الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جونتنامو فلسفة روائية لصوفي سكندري

صلاح شهاب
باحث

(Salah Shehab)

2014 / 9 / 15
الادب والفن


عندما تشرع في قراءة شئ محفور بيد يوسف زيدان , ستضطر للتنقل معه داخل خفايا فلسفية صوفية بديعة , لن تستطيع الفكاك منها حتى نهاية حديثه , زيدان مشبوع بروح فلسفية عالية , مهموم بحنايا روحية صوفية مميزة جدا , هو كاتب يلهمك الصبر والسلوان من خلال حواف قشيرات الأدب .
في الحقيقة لا يسعني إلا دفع نفسي اضطراراً للحديث عن رواية زيدان , فحقيقة استمتعت بها , فهي رواية ذات صبغة روحية ملهمة , , يروي تفاصيها بطل القصة صاحب الاسم المبهم بالنسبة لي , أطلق عليه لقبين لايمتان له بصلة , واحد منهم اطلقه عليه المجاهدون حيث دعوه ابا بلال , والآخر اطلقه عليه معتقليه الأمريكان وهو برس - أطلق بدايتاً استهزاءا به عندما حاول جاهدا ان يفهم الجنود أنه ليس ارهابيا وأن اعتقاله جاء عن طريق الخطأ , وأنه يعمل بالصحافة والاعلام - الراوي والبطل شخص جنوبي اصله سوداني عاش بالاسكندرية , يتقن الانجليزية كلغة ثانية نتيجة عمله لفترة كمرشد سياحي , قاده حظه العسر ليعمل بالإعلام , ثم ينتدب للعمل في المنطقة الأكثر سخونة وارهابا ليقاد بعدها إلى معتقل جونتنامو .
كان الراوي يحاكينا في روايته لقصة آلامه بصيغة الماضي , كأنه بمستقبل سنكتشف في النهاية أنه لم يعيشه بعد , جاءت لغته متماسكة الاركان حيث صاغها بلغة سلسة سهلة الايقاع .
كتابات زيدان لا تخلو من ذكر أصله الجنوبي وعشقه للإسكندرية , دائما ما يتم اقحام نفحات من عطر الأصول الآولى الجنوبية , مع ذكر الصفاء السكندري , الأسقاط السياسي واضح بالرواية , هكذا رأيته , فالرواية كتبها زيدان عام 2013م , صدرت عن دار الشروق في طبعتها الآولى عام 2014 م – أي في بؤرة الاحداث السياسية التي تعيشها مصر بالمنطقة – حيث ذكر بأن من اقحم ابو بلال بمنطقة حدود باكستان حيث تم اعتقاله هو عمله بالدوحة لاحدى القنوات – هناك إشارة لعلاقة ما باشخاص في الدوحة بالتنظيمات الإرهابية – ورغم قلة خبرته بالعمل الصحفي إلا انه تم اسناد المهمة إليه دون معرفة سبب وجيه لذلك .

تظهر بعض إسقاطاته عند وصفه للعنبر وخاصة العنبر الذي تم إنشاؤه حديثا للمعتقلين , حيث وقوع بطلنا في زنزانه ملاصقة بجار سعودي , تقع أمامه زنزانة صديقه التونسي , الذي نشئت بينهما علاقة صداقة قوية رغم اضطرابها وتعكرها لفترة إلا أنها انتهت بالصفح – وهي نفس العلاقة مع الجارة تونس فمصر وضعت تونس أمامها , كما أن هناك علاقات محبة وصداقة تاريخية مشتبكة بين الطرفين , رغم التوتر السياسي الذي حدث في الفترة الأخيرة بين الجارتين , إلا أن العلاقة ستظل قائمة , حيث يشير زيدان بإسقاطه ان المحبة دائمة مهما حدث من توتر – وصلت الإسقاطات إلى اوجها في اصطفاف الزنازين المتراصة والمتلاصقة من داخل الممر وكأنها المنطقة الشرقية المتراصة فيها البلدان العربية , أو عند المعركة التي نشئت بالقاذورات أو النابلم كما وصفها بين الأخوة السجناء في زنازين العنبر نتيجة خلاف ديني حول رؤية الهلال , حيث بدى العنبر كأنه المنطقة العربية التي طفح بها مستنقع من التطاحن والضغينة , وكما ترك الامريكان السجناء يعبثون ويتطاحنون بالعنبر , واغلقوا عليهم صنابير المياة للتطهر من شر تلك القاذورات , تركت أمريكا المنطقة ساحة للمعارك الدائرة , وليس هذا وحسب إلا انها تقوم بتزكية الصراعات القائمة والنفخ فيها لتلتهب اكثر فأكثر .
حرص زيدان على إظهار فؤاد الروحانيات الملهمة للبطل والتي انقذته من براثن القتوط والجنون والانتحار للفكاك من الجحيم الذي وقع فيه طيلة الرواية , ورغم الصراع مع الأصولية الدينية المتمثلة في جاره السعودي وابو صعب اليمني , إلا ان تلك الصوفية العالية هي من قادت البطل لتحمل مدة الإعتقال – ملاحظة بسيطة أربكتني اعوام الرواية فلا اعلم هل الكاتب أخطأ مرة بحساب الأعوام بقصد او غير قصد – كما أنه أوضح بان الحوار مع الآخر هو المنجي في النهاية .

انهى زيدان روايته بقراءة لما حدث بالماضي للسنون التي مرت بنا مع تدخلات الولايات المتحدة في المنطقة العربية عامة وبالقطر المصري خاصة بحجة الإصلاح للأنظمة التي افسدت تلك الدول , وإظهار التعاون مع الجناح الإسلامي بالمنطقة ليكون البديل لتلك الإنظمة , أنهاها مع المصري الذي يذهب لندن والتي يراها مع السقيع والبرد والعهر البين هناك إلا انه تلمس نسيم حرية الرأي المتاحة هناك دون سحل أو تكميم افواه , ثم ختمها مع الدوار الذي حدث للراوي من ازدحام الأخبار والأحداث المصرية , لينتهي بإستجلاب شجون قديمة , يستسلم بعدها لإحلام مبهجة يربو إليها بالمستقبل القريب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب


.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_




.. هي دي ناس الصعيد ???? تحية كبيرة خاصة من منى الشاذلي لصناع ف