الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدستور العراقي بين البديل الطائفي والبديل الديمقراطي

عدنان فارس

2005 / 8 / 17
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



منذ الاعلان عن نتائج انتخابات كانون الثاني / يناير 2005 بدأ الحديث عن البديل الديمقراطي، الذي صمَمنا برنينه الآذان قبل سقوط صدام وحتي بُعيد التحرير، بدأ يخبو ويتلاشى تحت استفحال الركلات الطائفية حيث سيادة المظاهر والاجراءات والشعارات والهتافات الطائفية وآخرها شعار: لا لا لصدام ــ نعم نعم للحكيم... الذي على وقع أنغامه أعلن السيد عبدالعزيز الحكيم مشروعه الفيدرالي الشيعي الذي يريد به، مخلصاً، تحطيم البديل الديمقراطي وتهشيم ماتبقى من مفاصله على صخرة البديل الطائفي.
سلسلة اجتماعات رؤساء الكتل السياسية التي دعا اليها ونظمها وأدارها السيد الرئيس جلال طالباني بقصد تذليل الصعاب التي واجهت كتابة مسودة الدستور واستمرت اللقاءات الى قبل يومين من حلول الموعد المحدد لتقديم المسودة الى الجمعية الوطنية انبرى السيد عبدالعزيز الحكيم، الذي هو وأركان مجلس ثورته الاسلامية الاعلى قد خلقوا أصلاً ومنذ البداية الصعاب في طريق عمل لجنة صياغة الدستور، نراه قد طلع علينا او بالاحرى على زملائه رؤساء الكتل السياسية بمقترح مشروع فيدرالية شيعية قوامها مدن وسط وجنوب العراق... يالها من مساهمة في تذليل الصعاب..!؟
يوم امس وبُعيد الاعلان عن فشل التوصل الى اتفاق حول مسودة الدستور التقت قناة العربية بالسيدين صالح المطلك وعلي الدباغ وسألهما المذيع عن الخلاف حول الفيدرالية فأجاب السيد المطلك بأنه والذين يمثلهم يتفهمون مطلب الدور بالفيدرالية السياسية لكوردستان العراق أما فيدرالية شيعية لوسط وجنوب العراق فهذا مالا يسعنا استيعابه وفهمه... فانبرى السيد علي الدباغ، بنبرة عصبية نبّهه عليها صالح المطلك فيما بعد، مخاطباً المذيع: اسأله اسأله رجاءً ليش يقبلون بفيدرالية كوردستان ولا يقبلون بفيدرالية الجنوب.. فردّ علي المذيع مُهدِّئً: يعني اذا الاكراد تركوا مطلب فيدرالية كوردستان فهل سوف تتركون انتم ايضاً المطالبة بفيدرالية الجنوب؟
على السادة انصار عبدالعزيز الحكيم في حزبه وفي بقية الاحزاب المؤتلفة معه أن يعلموا شيئاً مهماً وهو أن الفيدراليات ليست مودة وليست ورقة ضغط ومساومة لابتزاز حقوق العراقيين من كورد وغيرهم وليست خدمة لأغراض حزبية وطائفية او تلبية لرغبات وإرادات إقليمية... إن الفيدرالية السياسية لكوردستان العراق هي ليست مطلب وليد الصدفة وبهدف المناكدة والابتزاز انما هي مطلب ديمقراطي عراقي قد جرى الاتفاق والمصادقة عليه من قبل جميع الاطراف التى عملت على اسقاط نظام صدام وبعثه وبضمنهم حزب السيد عبدالعزيز الحكيم نفسه.
نعم للفيدراليات الادارية التي تهدف تخفيف سلطة المركز من اجل تسهيل تقديم الخدمات وتوفير الحاجات ومستلزمات الحياة اليومية لمواطني المحافظات.. أمّا الفيدرالية السياسية فان لها شرطان أساسيان، كما ورد في قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية ـ المادة الرابعة، هما الشرط الجغرافي والشرط التاريخي وهذان الشرطان متوفران فقط في اقليم كوردستان العراق.
يتحدثون عن (حقوق المرأة) وكان المرأة قطعة ارض بور يُراد اصلاحها أو أثاث متصدّع يراد ترميمه متجاوزون بذلك على احد المبادئ الاساسية التي وردت في الباب الأول من قانون ادارة الدولة :
الباب الاول ـ المبادئ الاساسية: ب: إنّ الإشارة للمذكر في هذا القانون تشمل المؤنث ايضاً.... وهذا مايريده رجال ونساء العراق في الدستور الدائم. وليوفر الاسلاميون مَكرماتهم ومَرحماتهم.
يتحدثون عن الاسلام و دين لحزب وفئة وليس دين غالبية الشعب العراقي وان هذا الشعب سوف ينسى دينه دون وصايتهم وتسلطهم باسم الدين. فيدرالية الوسط والجنوب الدينية الشيعية قائمة فعلاً وعلى أرض الواقع والمواطنون هناك يُعانون الأمرّين على يد حماة الاسلام الجدد كما كان الحال مع فيدرالية أو إمارة المجرم الهارب عبداللـه الجنابي في الفلوجة.. انهم فقط يريدون تثبيت ذلك في الدستور... إن دولة غير متحيزة دينياً وتحترم جميع الاديان هذا يتعارض مع أحكام الشريعة الاسلامية!!
الاسلاميون العراقيون، وعلى رأسهم الاحزاب والتكتلات والميليشيات الشيعية، يمرّون بأزمة مع أنفسهم ومع بعضهم البعض ومع المصالح العليا والحقيقية للشعب العراقي وعليه فلا يمكن لشخص متأزم أو جهة متأزمة وهي بهذه الحالة غير الطبيعية، الى حد الخروج على القانون، أن تساهم بكتابة دستور بلد مثل العراق مُثخن بجراح الديكتاتورية ومُثقل بهموم الاعمار وإعادة البناء في المجال المادي والروحي... ان التصدي للارهاب ودحر أعداء العراق الجديد لا يتم عن طريق الدعوة لإقامة دولة دينية أو دولة (لا تتعارض مصادر التشريع فيها مع احكام الشريعة الاسلامية) وانما عن طريق التمسك باحترام حقوق المواطنة التي أكّدها وقام عليها "قانون إدارة الدولة في المرحلة الانتقالية" الذي يرسم الطريق الدستوري والاجرائي والمؤسساتي نحو عراق حر ديمقراطي فيدرالي مزدهر.
الفشل الذريع الذي واجه (كتبة) مسودة الدستور العراقي يطرح امامنا الحل التالي:
الحل الصحيح والوحيد الآن هو: حل الجمعية الوطنية العراقية و تحرير العراق، مجدّداً، من غرور ونوايا الإسلاميين الاستبدادية وخاصةً جماعة ( الأغلبية والمظلومية ).. إنّ الانتخابات والجمعية الوطنية والدستور الدائم هي مطالب حزبية طائفية تحجُّجية.. في حين أنّ المطلب الأساسي والمُلِح للشعب العراقي في هذه الفترة العصيبة هو : (( الأمن ، الخدمات ، الانضباط الاداري )).. أمّا الدستور الذي ينبغي ان نسترشد به الآن فهو قانون إدارة الدولة في المرحلة الانتقالية.. كما ينبغي بل ويجب وضع حد لمسلسل عمليات السطو والتعدي على مواد وبنود قانون إدارة الدولة الذي يقوم به معمّمو ومعمّمات الجمعية (الوطنية) العراقية.. بيت الداء.

عدنان فارس
[email protected]
16 / آب ـ اوغسطس / 2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تداعيات دعم مصر لجنوب إفريقيا ضد إسرائيل


.. طالبة بجامعة جنوب كاليفورنيا تحظى بترحيب في حفل لتوزيع جوائز




.. الاحتلال يهدم منازل قيد الإنشاء في النويعمة شمال أريحا بالضف


.. الجيش الإسرائيلي: قررنا العودة للعمل في جباليا وإجلاء السكان




.. حماس: موقف بايدن يؤكد الانحياز الأمريكي للسياسة الإجرامية ال