الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد تحرير العراق …لن تكون خيارات الفاشست هي ذاتها خياراتنا

كامل السعدون

2002 / 12 / 12
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

 

حين يرحلون غير مأسوف عليهم ، فإننا في حلٍ من صداقاتهم كما عداواتهم …!

حين تغرب غيمتهم السوداء ، ستجر معها لاشك أذيالها ، رموز وشخوص وعلاقات وتحالفات وتاريخ ، لا شأن للعراق به ولا العراقيين ، فنحن… نحنْ أول ضحاياهم ، ونحن نحنْ آخر الضحايا …!

أقول هذا بمناسبة جدلٍ دار ويدور ، حول تصريح هذا المعارض أو ذاك بشأن العلاقة القادمة مع إسرائيل ، أو زيارةٍ قام بها هذا العراقي أو ذاك لإسرائيل ، أو آخر يريد إغلاق سفارة فلسطين في بغداد وطرد الفلسطينيين من بيوتنا التي استولوا عليها بعد نزوحنا الكبير بفضل بطل التحرير القومي صدام حسين ....!

نحن والعالم جميعه يعرف أننا كنا كما الكويتيين ضحايا لصدام حسين ولبعض الفلسطينيين ، ولا أقول كلهم .

لقد كان فلسطينيو جبهة التحرير العربية ، المخلب الصدامي كما غيرهم إبان انتفاضة شعبنا الباسلة في 1991 ، ولكن أهم الفلسطينيون وحدهم من عول ويعول صدام عليهم باستمرار ؟ لا …. فكل عربيٍ ضللته الشعارات وفصلت مقاسات ثوب وعيه مسلمات الأجداد والجدات ، وقف في الخندق الصدامي ، لأنه الأرخص والأوفر عطاءٍ ، والمتيسر ، إذ تتعسر الخيارات وتتعذر بحكم القبضة الحديدية لحكامنا في العالم العربي .

صدام حسين ، كان البهلوان الذي يرقص على الدبكة الفلسطينية في عرض الشارع ، وفوق هذا هو من يدفع لمتفرجيه من أموال شعبه المغيب والمنتهك والمسحوق ، فلم لا يؤيده المؤيدون ؟.

ولكن هذا لا يعني أننا سنعاقب الأبرياء بجريرة من أذنبوا ، لا .

وبذات الآن فنحن في حل من صداقة صدام حسين للفلسطينيين ، نحن في حلٍ من أخوة الدم ، والمصاهرة الغير شريفة بين فاشست البعث ومتلقو التبرعات من إرهابيو الداخل الفلسطيني …!

لقد كانت القضية الفلسطينية همّاً عراقياً لأكثر من نصف قرن ، همّ الشعب كما الحكام ..

وكانت على الدوام مطية الحكام لإذلالنا وابتزازنا وإسكات أصواتنا ، لأنه وحيث يكونوا على باطل في كل شيء ، فهم على حق في هذه ، وكان هذا أخطر مصائبنا وأكثرها إيلامنا ..!

وكما هو الحال عندنا ، فهو ذاته لدى الآخرين من أشقائنا العرب .

وأقسم إنها جيرت باتفاق ضمني خبيث بين الحكام من جهة ، وبين القوى العظمى وإسرائيل ذاتها من جهةٍ أخرى ، لإلهائنا عن اللحاق بعجلة التقدم والتنمية والديموقراطية .

لقد تركت القضية الفلسطينية ملفاً مفتوحاً ، يتسابق الطغاة على حفظ نصوصه والإضافة إليها وتجديد أوراقها ، كلما اصفرّت وبهت لونها واعتراها الذبول …!

تركت القضية الفلسطينية سوق عكاظ ، يتسابق القادة الإسرائيليون لإلقاء نصوص التوسل والبكاء من على منابرها مطالبين العالم الحر لإنقاذهم من العرب والمسلمون الذين يريدون إلقاءهم بالبحر .

فضللتهم المضلة الأمريكية والأوربية ، وتعهدت جنين ديموقراطيتهم حتى شب عن الطوق وقوي عوده وصار الجنين قوةٍ اقتصادية عظمى لا تقل قوة عن نضيراتها من صغار طيور السرب الغربي الحر ، كالسويد وبلجيكا والنرويج وغيرها …!

أما في معسكرنا ، فإن حكامنا فعلوا العكس ، إذ حجبوا شمس الحقيقة عنا إذ مرروها من النفق الفلسطيني الغير قابل وبإجماع كل الأطراف على أن لا يفتح ، أو ينسف …!

وشتان بين ما أراده حكامنا …وما أرادته إسرائيل …!

شتان بين استثمار لمصلحة الشعب اليهودي ، وبين استثمار لمصلحة حكامٌ متخلفون ، تحركهم من وراء الحجب الخفية ، نصوصٌ عتيقةٌ وطلاسم لا تجرؤ على مواجهة نور العقل ولا شمس الحقيقة ، فتنزوي في الخفاء لتبطش بكل معترض بقوة التكفير وسيف الله المزعوم .

ورحم الله السادات إذ قال هو حاجزٌ نفسي يجب أن يحطم ، وكان أول من فتح ثغرة في هذا الحاجز ، وكان أول ضحاياه …!

لماذا يراد لنا نحن الشعوب ، أن نستمر في عداء زائفٍ لإسرائيل ، عداءٍ كانت تريده إسرائيل إبان الحرب الباردة ، وكان ولا زال يريده حكامنا أو بعضهم زيفاً من أجل إعاقة تمونا الطبيعي أسوة بكل خلق الله …؟

لماذا يجيز الحكام لأنفسهم أن يتحالفوا تحت الطاولة ، ويتركونا كالبهلوانات نرقص فوق الطاولة على إيقاع الدبكة الفلسطينية …؟

لماذا يفرضون علينا طقوس عداوةٍ زائفةٍ ، ولا يسمحوا لنا بقراءة جديدةٍ عادلةٍ لنصوصهم وطلاسمهم ، بتجردٍ علمي وبدون خوفٍ أو ضغوطٍ من الوعاظ وسيف الوعاظ المسلول على رقابنا منذ أيام الفتح حتى يوم الله هذا..!

لماذا يريد لنا الحكام والوعاظ أن نظل عمياً عاجزين عن البحث عن زاد حر لوعينا بعيداً عن ما يلقوه علينا من فتات وعيهم المتخلف والعاجز والذي لا لون ولا طعم ولا نكهة له إلا نكهة الدم المحروق ، وتراب المقابر المتعفن …!

ولماذا نحن العراقيين بالذات …..ولماذا هو العراق بالذات من يريد له الآخرون أن يضل البعير الذي يحمل

كنوزاً ، وتحرم عليه كبشة حشيش ، لماذا …؟

 

أو ليس أولى بنا أن ننحاز ليهود العراق وهم أهلنا وكان لهم على هذا البلد فضل ويدٌ كريمة…

أهل بابل القدامى ، وسبايا ملوك بابل القدامى ، أحفاد إبراهيم الخليل ، أبا إسحاق ويعقوب والأسباط …

وإبراهيم كان هنا …كان في أرض ما بين النهرين ، ومنها خرج …!أ

أو ليس من المنطقي أن ننحاز لمسيحيونا العراقيين والعرب ، الطيبون المسالمون ، الذين حرموا من كثيرٍ من حقوقهم في أوطانهم الأصلية ، والذين لا تثقل أعناقهم نصوص العداوة لليهود ولا للبوذيين ، إذ ليس في المسيحية

تكفير وإقصاء للأخر …، ولا يدعون أن لديهم رسالة في إقامة مملكة الله على الأرض ، بل أن مملكة الرب في السماء كما قال المسيح…!

أو ليس أولى بنا أن نتصالح مع أنفسنا ، مع تاريخنا ، مع ضحايانا ، والذين صاروا لاحقاً أعداء لديهم أسباب القوة والمنعة ، إذ ملكوا نواصي العلم وعناصر التمدن ، والتي حرمنا منها بفضل أشياخنا وأشياخ أشياخنا الذين يحكمونا من قبورهم التي درست ، إلا في وعينا الجمعي وكتبنا المدرسية…!

وإذ نتصالح مع أنفسنا ، ونسوي الحساب مع الآخرين ، فأن القضية الفلسطينية التي غدت غولاً خرافياً ، مفرغاً من الداخل مثل طبل رهيب الحجم …أجوف ، ستأخذ حجمها الطبيعي ، وسينال الفلسطينيين إذا ما صلحوا حالهم فعلاً وكفوا عن أوهام تدمير إسرائيل ، سينالو حقوقهم في الأرض والدولة المستقلة…!

أود أن أقول أخيراً ، ليس من العدل تحميل الشعب العراقي المثخن بالجراح ،أي مسؤوليات جديدة…!

وليس لأحد بعد الآن ارتهان العراقيين وأموالهم وأرضهم لأي قضية خارج حدود الوطن العراقي ، وخارج اهتمامات عناصر الأمة العراقية ، من أكراد وتركمان وشيعة وآشوريين ويهود … وأكرر يهود …!

ستكون لإسرائيل سفارةٍ في العراق ، وليس هذا عيب ، بل هو أقل ما يمكن فعله للاعتذار لأنفسنا على الظلم التاريخي الذي وقع بحق يهود العراق ، ويهود المنطقة بأكملها …!

وسنزور إسرائيل ، بل وسنتحالف معها ، وسيفعل الجميع ، الأمر ذاته في القريب ، والقريب جداً ، وستنطوي صفحة العداوة ، وينكمش حراس العقيدة في جحورهم حتى يتعفنوا ..!

 

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يؤيد قصف منشآت إيران النووية: أليس هذا ما يفترض أن يُض


.. عاجل | المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: هذا ما سنفعله مع إيران




.. عاجل | نتنياهو: لم نستكمل تدمير حزب الله وهذا ما سنقوم به ضد


.. قصف مدفعي إسرائيلي وإطلاق للصواريخ أثناء مداخلة مراسلة الجزي




.. نائب عن حزب الله للجزيرة: الأولوية لدينا حاليا هي لوقف إطلاق