الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصائد عن رمادِ الحب والحرب

نمر سعدي

2014 / 9 / 14
الادب والفن


قصائد عن رمادِ الحبِّ والحرب

نمر سعدي


قصيدةُ نرسيس


آهِ نرسيسُ.. نرسيسُ كمْ يا صغيري تعذَّبتَ؟
كم دوَّختكَ الرؤى؟
كم حلمتَ بأخرى سوى إريكا
(بشبيهتها أو وصيفتها مثلاً)؟
كم تمرَّغتَ في نجمةٍ لا تضيءُ
قلوبَ المحبِّينَ إلا بعاطفةٍ من رمادٍ وطينٍ؟
كم النسوةُ المرهقاتُ من الحبِّ
سيَّجنَ وجهكَ بالاشتهاءِ البريءِ
لتعشقَهُ ما حييتَ وتشقى بهِ؟
وجهُكَ الآنَ قد ضاعَ منكَ
بلا ندَمٍ في البحيرةِ أو في خطايا المرايا؟
وفي عامِ ألفينِ.. في شهرِ يونيو
هناكَ.. نسيتُ مكانَ التقائكما
(ربمَّا كانَ في مطعمٍ صاخبٍ في نهاياتِ حيفا)
أصابعُ قلبكَ ذابتْ على حجرٍ
آهِ نرسيسُ كم قلتَ لي ببكاءٍ الطيورِ الأليفةِ..
من فمها المتوِّغل في وردةِ الحبِّ أو حطبِ المعصيةْ
على بعدِ مليونِ عامٍ تذوَّقتُ أنفاسَها حينما
اختلطتْ بالنبيذِ المكثَّفِ أو بالحليبِ
إلى آخرِ الليلِ والأغنيةْ؟
*****

شاعر يتمرأى بعينيكِ


كمن يتقرَّى النسيمَ بعينيهِ
أو يتنزَّلُ من غيمةٍ يبسَتْ في الأعالي
تحسَّسْتُ ظلَّكِ حتى أرى قمَراً
ليسَ يُرشدُ فاكهةَ الصيفِ فيكِ إليَّ
كمن يتمرأى بعينيكِ أُهرقُ تيجانَ فلِّكِ
في عطَشِ الكأسِ
أمشي على هديِ نوَّاركِ العذبِ..
أهجسُ ما ستقولينَ لي
بعدَ ليلِ حزيرانَ عن مرَضِ الحُبِّ؟
أو عن أصابعَ مثلَ زهورٍ خلاسيَّةٍ
في حدائقَ ليليَّةٍ ليسَ تبكي إلى الصبحِ إلاَّ لأجلكِ؟
بعدي حزيرانُ سوفَ يظلُّ وفيَّاً لعشَّاقهِ
منذُ أقصى القرونِ
كما كانَ قبلَكِ.
*****

رميةٌ عبثيَّةٌ للنرد

الذكرياتُ تلحُّ من كلِّ الجهاتِ عليَّ
من أقصى السماءِ ومن قرارةِ موجةٍ في القلبِ
من قمرٍ نهاريٍّ ومن شمسٍ بتبريزَ القديمةِ
من وصايا خمرةٍ فصحى ومن أسوارِ خيبرَ
كلُّ أحلامِ الفراغِ تلحُّ
أسرارُ التشبُّثِّ بالحياةِ
قصائدُ انحسَرَتْ - كفستانٍ يغطِّي ركبةً بيضاءَ -
عن قلبي الذي شطرتهُ أجنحةُ الفراشةِ
كي تصيرَ خميرةً بصريَّةً ألواحُ عاطفتي
وكي أنسى هشاشةَ ذلكَ المطرِ المسائيِّ
التأمَّلَ فيهِ أو فيما يذوبُ من التبسُّمِ
حولَ شمعِ الدمعِ...
كانت شمسُ تبريزَ الصغيرةُ
والمرصَّعةُ الخطى بالماسِ تلهو بي
وبينَ يديَّ بحرٌ من برابرةٍ
وفي مرمى الطيورِ قصيدةٌ زرقاءُ
كانت لا تلوِّحُ لي كأيِّ حمامةٍ
بل تختفي في هيئةِ امرأةٍ
وترفعُ خلفَ ظهري سورَ خيبرَ
ثمَّ تكتبُ لي على شفتيَّ
تلكَ حياتُكَ افعلْ ما تشاءُ بها
فمثلُ قصيدةٍ هيَ...
رميةٌ عمياءُ أو عبثيَّةٌ للنردْ.
******

فراشةٌ لحزنِ إمرئِ القيس


بكت عينُها والطائراتُ تحيلها
فراشةَ ضوءٍ في الظلامِ ومرمرا
اذا ما شفاهُ القلبِ ذاقتْ دموعَها
يطيرُ حمامُ الماءِ من قبضةِ الثرى
فقلتُ لها لا تبكِ عينُكِ إنما
نحاولُ حُبَّاً أو نموتَ فنُعذرا
على الروحِ من حلمِ السرابِ غشاوةٌ
بغيرِ دمي الليليِّ شمسَكِ لا أرى
ولستُ أربِّي نجمةً ساحليَّةً
بغزَّةَ إلاَّ بالحنينِ أو السرى
******

مساءٌ سرياليٌّ أخير

تشُمُّ القذائفُ عن بعدِ ألفِ سماءٍ دمي
كالكلابِ الشريدةِ أو كالبعوضِ
تجسُّ ارتعاشاتِ قلبي وتدخلُ مجرى النَفَسْ
كنتُ أحلمُ في شرفةِ البحرِ هذا المساءَ الأخيرَ
بأشياءَ سريَّةٍ وبحوَّاءِ في جنَّةٍ
خلفَ هذي السماءِ المصابةِ بالصمتِ والطائراتِ
وإسمنتِ أيامنا المتحرِّقِ
لا.. لستُ أحلمُ كنتُ أموتُ على شرفةِ البحرِ وحدي
وما زالَ بي رمقٌ من ترابٍ
ومازالَ بي شبقٌ للحياةِ..
ولا.. لستُ أحلمُ
إنَّ الحقيقةَ ليستْ تُقالُ
وحوَّاءَ ليستْ تُنالُ
ولستُ أُفرِّقُ ما بينَ خطوِ الحبيبةِ
حينَ تجيءُ.. وخطوِ العسَسْ
بحرُ غزَّةَ صارَ رماداً مسجَّى
على شرفتي بدلَ الوردِ
يذروهُ هذا البعوضُ المفخَّخُ بالعطَشِ المفترسْ
وبالأيدولوجيا التي انتحرتْ فوقَ أسوارِ خيبرَ..
أو بُعثَتْ في قذائفِ هذا المساءِ الأخيرِ
كأنَّ دمي لا يزالُ طريدةَ رجسِ الكلابِ
ورجسِ البعوضِ النَجسْ.
*******

رسالة


أيُّها القمَرُ الأزرقُ المورقُ العاشقُ السامقُ
السرمديُّ الجليُّ الصقيلُ الجميلُ
المعذَّبُ من دونِ حبٍّ
إذا عشتَ حتى الصباحِ
فقل لابنتيَّ بأني سأرجعُ عندَ الغروبِ
ولامرأتي أنني لم أمتْ أبداً
عندما قتلوني بلا أيِّ ذنبٍ فعلتُ
ولكنني إذ أُصبتُ بطلقٍ عوى في الضلوعِ
غفوتُ على غيمةٍ من رذاذِ الأقاحْ.
******

طواحينُ الهواءِ الطيِّبة


لم أكنْ أعرفُ يا دون كيشوت
أنَّ محاربتكَ لطواحينِ الهواءِ في الأمسِ
تشبهُ إلى حدٍّ بعيدٍ
تنقيتي غيرَ المجديةِ لهذهِ الحياةِ من السَفَلَةْ
فهم يتناسلونَ بكثرةٍ غريبةٍ
حتى من ذرَّاتِ الغبارِ وأدخنةِ الشوارعِ الصدئة
الفرقُ الوحيدُ بيننا أنَّكَ لم تنهزمْ
في معركتكَ ضدَّ طواحينِ الهواءِ التي كانت
طيِّبةً جداً معكَ
بينما أنا في كلِّ لحظةٍ أتعثَّرُ بوغدٍ لا وزنَ لهُ ولا لونَ
يتسلَّى بصلبِ مدينتي الفاضلةْ.
*******

خَرَز ملوَّن

ستؤلِّبينَ عليَّ جمرَ الماءِ
في جيتارةِ الغجريِّ أو أنشودةِ السيَّابِ
ماذا جئتَ تحملُ في المساءِ
إليَّ من خرزٍ يلوِّنهُ الهباءُ؟
ومن صدى قمرٍ تعذِّبهُ ارتعاشاتُ النيونْ؟
*******

تلزمُني أصابعُ كي أمسَّكِ


زيَّنتِ بهتانَ الندامةِ لي كأيِّ مُراهقٍ نَزِقٍ
أحبَّ بقلبٍ عصفورٍ تمرَّدَ
فانجرَرتُ وراءَ خطوكِ من جنانِ اللهِ...
تلزمُني أصابعُ كي أمسَّكِ في أقاصي البرقِ
تلزمُني لغاتٌ كي أقولَكِ
واشتهاءٌ كي أراكِ حقيقةً في لحظةٍ عمياءِ
يلزمُني فمٌ كالوردةِ السحريَّةِ البيضاءِ
فوقَ قميصكِ الورديِّ كي أنهى القصائدَ عنكِ
أو أصفَ الرذاذَ الحلوَ..
حبرُ رسائلِ العشَّاقِ يلزمُني.. وبحرٌ نائمٌ
ويدٌ لأخلعَ عن دمي أجراسَ دمعكِ
حينَ تُعولُ في الجسَدْ.
*******

كن لها قمَرَاً وساقيةً

لا وقتَ لي لأموتَ في هذا المساءِ الشاعريِّ
كموتِ أيِّ فراشةٍ صفراءِ في نارِ الظلامِ
فسنبلاتُ الصبحِ تخفقُ في انتظاري الآنَ
حقلُ الفُلِّ ينبضُ لي ويهمسُ: كن لها قمَرَاً وساقيةً
فكلُّ حبيبةٍ قُتلتْ
على بابِ السماءِ الآنَ تغفو في انتظارِ حبيبها
يا أيها الأعداءُ ما في الحربِ متسَّعٌ لبعضِ الحبِّ.. لا
لا وقتَ لي لأموتَ فانتظروا إلى
أن ينتهي مني الحنينُ إلى بلادٍ لم أزرها بعدُ
وانتظروا إلى أن أعشقَ امرأةً لتنجبني
وكيْ أنهي مزاميري على مهَلٍ
وأفرغَ من تفاصيلِ التشبُّثِّ بالأنوثةِ
أيها الأعداءُ لا تتعجَّلوا..انتظروا قليلاً
ريثما يرثُ الهباءُ بوردتينِ صغيرتينِ فضاءَ روحي..
ريثما أشفى من الشوقِ المخرَّمِ بالنجومِ البرزخيَّةِ
في سماءِ الصيفِ.. أو شفقِ الغبارِ.
*******

زهرةٌ مقمرةْ


دمٌ ذاكَ أم زهرةٌ مقمرةْ
في مناقيرِ أحلى يتامى العصافيرِ
أو في أكفِّ الصغارِ الذينَ
بأعجوبةٍ قد نجوا من براثنَ سوداءَ.. عمياءَ
للعنكبوتِ الحديديِّ في البحرِ والمرتقى الجبليِّ؟
دمٌ ذاكَ أم زهرةٌ مقمرةْ
في النهارِ وفي آخرِ الليلِ
حولَ شفاهِ النساءِ الوحيداتِ
أو خلفَ أذنِ ابنةِ العاشرةْ؟
دمٌ ذاكَ أم سائلٌ قرمزيٌّ
خفيٌّ يسيلُ من الأبنيةْ؟
دمٌ ذاكَ أم لونُ ما تنزفُ الأغنيةْ
أسفلَ القلبِ وهيَ ترفرفُ
مثلَ الحمامِ على الأقبيةْ؟
دمٌ لا يُمَّسْ
دمٌ كالنَفَسْ
دمٌ ذاكَ أم رغبةٌ مقفرةْ؟
دمٌ لا يُشيرُ إلى المجزرةْ
بأصابعَ بيضاءَ من دونِ سوءٍ
ولا بفمٍ يطلبُ المغفرةْ
دمٌ ذاكَ؟!
لا بل ندى زهرةٍ مقمرةْ.
*******

وصيَّة
بعينهِ قالَ الشهيدُ لزوجتهِ
عندما استشهدَتْ معهُ في الصباحِ الأخيرِ
خذيني إلى حيثما اشتعلَتْ
يدُكِ الذهبيَّةُ بالنرجسِ الساحليِّ
إلى حيثما انطفأتْ شمسُ عينيكِ
في وضَحِ الحبِّ شوقاً إليَّ
لأبصرَ شمسي
بقلبي وعينيكِ...
آهٍ خذيني إلى قمَرٍ
كانَ يسكنُ في الصيفِ بيتي
الذي ماتَ أيضاً بلا أيِّ ذنبٍ
خذيني إلى ساحلِ البحرِ
كيْ لا أموتَ سدىً
من يديَّ وعينيَّ يا زوجتي
قبلَ أن يستبدَّ الغبارُ برأسي
يدُكِ الزنبقيَّةُ متَّكأٌ لفمٍ ضائعٍ
وشفاهُكِ كأسي.
**********

ليتَ الفتى حَجَرٌ


يكفي جمالَكِ أن يبكي بدمعِ نبي
بقدرِ ما فيَّ من حزنٍ بلا سبَبِ
روحي يؤرجحها الماءُ البعيدُ إلى
أقصى الحنينِ.. وجسمي غيمةُ التعَبِ
ألمُّ غربتَكِ البيضاءَ عن جسَدي
بما تكاثرَ من جوعي ومن سَغَبي
ولستُ أرضى سوى بالثعلبيِّ دمي
لكيْ يمَرَّ على حمَّالةِ العنَبِ
أقُبلةٌ منكِ آلتْ لا تسلِّمني
إلاَّ لموتيَ في حُبٍّ بلا صخَبِ؟
أقُبلةُ منكِ آلتْ ليسَ تحفرني
إلاَّ دماءً وأشعاراً على الخشَبِ؟
ليتَ الفتى حَجَرٌ في الأرضِ يسندُ ما
يشيخُ فيكِ من الأزهارِ والذهَبِ
وليتكِ القمرُ البحريُّ.. ليتَ يدي
تطالُ أعلى سماءِ التينِ والرُطَبِ
من ينفضُ النارَ عن عينيَّ؟ من ستُرى
يلقي قميصَ الثرى في وجهِ مغتربِ؟
من أوَّلِ الدهرِ حتى الآن ترحلُ في
غبارِ مائكِ شمسٌ بعدُ لمْ تغبِ
********

لعنةُ القبلةِ الخاطفة

أقولُ لروحِ صديقي الذي ماتَ
في عمرِ رمبو وفان غوخَ من مرضِ العاطفةْ
كلَّما نوَّرت مقلتا عاشقٍ في الترابِ
يخضُّ بكاءُ العتابا دمي
كلَّما ارتاحَ قلبٌ من الحبِّ
كنتَ وصيَّاً على العاصفةْ
أنتَ أورثتني النارَ في كاحلِ الروحِ..
حمَّلتني لعنةَ القبلةِ الخاطفةْ
*******








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان