الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاقتصاد العراقي والانتقال من موازنة البنود إلى موازنة البرامج

عبد القادر خضير قدوري

2014 / 9 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


الاقتصاد العراقي
والانتقال من موازنة البنود إلى موازنة البرامج
العراق يمتلك أفضل الكفاءات البشرية وأغزر الموارد الطبيعية , لكن في الوقت ذاته يتبع سياسة اقتصادية تعتمد على نمو الناتج من مورد معين أو قطاع معين لوحدة دون غيره إلا وهو قطاع النفط . هذه السياسة الاقتصادية الريعية أحادية الجانب واحدة من أهم أسبابها هو الموازنة العامة للدولة . أذا ما علمنا أن الموازنة أحدى الأدوات التي تساعد الإدارة في التخطيط من اجل تعزيز النمو الاقتصادي وتشجع استخدام الموارد بكفاءة والمساهمة في أحداث التغيرات الهيكلية المطلوبة اقتصاديا وتعزيز عوامل الإنتاج وإزالة المعوقات التي تحد فاعلية عمل الأدوات الاقتصادية, وتشجع نمو الطبقة الوسطى الذي يعتمد عليها نمو الاقتصاد إلى حد كبير والمساهمة في حل مشكلة البطالة والحد من التضخم. أن السياسة الاقتصادية الريعية موروث من تركة الأنظمة السياسية السابقة , كما هو الحال بالنسبة لنظام الموازنة العامة للدولة العراقية . و في قراءة سريعة لتاريخ الموازنة العامة في العراق منذ عام 1921 م مرورا بإصدار قوانين أصول المحاسبات العامة لسنة 1940 م ودستور عام 1964 م وقانون الموازنة العامة الموحد لسنة 1985 م وتعديلاته سنة 1990 م إلى سنة 2004 م وقانون الإدارة المالية والدين العام وتعديلاته عام 2005 والدستور العراقي الدائم . نلاحظ أن اغلب الأنظمة السياسية اعتمدت على نوع واحد من أنظمة الموازنة ألا وهو نظام البنود والاستمرار والاعتماد على هذا النوع من الأنظمة جعل الموازنة العامة للدولة العراقية بعيدة كل البعد عن الرؤية التخطيطية ذات البعد الاستراتيجي مما ولد سياسة اقتصادية ريعية أحادية الجانب ترتكز بالدرجة الأساس على رصد التخصيصات وتوزيع الريع النفطي على أبواب الأنفاق المختلفة للموازنة دون مراعاة جدوى هذا الإنفاق ومدى توازن العائد المتحقق عنه مقارنة بكلفته .
أن أسلوب موازنة البنود يعد من أقدم الأساليب والتي بموجبها يتم تصنيف النفقة تبعا لنوعيتها وليس وفقا للغرض منها , بمعنى أن يتم حصر المصروفات ذات الطبيعة الواحدة في مجموعات متجانسة رئيسية وفرعية بصرف النظر عن الإدارة الحكومية التي تقدمها , ثم بعد ذلك يتم تقسيم النفقات إلى فئات رئيسية تسمى أبواب حيث يتم تقسيم هذه الأبواب الرئيسية إلى بنود فرعية . ومن ابرز عيوب موازنة البنود هي عدم وضوح الأهداف التي ترصد لها الاعتمادات وعدم القدرة على قياس الأداء الفعلي للأجهزة الحكومية , مما يعني عدم التأكد من أن الوزارات والدوائر الحكومية تحقق أهدافها بالكم والنوع المطلوبين , وهذا ما يدفع مختلف الجهات الحكومية للحصول على التخصيصات أكثر من اهتمامها بالنتائج التي يجب أن تتحقق من عملية الأنفاق مما يعني حصولها على تخصيصات أكثر مما تتطلب برامجها المستقبلية . كذلك عدم ارتباطها ( موازنة البنود ) بشكل دائم بالخطط التنموية للدولة وقلة المرونة عند التنفيذ لأن الاعتمادات مرصودة لبنود محددة فقط . بالإضافة إلى مركزية عملية أعداد الموازنة دون أن يكون للحكومات المحلية دور كبير في تقديم المقترحات والبرامج عامل مهم في أبعاد بنود الموازنة عن اختيارات وأولويات الحكومات المحلية . كما أن أسلوب موازنة البنود يدفع باتجاه المفاوضات بين الكتل السياسية ( البرلمانية ) مما يتسبب في تدخلات كبيرة وكثيرة من تلك الكتل التي تريد تعديل وحذف وإضافة فقرات بما يخدم مصالحها الفئوية والسياسية والشخصية بعيدا عن خدمة الاقتصاد العراقي .
من اجل تفادي عيوب موازنة البنود ونقل التركيز من وسائل القيام بالعمل إلى العمل المنجز نفسه . بمعنى بيان الأهداف التي تطلب لها الاعتمادات المالية وتكاليف البرامج المقترحة للوصول إلى تلك الأهداف وكل ما أنجز من الأعمال المدرجة تحت كل برنامج والبيانات والمعلومات الإحصائية التي تقيس الانجازات . لا بد من مغادرة هذا النظام من الموازنة وأتباع نظام موازنة البرامج الذي أصبح حاجة موضوعية تقتضيها التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية . والحاجة لوجود خطط بعيدة المدى لتنفيذ البرامج الحكومية الكبيرة بمعنى تحديد برامج ومشاريع الوزارات والمصالح الحكومية لعدد من السنوات المقبلة والنفقات المتوقعة لها , وليس لسنة واحدة كما تفعل موازنة البنود التي تبين نفقات سنة مالية واحدة لا ترتبط في اغلب الأحيان بتخطيط طويل الأجل . كما تهتم موازنة البرامج بتحديد الأجهزة الحكومية للبرامج الرئيسية لكل وزارة أو مصلحة ومن ثم تقسم البرامج الرئيسية إلى برامج فرعية


والبرامج الفرعية إلى نشاطات وترصد الاعتمادات اللازمة لتنفيذ البرامج الرئيسية والفرعية والنشاطات في وثيقة الموازنة العامة على الصفحات المخصصة لها . تحليل البدائل واحدة من القواعد الأساسية التي ترتكز عليها موازنة البرامج وذلك بتحديد الطرق البديلة لتحقيق الأهداف العامة للأجهزة والمصالح الحكومية . فبعد تحديد البدائل تجري الدراسات التحليلية المعمقة لها بهدف تحديد التكاليف والعوائد منها و المزايا والعيوب المرتبطة بكل منها على ضوء نتائج المفاضلة بين الطرق البديلة يتم اتخاذ القرارات . ومن خصائص موازنة البرامج تقيم الانجازات الناتجة عن تنفيذ البرامج والمشاريع ومقارنة ما أنجز بما كان مخطط له قبل التنفيذ وهذا من ِشأنه أن يكشف عن المشاكل التي تواجه التنفيذ وعن نقاط الضعف في التخطيط والبرامج والمشاريع وعن التغيرات التي يلزم إدخالها على تلك البرامج والمشاريع لكي تسهل عملية التنفيذ والوصول إلى الأهداف المطلوبة . كما أن من أهم مزايا موازنة البرامج تحديد الأهداف الوطنية بوضوح وترتيبها حسب الأولويات وترجمتها إلى مشاريع قابلة للتنفيذ . وأيضا رفع مستوى كفاءة وفاعلية الإدارة وذلك بالعمل على تحقيق اكبر قدر ممكن النتائج باستخدام الموارد المتاحة للدولة بأقل قدرة من التكلفة. تحسين وترشيد عملية اتخاذ القرارات في الأجهزة الحكومية وبناءها على أسس موضوعية بالاعتماد على معاير وتحليلات علمية , وبالإضافة إلى زيادة التنسيق في الأعمال بين الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى والقضاء على الازدواجية .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران