الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إطلالة قصيرة على كافكا

كلكامش نبيل

2014 / 9 / 17
الادب والفن


هذه أولى قراءاتي لكافكا وقد شدّني الكتاب بإسلوبه المنساب والغموض الذي يلفّ أحداثه لدرجة تحاول معها أن تدرك ما يرمي إليه، الكتاب أشبه بالشفرات العميقة ولكن المؤلم أنّك لا تعرف في النهاية إن كنت قد توصّلت إلى ما يريده الكاتب أم أنّك كوّنت فكرتك الخاصّة البعيدة عن الهدف الذي كُتبت من أجله هذه القصص القصيرة.

في الرواية القصيرة "في مستوطنة العقاب" نلمح شخصيّة مستكشف غربي يزور جزيرة ليراقب عمل آلة تعذيب رهيبة يصفها الكاتب بالتفصيل، تكوينها وطريقة عملها المثيرة للإشمئزاز، بالإضافة إلى نقاش حول مؤسّسها الذي أسّس المستوطنة أيضا وشغف الضابط بها وبعملها وبعبقريّة ذلك المؤسّس وكيف أنّه كان في زمانه كلّ شيء مقبول وبدأ يذوي بمرور الزمن. الرواية تناقش موضوع إخلاص جيل ما للأساليب القديمة حتّى لو كانت لا إنسانيّة وكيف أنّهم سيقعون ضحيّتها في النهاية، ربّما ترميز يشير إلى أنّ من يلتصق بالقديم مهدّد بالزوال ولكنّ الإشارة الأخيرة على القبر تشير إلى أنّ ما يمضي قد يعود أيضا من جديد يوما ما، بعد أن يبعثه قائد يؤمن به. وفي الرواية إشارة إلى إمكانيّة تأثير الغرباء بقرارات الدولة وقبولها من قبل الحكّام والتغيير بناءا على نقدهم في حين لا يكون ذلك متاحا للمواطنين أنفسهم في تلك البلدان الدكتاتوريّة. الرواية غامضة وتغرقك في حيرة وأنت لا تعرف المغزى الحقيقي لها. هل هي دعوة لإدانة التعذيب؟ هل هي تخويف بأنّ من يعذّب سيلقى مصيره السيّء يوما ما؟ أعتقد بأنّ قرّاءها بكل تأكيد سيكونون نظرتهم الخاصّة عنها والمختلفة عن نظرة غيرهم.

في القصّة القصيرة "بنات آوى وعرب" يوضّح الكاتب حوارا خياليّا بين رحالة أوروبي – في قاقله يقودها عرب وقرب واحة ما – وبين مجموعة من بنات آوى، وخلال الحوار توضّح بنات آوى إحتقارها للعرب وقذارتهم ولحاهم الفضيعة وتعتبر بأنّها تبحث دائما عن الأوروبيّين الأذكياء – وهي الصفة التي يفتقدها العرب وفقا لوجهة نظر الكاتب – وإعتبارهم مخلّصين لهم من حظّهم السيء في كونهم يعيشون وسط العرب. في القصّة القصيرة رموز كثيرة صعب الحل، فبنات آوى ينتظرون من يخلّصهم من العرب ويعتبرون بأنّ هنالك دماء بينهم يجب أن تسفك، ولكنّ الخاتمة توضّح تكالب بنات آوى على جيفة جمل جلبه العرب لهم وهم يلهبون ظهورهم بالسياط، ويسخر العربي منهنّ ويوضّح بأنّه يعرف قصّتهن وطلبهنّ المساعدة من كل غربي لتنفيذ حلمهنّ وفي الوقت نفسه لا يقاومن إغراء الجيف التي يلقون لهنّ بها. الفكرة عميقة وأشك أنّني توصلت للرسالة الأصليّة منها، ولكن هنالك تناقض بين كراهيّة شخص ما لأحدهم وتعلّقه بالجيف التي يلقي له بها وفي الوقت نفسه إشارة لقوم يأملون في مساعدة الغربيّين لهم لتحقيق مساعيهم. كونت فكرتي الخاصّة عن المغزى ولكنّي أكيد أنّ شخاص كثر سيكونون فكرة مغايرة.

ختاما الكتاب شيّق ومهم وخصوصا وأنّ شخصية كافكا الفكريّة عصيّة على التصنيف فهو المغترب روحيا وقد نشأ في التشيك وسط أقليّة يهوديّة ناطقة بالألمانيّة وحاولت العديد من الجهات نسبته لهم، كالجمعيّات الإسرائيليّة والأحزاب الإشتراكيّة وغيرها، ولكن يبقى كافكا شخصيّة حرّة لا توجد أي دلائل على إرتباطه بجهات سياسيّة معيّنة. وتعدّ هاتين القصّتين القصيرتين من أكثر أعماله إثارة للجدل في أوساط النقّاد في الشرق الأوسط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مغني الراب الأمريكي ماكليمور يساند غزة بأغنية -قاعة هند-


.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت




.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً


.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو




.. في عيد ميلاد عادل إمام الـ 84 فيلم -زهايمر- يعود إلى دور الس