الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لنا في هذه البلاد مستقبل نصرّ على أن نحضنه ونحميه

محمد بركة

2005 / 8 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


في الجلسة الخاصة للكنيست حول مجزرة شفاعمرو:
لنا في هذه البلاد مستقبل نصرّ على أن نحضنه ونحميه
*لو كانت القضية محصورة بشخص المجرم لقلنا ان المجرم قد مات، ولكن المشكلة تكمن في كيفية تجفيف المستنقع الذي ينتج المجرمين*
أستطيع ان اشهد كأبن البلد، أن الضحايا في شفاعمرو لم ينشغلوا بالسياسة ولم يعملوا بالعمل السياسي، ولم يكونوا منظمين في احزاب، ولم يشاركوا في مظاهرات ولا مهرجانات... لكن العنصرية طالت دمائهم على عتبات بيوتهم.
إن ذلك يعني استنتاجا واحدا ووحيد: لا يمكننا القول ان الأمر لا يعنيني ولا يخصني، وأن تكون لا مبالي، فحتى عندما تعلن كذلك فإن هذا لا يشكل ضمانا بأن لا تصل العنصرية والحقد الى عتبة بيتك.
لقد سجّلنا نحن ابناء الجماهير العربية في اسرائيل امامنا باحترام وتقدير مظاهر التضامن والعزاء من شخصيات رسمية وشعبية ومواطنين عاديين، لقد سجلنا امامنا زيارة رئيس الدولة ورئيس الكنيست وعدد كبير من الوزراء الى شفاعمرو لتقديم التعازي، كما سجلنا بيان رئيس الحكومة الواضح في شجب الجريمة المروّعة.
لكن الشخصيات التي تشغل مناصب رسمية مطالبة بأن تترجم شجبها الى سياسة عملية ضد العنصرية والتمييز، ضد أولئك الارهابيين الذين تعرف أجهزة الأمن اسماءهم وعناوينهم والخطر الذي يشكلونه، فنتيجة التساهل معهم ليست بحاجة لتكهنها وهي معروفة ورأيناها، ومن الرهيب التفكير بأن أحدا ما ينتظر وقوع الجريمة القادمة لكي يتحرك.
أما الجمهور الواسع الذي شجب المجزرة وعبّر عن مشاعر التضامن والمواساة فعليه ان يترجم هذا الشجب الى محاولة مخلصة لترميم الجسور مع الجماهير العربية، ولترميم الجسور المتداعية التي تقود الى الديمقراطية الحقيقية.
لقد عانت الديمقراطية في اسرائيل، وبالأخص في السنوات الأخيرة، من ضربات قاسية، فبالاضافة الى تشريعات تحمل طابعا عنصريا، هناك مواظبة بشعة على محاولات الطعن بالجماهير العربية، فهناك من يسميها طابورا خامسا، وهناك أحزاب تعتمد ايديولوجية الترانسفير والاقتلاع، وهناك من يتعامل معنا كخطر ديمغرافي وكعدو.
لم يجر استخلاص العبر من أحداث أكتوبر 2000، فمنذ ذلك الحين وحتى اليوم، قتل 18 مواطنا عربي برصاص اجهزة الأمن، علما أن الجريمة الأخيرة التي ارتكبها جندي هارب من الخدمة.
إن هذه الحقيقة تدل على ان العبر التي تم استخلاصها وصياغتها في لجنة أور لم تطبق وخاصة النص الواضح الذي ورد في تقرير اللجنة، الذي جاء فيه أن اجهزة الأمن تتعامل مع الجماهير العربية في اسرائيل كأعداء وليس كمواطنين.
ولو كانت المشكلة محصورة في شخص المجرم، لقلنا ان المجرم قد مات، ولكن المشكلة تكمن في كيفية تجفيف مستنقع العنصرية والاحتلال والحقد، فطالما ان هذا المستنقع قائم في حياتنا فسينتج مخلوقات تقتلنا جميعا.
وهنا علينا ان نسأل ذلك السؤال المدوي في هذا البرلمان، كيف وماذا جلبت على اسرائيل السيطرة على شعب آخر؟، لقد حوّلت اليهود من ضحايا كارثة الى شعب يُنزل كارثة بشعب آخر.
كل ما صرخ التاريخ اليهودي ضده، تحوّل في غفلة من الزمن الى مباح باسم الذين يحملون اسم اليهودية بالطبع: عنجهية وشوفينية تدوس كل شيء..
جلد سميك نبت للشعب في هذه الدولة.
إن العنف يتفشى في كل مقامات الحياة حتى تحول الى لغة رسمية.
حتى رئيس الحكومة اهتم ان يذكر امامي في اتصاله معي في اليوم التالي لوقوع الجريمة الارهابية انه هو ايضا هدف للتهديدات بالتصفية.
لا توجد قومية للعنصرية، ولا قومية للارهاب، فهما مرفوضان في كافة القوميات والأمم، وتحت أي دافع.
والارهاب الاسرائيلي الذي وضع العرب هدفا له لن يتوقف عند العرب وقد كنا شهودا على المشهد المروع، الذي اودى بحياة رئيس حكومة في اسرائيل ذاتها.
إننا في هذه الجلسة الخاصة للكنيست نريد ان نعلنها باسم الجماهير العربية في اسرائيل بأن لنا في هذه البلاد ذكريات نريد ان نتكئ عليها، ولنا في هذه البلاد اولاد نريد ان يكبروا في جو نظيف، وفي جو من الكرامة ليحملوا معاني الانسانية والانتماء الوطني.
نريد ان نقول ان لنا مستقبل في هذه البلاد نصر على ان نحضنه ونحميه.
لكننا نعرف اننا لسنا وحدنا هنا... ولذلك فقد اصغينا جيدا لشجب الجريمة الذي وصل الينا من كل مكان في المجتمع اليهودي.
هذه ساعة الحقيقة كي نتمكن من القول ان دم الضحايا لم يذهب عبثا... وهذا يتأتى لنا فقط إذا عملنا من اجل بناء حياة أخرى: حياة الديمقراطية ةحياة السلام وحياة المساواة.
إن الخلافات والتباينات في الرأي كانت وستبقى، لكن ربما تمكنا من قلب هذه التناقضات ان ننبت ازهارا لحياة أخرى على أسس الديمقراطية والسلام.


*نص كلمة النائب محمد بركة
في افتتاح الجلسة الخاصة للكنيست التي عقدت يوم الاربعاء 10 آب 2005 في اعقاب مجزرة شفاعمرو








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في شمال كوسوفو.. السلطات تحاول بأي ثمن إدماج السكان الصرب


.. تضرر مبنى -قلعة هاري بوتر- بهجوم روسي في أوكرانيا




.. المال مقابل الرحيل.. بريطانيا ترحل أول طالب لجوء إلى رواندا


.. ألمانيا تزود أوكرانيا بـ -درع السماء- الذي يطلق 1000 طلقة با




.. ما القنابل الإسرائيلية غير المتفجّرة؟ وما مدى خطورتها على سك