الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات بين المشاركة والمقاطعة

محمد كمال

2014 / 9 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية




الانتخابات القادمة تطرق الأبواب وجموع المواطنين تعد عدتها وتتهيأ لخوض الانتخابات وهي مقتنعة بضرورة دعم مسيرة المشروع الإصلاحي وتدرك أهمية صونه ورعايته خاصة وأن المشروع في مرحلته الأولى على دروب الديمقراطية، وهذه الجموع تدرك أن الديمقراطية باستحقاقاتها المتقدمة والشاملة لصالح كامل المكونات الاجتماعية لا يمكن تحقيقها في المراحل الأولى للمشروع وبعد فترة قصيرة من التعاطي مع دورات انتخابية مازالت في أطوارها الأولى. مع هذه المسيرة وهي تشهد دورتها الانتخابية الرابعة، فإننا مازلنا في بدايات مرحلة انتقالية من حال سياسي لا ديمقراطي إلى حال سياسي مفتوح على الديمقراطية في صيغتها البرلمانية وبأدواتها الانتخابية، وهذه هي الخطوة الأولى في مسيرةٍ أمامها خطوات تتراكم الخبرة البرلمانية والانتخابية من خلالها، ومنها حتماً سنشهد تحولاً نوعياً في خطوة متقدمة من الاستحقاقات الديمقراطية، وهذه العلاقة بين ألكم والنوع هي من صلب قانون الجدلية في الطبيعة والمجتمع.
في هذه المرحلة الانتقالية تعيش مختلف القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية حالة من التوجس وعدم وضوح الرؤية وحتى التردد، وعادة ما تكون حالة التوجس أعلى حرارة عند القوى والفئات التي تشعر بأن المشروع الإصلاحي يلزمها بالمشاركة مع جميع قوى وفئات الشعب في استحقاقات لم تعهدها في سابق علاقاتها مع هذه الجموع من الشعب. في مقابل هذا التوجس من القوى المتنفذة هناك القوى الإنتاجية والخدماتية والتي هي أساس الكيان الوطني تعيش حالة من التوقعات، والتي قد تكون ذات سقوف عالية بالعلاقة مع المرحلة الانتقالية، إضافة إلى حالة من الخوف على المشروع من احتمال أن تكون هناك مراكز قوى لا تستسيغ هذه المسيرة الإصلاحية التي قد تمس مصالحها.
التوجس والتردد من جانب، والتوقعات والخوف من جانب آخر، كلها حالات نفسية-اجتماعية طبيعية، لأن الناس عادة ما تتملكها الرهبة والخوف والتردد من اي جديد، خاصة إذا كان الجديد نقلة نوعية على مستوى الوطن كله ويمس مفاصل حساسة في كيان هذا الوطن، حتى التوقعات الواقعية والعالية تحمل في ثناياها مشاعر الخوف وبعضاً من عدم الثقة، هذا هو الحال مع الانسان في علاقته مع كل جديد.
من أهم وأخطر القوى المتنفذة، لا في السياسة بمعنى السلطة ولا في الاقتصاد بمعنى النشاط الاقتصادي المباشر، هي تلك القوى التي تتربع على عروش السلطة العقائدية والمذهبية وتتمتع بالولاء شبه المطلق من قبل شرائح اجتماعية جلها من قوى الانتاج والخدمات، هذه القوى المتنفذة، فئوياً وطائفياً، عندما تتواجه مع الجديد في نقلته النوعية تتوجس خيفة ويتملكها عدم ثقة من أي تغير قد يجلبه هذا الجديد الذي من المتوقع أن يمس مصالحها ويخلق نقلة نوعية في وعي الولاء من الفئة والطائفة إلى الوطن في كليته، إن هذا التحول النوعي في وعي الولاء يكلف هذه القوى نفوذها ومصالحها، من الطبيعي إذاً أن يكون المشروع الإصلاحي بتوجهه الديمقراطي عقبة في وجه هذه القوى التي تجد نفسها مضطرة لمواجهته والعمل على إفشاله.
من الطبيعي أن تتحرك مختلف القوى في الاتجاهات التى تعبر عن مصالحها وتحاول أن تجند قاعدتها في ذات الاتجاه، وهذه القوى بشكل عام تنقسم إلى نقيضين، أحدهما مع المشاركة في الانتخابات القادمة، وأخر أخذ منحى الإنكفاء على الذات والمقاطعة. إن التحرك في إتجاه المشاركة خيار ينسجم مع المشروع الإصلاحي وينبع من روح المسؤولية والالتزام تجاه الوطن، وهذا الاتجاه الذي اختار المشاركة يعي أن مصالحه تتجسد في سلة الوطن وليست هناك سلال أخرى يتمصلح من مواردها.
على الضفة القابلة لمجرى الانتخابات والمناقضة للمشاركة نشهد ما يتسمى بالتحالف الذي اختار المقاطعة، وهذا التحالف المقاطع يتشكل من تيارين أساسيين متناقضين، والأيديولوجيا بينهما في تناحر تاريخي ويستحيل أن تلتقي أيديولوجية علمانية أو حتى شبه علمانية بايدولوجية طائفية بحتة. فهذا التحالف في محتواه سلة تحوي النقيضين، وحتماً فان أحدهما يستغل الآخر والآخر قد اقتنع بالاستقواء بالنقيض، فهذا التحالف لا يخرج عن كونه لَمَّةً غير متجانسة ولا متناغمة، وبالنتيجة فإن الذي يجمع بينهما ليست إستراتيجية مشتركة بل رؤية مشتركة في مجمل المشروع الإصلاحي من خلال التعاطي مع الانتخابات البرلمانية.
رغم الرؤية المشتركة بينهما، وهي التي تبرز على سطح الأحداث، إلّا أن منابع الرؤية بينهما مختلفة، فالقوى الطائفية المقاطعة تستمد قناعتها في رؤيتها من موارد أجندتها الخاصة والمتقوقعة في ذات طائفيتها - ليس طائفتها -، وهذه القوى الطائفية لا تتناسب معا الديمقراطية التي تتناقض مع أيدولوجيتها ومصالحها، فالرؤية عندها جاهزة، وهذه الرؤية هي التي تتكيف مع مصالحها على هوى التحولات في الساحة السياسية، فهي تدرك تماماً متى تأخذ خطوة الى الامام ومتى تأخذ خطوتها الى الخلف، رؤية لها قاعدة أيديولوجية راسخة. بينما الطرف المتحالف مع هذا الصرح الطائفي العنيد في تحالف غير مقدس تنبع رؤيته من حسابات اختلطت فيها عناصر الماضي «التليد بكل عاطفيتها وتاريخيتها» بمحك الحاضر الذي استجدت فيه عناصر محفزة للتقدم الى الامام، وربطت عناصر الحاضر بعناصر الماضي، وكان ذلك إسقاطاً للماضي على الحاضر، من الطبيعي أن تكون نتيجة هذا الخلط هو التخبط في مسار استنباط الرؤية، فجاءت الرؤية غير منسجمة مع مقتضيات الحاضر.
وهكذا التقى النقيضان في رؤية مشتركة وجمعهما الحلف غير المقدس من جانب وغير الاستراتيجي من جانب أخر.
فمتى ستخلع هذه القوى العلمانية وشبه العلمانية عنها رداء الماضي وتكرس جهودها واستنباطاتها الحسابية من مستجدات الحاضر وهي تنظر الى الامام دون التفاتة عاطفية إلى الماضي حيث عاطفية «كان ما كان في سابق الزمان - كم كان بائساً ذاك الزمان».








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السياسة الفرنسية تدخل على خط الاحتجاجات الطلابية


.. روسيا تزيد تسليح قواتها ردا على الدعم الغربي لكييف | #غرفة_ا




.. طهران.. مفاوضات سرية لشراء 300 طن من اليورانيوم | #غرفة_الأخ


.. الرياض تسعى للفصل بين التطبيع والاتفاق مع واشنطن | #غرفة_الأ




.. قراءة عسكرية.. صور خاصة للجزيرة تظهر رصد حزب الله مواقع الجي