الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كرسي الإعتراف (2)

رشيد العالم

2014 / 9 / 16
الادب والفن


كرسي الإعتراف (2)
بَعْدَ ألفِ ليلة وليلة، لمْ أسْلمْ مِن حُلم ٍ يَنهَشُ عِظامِي بنهَم وشبَق، ولم أسُق شهرزادي إلى الجَلاد، ولم تنتهِي قصّتي مَعَها بَعدُ وَلم تبدأ، لكنني كل ليلة، أسُوقُ نفسِي إلى زِنْزَانة تزمَامَارْتية ٍ، إلى كرسِي اعتِرَاف ٍ مُلتهِب، أجَلّدُ نفسِي بأنْ لا أعترف، وأتلذّذ بِمَازوخِيّتِي وَسَادِيّتي. ومَاسُوتشِيّتِي.
بَعْدَ ألفِ ليلة وليلة، مُنذ الليلة الأولى التي سَافرنا فِيهَا مَعا ً فوقَ بسَاط مِن سَحَاب، لمْ تمْسِكنَا لاجَاذبية الفضَاء، وَلم تسْجُنّا جَاذبية الأرض، بعدَ هَذا الإسْرَاء الافتِرَاضِيّ وَالمِعرَاج السّرَيَالي، الذِي ارتقينا وتسَامَينا وَبلغنا فِيه المَلكوتِ الخَالد، و سَرَينا إلى َحَضرةَ الأسرَار، ومَهبِط الإلهَام، كمَا سَرى البَدرُ فِي دَاج ٍ مِن الظلم، لمْ أدر كيفَ عُدنا، ولا كيف رحَلنا، كيفَ سَرَينا ولا َكيفَ عَرجْنا، بَعدَ ألفِ ليلة وليلة إلى سَمَاءِ الحُلم الأوّلْ.
مَثل كرسِيّ الاعتِرَاف مرة ً أخرَى أمَامي، لكن، هَل يَجُوز الاعترَافُ والأسْقف غائب ؟ والدّيرُ خَال ٍ مِن القسَاوسَة والرّهَابنَة والكهَنَة ؟
ما عَسَاي أقولُ وَأنتِ لمْ تمُدّينِي بَعدُ " بسِرّ الأفخارْستيا " هَل أبوحُ بمَا قلته، فِي كرسِيّ الاعتراف الأول، الذي كنت فيهِ غائبة ؟ أم أنتظر حَتّى تكونِي مَعِي ؟ لنأكل مِن يدِ أسْقفِنا الغائِب، خُبْز َجسَدِنا الغاَئب، ونرْتشِفَ خَمْرَتنا المُعَتّقة المَعْصُورَة مِن كرومُ دَمِنا، فنكونَ أصْفى وأنقى مِثل مِلح الأرضِ، كمَا جَاء فِي سِفر "متى "
جَميلٌ أن يَكونَ للعَاشِق، كرسِيّ يَعترف فِيه، أمَامَ مَعْشوقَتِه. لكِن الأجْمَل أن يجلِسَا معا ً عَلى كرسيّ وَاحِد.
فيعترفا معا ً، وَتقطرَ دُمُوعهما عَلى كرسيَ ٍ وَاحد.
ليَرْتشفا بَعد قُبْلة التوبةِ خَمْرة ً رُوحية تقطر عَلى قلبيهما مِن السّمَاء، فيَغسِل العُشاق رجْليْهِمَا بمَاء ِ الرّحمَة، وينشفاهما بحَريرِ الخَلاص، وهالات المحبة الصافية، ليقبلا بَعدَ ذلك رِجلين مُبَارَكتين وُلدَتا مِن جَديد، لتخطوا نحْو الخلاص، نحوَ الشمس، بظل وَاحِد، لكي لا تعُودا إلى كرسيّ الاعتراف.
قد يبدُو هَذا البَوحُ حُلما ً آخر، خَطيئة ً أخرى، لم تُولد مَعِي، لكنني قد أكونُ وَالدا ً لمُضغَتِهَا، أظنك تسمَعُ بوحِي الشريد، لكنك لم تستوعِبْ فلسَفة جنوني بَعدُ، وَلا جُنونَ فلسفتي، سَأتجنبُ وصْف الشعَرَاء، لكي لا أخونك بمَا انبثق مِن العبَارَات، وَلكي لا أخونني بما انبثق مني من عبارات.
قلتُ لكِ في الاعترافِ الأوّل، أنني قد لا أصَاحِبك في هَذا الحُلم مَرّة أخرى، لكنني فيمَا يبدُو لي كنتُ عَلى خَطأ، حِينما وصَفته بالحلم، مثلما يصِفه الشعَراء، الذين هم في كلّ وَاد ٍ يَهيمون،
لم يكن حُلما، إنما كان اليقظة التِي تسْبُقُ رَعْشة العَاِشِق/ المُذنِب، وانكسَاره وَهوَ يمْشِي بخطىً ذليلة نحو كرسيّ الاعتراف.

EMAIL / [email protected]
FACE -;- rachid elaalem








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي


.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |




.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه


.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز




.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال