الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيلم الفيل الأزرق : أخطاء طبية فادحة و معلومات مضللة

احمد عسيلي

2014 / 9 / 16
الادب والفن


ربما نتفق جميعا على حقيقة بديهية ، و هي أن السينما ،أو الأدب ، منفصل تماما عن الحقل العلمي أو التاريخي ، و أن هناك مسافة دائما بين الخيال ، و الدراسات الواقعية . لكن من جهة أخرى ، فإن الرواية ، أو السينما ، و خاصة البوليسية ، يجب ألا تشتمل على أخطاء علمية ، و إذا احتوت ، فيجب الإشارة إلى عدم مطابقة الأحداث للحقائق العلمية ، أو التاريخية ،
فلا يجوز مثلا الحديث عن بتهوفن على أنه شاعر عربي ، أو فيلسوف ، إلا إذا أشار الكاتب ، أن العمل الفني مجرد فانتازيا تاريخية ، و قد انتشر هذا النوع من الفانتازيا كثيرا في الدراما العربية سابقا ، مع الإشارة المسبقة أن هذه الأحداث فانتازيا فقط .
و تكمن المشكلة في فيلم الفيل الأزرق ،أنه يعتمد على في حبكته و بنيته الدرامية ، على حقائق الطب النفسي ، دون إشارة من بعيد أو قريب ، أن هذه الرواية تحوي أخطاء طبية ، بل إن الكاتب ذكر و في أكثر من مكان ، أنه اعتمد على معلومات أمده فيها أطباء نفسيين ، و انا أستبعد ذلك تماما ، لأن الفيلم احتوى على عدد كبير من المشاهد ، و التي لا يمكن لأي مبتدئ في الطب النفسي إغفالها، و من أهم هذه الأخطاء و أكثرها فداحة :
1_ رسالة الماجستير في الطب النفسي التي يحضرها البطل الرئيس ، كانت عن دلالة الحركات عند مرضى الفصام ، هذه الدراسة ليست طبية ، و لا يعقل أن تقبلها أي كلية للطب ، ربما تصلح لبعض الدراسات النفسية أو الأدبية ، لكن الطب النفسي بالأساس هو علم طبي ، و دراساته تجري داخل كلية الطب ،و بهدف تطوير العلوم الطبية ، فأين الطب في دراسة معنى الحركات ؟؟بل حتى الوقت الراهن ، لم يتم الإعتراف بشكل أكاديمي بدراسة حركات الجسد ، بالرغم من وجود بعض الكتب و الأبحاث المميزة في هذا المجال ، لكن هذا الموضوع لم يلق اعتراف (أكاديمي ) في العلوم النفسية ، فما بالكم بالعلوم الطبية و التي لا علاقة لها بهذا الأمر
2_ أثناء اللقاء الأول لبطل الفيلم مع المريض ، كان الهدف هو تحديد وجود فصام من عدمه لدى المريض ، أي أن اللقاء كان بهدف دراسة الحالة العقلية للمريض و ليس فحوص الشخصية ،و عندما تطورت الجلسة ووصل المريض الى حالة الهيجان ، يبرز الطبيب ورقة عليها لطاخة حبر ، و بسرعة يسأل المريض عن مدلول هذه البقعة الحبرية ؟
هذا الفحص النفسي يسمى فحص رورشاخ ، و هو من الفحوص النفسية المهمة ، و التي تدل على أعماق الإنسان ، و تكشف جوانب عديدة من شخصيته ، يتألف هذا الفحص من عشر بطاقات تحوي على بقع من الحبر و يسأل المريض عن مدلولات هذه البقع ،
لهذا الفحص آلية معينة ، و يتطلب ظروف خاصة ، أهمها هدوء المريض ، و توفر ظرف مناسب من حيث المكان و الوقت ، و يجب عرض عشر صور بالتتالي على المريض ، و مناقشته بمدلول كل واحدة ، و أهم شرط في هذا الفحص هدوء المريض و إحساسه بالإطمئنان ؟؟
لكن أن يقوم طبيب نفسي بسحب ورقة بشكل عشوائي ، و أثناء حالة هيجان مريض فصامي خطير ، فهذا يدل على عدم وجود أدنى معرفة للكاتب أو المخرج بأصول فحص رورشاخ .....
3_ ذكر في الفيلم أن المريض متهم بجريمة قتل رهيبة ، و بالتالي فهو مريض يصنف على أنه خطير ، و من الممكن أن يرتكب جريمة قتل أخرى ، و في هذه الحالة لا يتم وضع الطبيب و المريض في غرفة واحدة معزولة أبدا ، بل يجب دائما وجود شخص أو اثنين معروفين بقوتهم العضلية ، و قدرتهم على التحكم في المريض في حال حاول إيذاء الطبيب ، و يتم ابعاد جميع الأدوات الحادة عنه ، أما أن يترك الطبيب و المريض في غرفة واحدة و يغلق الباب عليهم ، بل يعطى للمريض قلم حاد ، فهذا لا يتم أبدا في المشافي النفسية ، و الطامة الكبرى أن تظهر بعض المشاهد و قد وضع الطبيب و المريض أثناء فترة الحجز الإنفرادي معا ، و إغلاق باب الحجز ؟؟؟
و هذا ما جرى لاحقا حين قام المريض بقتل طبيب داخل الحجز الانفرادي ..فهل الطب النفسي وليد اليوم ، و لا نعلم إمكانية قيام المريض بهذا العمل ؟ و بالتالي نأخذ جميع الإحتياطات ؟؟؟
جريمة قتل الطبيب في الفيلم ضعيفة جدا ، و من كل النواحي ، لأن ظروف تواجد الشخصيتيتن معا مستحيلة ضمن بروتوكولات الطب النفسي .
المشكلة الكبرى ، أن الفيلم و الرواية لهما انتشار جماهيري كبير ، و كثير من المشاهدين قد أخذوا أحداث الفيلم كحقائق تجري داخل المشافي النفسية ، و خاصة نتيجة عدم وجود كتب لها انتشارها خارج إطار المختصين ، و التي تتحدث عن الطب النفسي و المشافي النفسية بشكل مبسط ، فهل ينقص انساننا العربي المزيد من التجهيل و المزيد من اعطائه المعلومات المزيفة ؟؟ و هل ينقص الطب النفسي المزيد من التشويه ؟؟؟
و لكن من جهة أخرى ، لا أخفي أبدا استمتاعي بمشاهدة الفيلم ، و بقراءة الرواية ، و قد استطاع الكاتب و المخرج ضنع سينما مشوقة ،أخافتنا ، وورطتنا بالإنغماس في أحداثها ، و هذه نقطة تحسب للعمل ، و يحسب أيضا للممثلين تقمصهم المتقن للشخصية ، و خاصة خالد الصاوي ، الذي أبهرنا بقدراته التمثيلية ،لكن الأخطاء الطبية نزعت الكثير من روعة الفيلم ، و حددت كثيرا من مستواه ........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة إغماء بنت ونيس فى عزاء والدتها.. الفنانة ريم أحمد تسقط


.. بالدموع .. بنت ونيس الفنانة ريم أحمد تستقبل عزاء والدتها وأش




.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان


.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي




.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح