الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هاريمان في خيمة الحاج زهير !

نوزاد نوبار مدياتي

2014 / 9 / 14
الادب والفن


المكان مكتض بالضجيج ، لم يكن هنالك متسع حتى " لدجاجة " الطفلة هاريمان الناجية من سنجار "شِنگال" مع أخاها الياس ميراز ، والديهما فقدوا جريرة الحياة آبان فترة حِصارهم في قعر الكهوف المتيبسة من الماء و ثمار الجوز التي لن تنضج بعد ، كان دخولهم للمخيم إشبه بالنجاة من الطوفان . وجوه الجميع مائلة للصفرة بعد إن كان يداعبها إحمرار الوجنات الجبلية . خطوات الياس كانت متبعثرة ومتهالكة ورجليه تنزف دماء بين الحين والاخر ، يبحث في الوجوه عن شيء يفقده ، ضربات قلبه تزداد ، يمسك بيده الشمال إخته الصغيرة ذات السبعة أعوام باحثاً عن مأوى لهما !
نجلاء ، الإنثى الموصلية ذات الثمانية عشر عاماَ ، كانت قد سبقت هاريمان والياس بيومين ، تجلس في باب خيمة خصصت لهم كنازحون ، نجلاء إنثى منتصبة الجمال ،قيقة جداً ، تابعت دخول الياس وهاريمان من أول ولهة ، تمايل برأسها يمين وشمال تحاول رصدهما كلما أختفيا بين تسارع النازحون في المخيم ، الجميع مشغول متعب ومنهار ، الياس مازال متخبط في خطواتهِ ، يسير بهدوء حتى وصل قرب باب خيمة نجلاء.

إستوقفتهُ نجلاء بإدب : أشبيك أخوي ؟ تعال تفضل أبوي جوا ، أنت وهل الحلوة و"الجيجي" مالتها !
رد الياس : زور سوباس خشكي !

لم تفهم نجلاء ما قاله الياس ، لكنها أدركت إن الياس هو من الأيزيدين الكورد ،، لوحت بيدها علامة الإنتظار ودخلت للخيمة لنداء والدها الذي كان يحتضن الراديو وفمه متيبس ، سكارته قد وصلت أخرها دون أن يعلم !
نجلاء تحاور والدها بتمتمة وتردد ،، أبوي دخيل الله أشون شاب بغي ماعندو أحد وعم ينزف دم من غجلينو !
هرع الحاج زهير الذي كان يملك محل صغير في " الدواسة " يبيع فيه " شربت الزبيب " ، مسك يد الياس ورحب بهَ وبعد دقائق إستطاع الحاج زهير إقناع الياس بالدخول للخيمة ، ذهبت الشمس بعيداً والغروب يكاد يتلحف بإول نجمة تظهر على المخيم عاجزة عن إشعال البهجة في نفوس المنكوبين ، فاقدي الأمل والحياة بعد إن كانت هذه النجمة صديقة حميمة للياس ، كانت أقرب له من وجه حبيبته !
علامات الحيرة والتعب كانت طاغية على وجه الياس ، ليس ثمة منفذ هنا حتى لمرور نسمة هواء واحدة ، كل ما حاول الحاج زهير محاورته يفشل أمام دموع الياس التي تتسارع كومضة ضوء أو مثل شرارة تصدر عن حك الفولاذ بحجر الصوان تنهمر وتمتمات غريبة أشبه بالهذيان يرافقها ، التعب أخذ جزء كبير من الجميع والهدوء بدأ يعم في المخيم تدريجياً ، حتى السكون ونوم الجميع ، الياس كان يصارع التعب يحاور تلك النجمة "بعد إن أصر النوم خارج الخيمة "بإغنية كان يغازل بها حبيبته وبصوت خافت :


لي لي لي لي
دلالي جه ياية ( يامحبوبة الجبال )
داريه هژيري روگة ( إنتِ شجرة التين )
غم راڨ-;-ين نو گه ي ( تٌفرحين الحَزين )
ناڨ-;- گولو گه يايه ( إنتِ بين الإعشاب والورود )
لي لي لي لي

حتى غلب النعاس عليه هو الأخر وكان أخر من إستسلم للنوم بعمق ، شخير صاخب نومه رغم وجع رجليه التي سار عليها الأف الكيلو مترات .
جاء صباح اليوم الأخر ، أستيقظ الجميع وعاد صخب المخيم ، خرجت هاريمان من الخيمة الى حجر الياس ، تبكي متسأله عن روخاش !
لفت إسم روخاش الحاج زهير فباغته متسائلاً وماذا يعني أسم روخاش كاك الياس ؟!
روخاش هه !
روخاش : الشمس الجميلة ، سرقوها "داعش " وسرقوا مني حبيبتي جيلان !!
ثم التفت الياس على الحاج زهير متسائلاَ هل تعلم ما معنى كلمة ( سنجار ) ؟
سإخبرك : سنجار جاءت نسبة لقصة الطوفان ، سفينة نوح لما مرت بالجبل نطحت به فقال هذا سن جبل جار علينا فسميت (سن- جار- ) ، وهذه المرة طوفان أخر من نوع أخر !!
تمالك الحاج زهير نفسه و أخذ الياس لحظنه بعد إن تفهم سر دموعهِ ليلة أمس ، لم تكن هنالك كلمات مناسبة عند الحاج زهير ليحشرها لطمأنينة الشاب المنكوب ، قليلاً من المساعدات إستطاعت من خلالها نجلاء إحظار الفطار .
الاخبار منقطعة ومجهولة عن مصير جميلات الجبال العذري ، كل الرسائل تقول : إن " داعش " تتجار بهم بإسعار بخسة ، هذه الفكرة التي تسيطر على الياس ، أوجعت مضاجع سكونهِ وهدوئهِ وطبيعتهِ المسالمة ، كان بتوتر دائم وإضطراب أصاب نفسيتهِ ، حتى أعلنوا : التطوع للحرب ضد هذا التنظيم الإرهابي ، لم جماحه الياس مع أخرون مثلهِ وحمل السلاح وذهب !
لا ثمة أخبار عنه للإن ، هاريمان في كنف الحاج زهير مع " دجاجتها" ونجلاء باتت لها أختاً كبيرة ، كل يوم تحكي لها حكاية الشاب الذي سرقوا منه (أخته وحبيبته ) وذهب لإسترجاعهم ... !

تنويه : القِصة وأسماء الشخصيات من الخيال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل