزة يغيرون ا?سماء شوارع في فرنسا برموز فلسطينية


.. رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب




.. مراسل الجزيرة هشام زقوت يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع


.. القسام تستهدف ثكنة للاحتلال في محور نتساريم




.. واشنطن تطالب قطر بطرد قيادة حماس حال رفضها وقف إطلاق النار