الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإخراج في الألفية الثالثة الدرامية ومابعد الدرامية (مفاهيم وأعلام)

عمار الجنابي
(Amaar Abed Salman)

2014 / 9 / 14
الادب والفن


مما لاشك فيه أن جميع الفنون هي قابلة للتغيير نحو التطور العصري المستقبلي, مادامت مرتبطة بعدة مصطلحات ومفهومات متحولة يصعب على الجميع وعلى الباحث تعريفها , منها التجريب (experiment) والحداثة (Modernity) ومتأثرة بنفس الوقت بالفلسفات التي تجلت وعبرت عن روح العصر الذي ظهرت فيه , وفي عالمنا المسرحي عموما وفن الإخراج (المخرج – النص والعرض المسرحي) أي فنون الأداء بشكل كلي على وجه الخصوص , تنامت وتطورت وابتعدت عن كل ماهو تقليدي وتماثلي وسردي (محاكاةimitation ) متوجهة من خلال طروحات حديثة إلى صورة مرئية وليدة فكرة حرة غير مقيدة ببناء وزمن درامي (أرسطي), وان كل ماسبق ذكره كان لأجل كسر ماهو مألوف للمشاهد .
لقد أشارت المصادر والدراسات الحديثة على أن نقطة الانطلاقة الأولى للإخراج المسرحي لما بعد الحداثة للألفية الثالثة هي " في عام 1987، على يد أندريز فيرت، والذي ذكر في ورقة بحثية له في جامعة جيسنر، أنه سيفقد مسرح اللغة وضعه الاحتكاري لصالح أشكال ما بعد الدراما، بحيث يظهر ذلك في تركيبات الصوت وأوبرا اللغة ومسرح الرقص. " (1).
ومما تقدم يجد الباحث أن الإخراج المسرحي لم يعد يعتمد على نص وبناء المشاهد الدرامية واللغة الحوارية السردية بين الممثلين وإنما سيتطلع لفكرة تناقش قضايا سوسيولوجية أو سيكولوجية يبلورها المخرج إلى حركات وصيحات وغناء ورقص وهي تعتبر لغة حديثة تواكب الثقافات المجتمعية وتتواصل فيما بينها .
____________________
(1)http://www.atitheatre.ae/index.php?option=com_content&view=article&id=1047:admin&catid=2:2011-10-04-02-27-34&Itemid=2 .






وبطبيعة الحال يرى الباحث غير ممكن الاستغناء عن تجارب مخرجين مسرح القرن العشرين لكونهم مهدوا للإخراج في الألفية الثالثة وعلى سبيل المثال (بيتر بروك) ومنحه الحرية للممثل في " ارتجال مقاطع مختارة للكشف عن مشاعر الممثلين الداخلية و " إيقاعاتهم" " (1) .
وسبقه (تاييروف) الذي أيضا كان عمله خالي مما يسمى نص(text) وإنما هو فكرة وان مفهوم الإخراج من وجهة نظره " هي خلق الجو المناسب لارتجالات الممثلين " (2) .
أن مفهوم الإخراج في الألفية الثالثة على يد رواده المخرجين (ريتشارد فورمان – وروبرت ولسون – مايكل كيربي ) تطلع إلى عملية بناء ليست شكلية مادية يراها المتفرج أمامه وإنما صورة يرسمها المخرج في ذهن المتفرج حسبما أشار كيربي الفنان التشكيلي المسرحي الاسترالي " اننا نستخدم كلمة البناء لنشير الى ارتباط أجزاء العمل بعضها بالبعض – الى كيفية اتساقها بالعقل لتشكل صورة معينة . وهذا الاتساق لا يحدث هناك في الخارج , في الكيان المادي للعمل الفني بل يحدث في عقل المتفرج .(3).
ومما تقدم يجد الباحث أن أراء هؤلاء المخرجين الثلاث تطلعت إلى الشكلية الجديدة وإحيائها بصورة مبهرة
_______________
(1) ستيان .ج .ل : الدراما الحديثة بين النظرية والتطبيق, تر: محمد جمول , منشورات وزارة الثقافة - الجمهورية العربية السورية .ص332.
(2) ابتكارات المسرحيين في القرن العشرين، بغداد، 2006, ص103.
(3) كاي, نك : مابعد الحداثية والفنون الادائية ,تر: نهاد صليحة , ط/2, الهيئة المصرية العامة للكتاب-1999,ص73.





اما (ولسون) فقد تطلع من خلال رؤاه إلى مسرح (صورة) يعالج القضايا النفسية والاجتماعية لدى المشاهد مستندا على تجاربه السابقة , مع الاطفال المعاقين دماغيا , وان مسرح الصورة يهتم بالتقنيات الحية وبالتوزيع الشكلي المرئي للتعبير كما انه لا يعتمد مسرح علبة وانما فضاء مسرحي مفتوح خارجي (شارع – ملعب) .
تعتبر لغة الصورة هي السائدة في ما بعد الحداثة ,لا الكلمات اذ انها ثورة على الحركة النمطية السابقة , من خلال تطلعها الى دلالات جديدة تصل الى المتلقي المعاصر لغرض التوجه به الى عالم الحلم والفنتازيا السحرية .
اما (فورمان ) فقد سعى الى مسرح يقوم تشتيت عناصر العرض المسرحي " يتم تشويه وتحريف مجال المسرحية عن طريق العناصر التي تحتويها .بحيث يقوم كل عنصر بتشويه وتحريف كل العناصر الاخرى " (1). ص84.
ويرى الباحث ان اسلوب (فورمان ) لا يهدف الى الاتساق بين عناصر التعبير بل يهدف إلى حالة خلق الصراع بينها وهو يشابه ( برشت ) اذ يدعو من خلاله إلى التفكيك ولكنه يبتعد عن اهداف برشت السياسية ، وحسب نظريته حول اعادة خلق الفكرة من تفكيك البناء والتي تقوم على تقطيع عناصر الاخراج عن بعضها بعض وتقطيع التواتر السردي الاعتيادي في العرض المسرحي وبذلك سمي مسرحه بـمسرح (الوجود الهستيري) اضافة الى استخدامه فيه الرقص والتعري وبحضور وتفاعل المشاهد والممثلين .
وهذا ما دفع الباحثة (نهاد صليحة) الى وصفه بمسرح غير اخلاقي .

_____________
(1) كاي, نك : المصدر نفسه , ص84.




المصادر والمراجع

1. ابتكارات المسرحيين في القرن العشرين، بغداد، 2006,

2. ستيان .ج .ل : الدراما الحديثة بين النظرية والتطبيق, تر: محمد جمول , منشورات وزارة الثقافة - الجمهورية العربية السورية .

3. كاي, نك : ما بعد الحداثية والفنون الادائية ,تر: نهاد صليحة , ط/2, الهيئة المصرية العامة للكتاب-1999 .

4. http://www.atitheatre.ae/index.php?option=com_content&view=article&id=1047:admin&catid=2:2011-10-04-02-27-34&Itemid=2 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاكرين القصيدة دى من فيلم عسكر في المعسكر؟ سليمان عيد حكال


.. حديث السوشال | 1.6 مليون شخص.. مادونا تحيي أضخم حفل في مسيرت




.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص


.. صباح العربية | في مصر: إيرادات خيالية في السينما خلال يوم..




.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص