الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خرائب النصر

هويدا صالح

2014 / 9 / 19
مواضيع وابحاث سياسية



كانت الكاميرا تجول وصوت المذيع يصف الدمار الذي خلفه العدوان، هنا دمية صغيرة لصبية لم يعثروا بعد على جثتها، وتلك أغراض لمنزل فقير تناثرت بين الخرائب، تتوقف الكاميرا وسط سيل من الجمل الشعرية المؤثرة التي تهدف إلى إثارة تعاطف مشاهد موجود أصلا، فكل من يشاهد هذه السرديات للحدث التي تقوم بها الكاميرا حتما يتعاطف، بل تشخب دموعه دون جهد على شعب تسيل دماؤه حارة ، وتصرخ ليس في القاتل وحده، بل في كل الإنسانية التي تعرف يقينا أن هذا قاتل ولا تتحرك لتردع آلة قتله التي تقتل الصغار والعجائز، وتدمر كل مظاهر الحياة . تصل المأساة لقمتها حين يظهر المذيع في الكادر وهو يقترب من زهرة تناضل من أجل الصمود والوقوف ، وتمد عنقها من بين الخرائب. هنا يزداد المذيع شجنا ، ويخاطب المشاهد بلغة أكثر دراماتيكية وشعرية وهو يؤكد على استحالة إبادة الشعب الفلسطيني الذي سيصمد دوما في وجه آلة القتل المخيفة للعدو الصهويني مثلما صمدت هذه الوردة الصغيرة الضعيفة في وجه الدمار، وقد كان لهذه الصور التي سارت خلفها الكاميرا رمزيتها الشعرية.
أكفان الشهداء يسير بها الناس في شوارع غزة بعد وقف إطلاق النار مكللة بالزهور، الزغاريد تعلو، والرصاصات تطلق في الهواء كما زخات مطر عفي، نساء تقف تتفقد الخرائب والدمار ، أطفال فقدوا براءتهم وطفولتهم وهم يقفون في ذعر وسط كل هذه الأشلاء هذه ليست أول مجزرة يرتكبها العدو، ثمة مجازر سابقة لعل ، أبرزها وأقربها للذاكرة مجزرة ديسمبر 2008، وهذا التاريخ قريب من عمر نشأة حماس التي نشأت عام 2007 ، وبغض النظر عن الاتهام لها أنها صنيعة إسرائيل من أجل تفخيخ القضية الفلسطينية من داخلها ، ومن أجل شق وحدة الصف إلا أنها تسلمت الحكم في القطاع، وبدأ الانشقاق للصف الفلسطيني ما بين القطاع والضفة ، وحماس ومنظمة التحرير ، وخالد مشعل وأبو مازن. من هنا بدأت عسكرة المقاومة المحاصرة لكي يفقد العالم تعاطفه، وللإيحاء بأن المقاومة التي تعسكرت تتخذ من أهل غزة درزعا بشرية .ومن ثم يصبح قتل المدنيين من قبل الكيان الصهيوني دفاعا عن النفس، ومن ثم تم تدمير كل شئ، ثم تم اجتياح غزة مرة ثانية عام 2012، وكان الاجتياح هذه المرأة من أجل اختبار النظام المصري الجديد، نظام حكم مرسي والإخوان المسلمين. كان مرسي قد أعلن أنه يحترم اتفاقيات مصر الدولية في إشارة إلى اتفاقية كامب ديفيد، فكان لابد من اختبار ذلك على أرض الواقع. بحثت إسرائيل عن ذريعة للاجتياح، ولا أظنها بحاجة لذرائع فهي كثيرة، فيكفي أن تطلق حماس بضعة صواريخ في أرض فراغ في إسرائيل لا تصيب أحدا، اللهم إلا حفرة في الأرض، وساعتها يقرر قادة إسرائيل اجتياح غزة. ويتدخل النظام المصري المتمثل في محمد مرسي ومن ورائه الإخوان المسلمين، ويتم الاتفاق حسب شروط الكيان الصهويني، وينتهي الغزو بوقف اطلاق النار بعد قتل المئات من الفلسطينيين.ثم تذرعت مجددا إسرائيل بمقتل ثلاثة شبان إسرائيليين على يد حماس، ونفت حماس ذلك تماما، وبدأت تطلق صواريخها باتجاه العدو، كبدته بعض الخسائر في الأرواح لأول مرة ، لكن بالمقابل كانت خسائر الشعب الفلسطيني بالآلاف ، ما بين قتيل وجريح ، وتم تدمير غزة ، تدمير البنية التحتية لها تماما، تعطلت كل محطات الماء والكهرباء وضرت المدارس، وبات الناس يحتمون بالخرائب. وعرضت المبادرة المصرية على حماس ورفضتها ، ووضعت حماس شروطا مشروعة طبعا ، من فتح المعابر وتوسيع دائرة الصيد ودخول مواد البناء المطلوبة، وقبلت إسرائيل تحت الضغوط التي مارستها الإدارة المصرية الجديدة بقيادة عبد الفتاح السيسي. قبلت إسرائيل شروط حماس، تحت ضغط تفادي وقوع إصابات في جنودها جراء إطلاق حماس لصواريخها التي صارت بعيدة المدى أكثر من السابق، وأيضا استجابة للوسيط المصري الذي أجاد التفاوض، على خلاف المرة السابقة في عام 2012، حيث تم وقف اطلاق النار بوساطة الإخوان دون أي مكاسب لحماس.
وبدأت حرب التصريحات بين الجانبين، حماس تحتفل وترفع رايات النصر، وتدعي أنها انتصرت، أي انتصار هذا الذي قتل فيه أكثر من ألفين من المدنيين وآلاف الجرحي؟! أي انتصار هذا الذي دمرت فيه غزة كاملة؟! لكن حماس تراهن على المانحين، صحيح أن غزة دمرت لكن الدولارات قادمة لإعادة الإعمار، وكذلك إسرائيل ادعت النصر،وخاطبت الرأي العام الداخلي بأنها انتصرت، وذلك حتى يضمن نتيناهو كسب المعركة الانتخابية مجددا، ورغم أن خسائر إسرئيل البشرية أيضا أكثر من أي مرة اجتاحت فيها القطاع، إلا أنها استطاعت أن تخفيها عن الرأي العام الداخلي حتى لا تظهر أمام شعبها أنها غير قادرة على تحجيم حماس والقضاء عليها ، ورغم أنها لم تحجم حماس ولا يحزنون، فمن قتل من قادة حماس لا يتعدى أصباع اليد الواحدة، فكل ضحاياها من المدنيين تقريبا.إذن من الغالب ومن المغلوب في هذه الحرب. هل نستطيع حقا أن نرفع رايات النصر احتفالا بحماس ونحن نسمع أنين الشهداء تحت الأنقاض بين رجال ونساء وشيوخ وأطفال ؟! هل نستطيع أن نرفع رايات النصر ونحن نرى كل هذه الدماء البريئة تسيل من المدنيين؟! هل نستطيع أن نرفع رايات النصر وحماس محاصرة للقطاع، وتعمل على تفريغ القضية الفلسطينية من داخلها، فجميعنا يدرك أن ولاء حماس الإخوانية للتنظيم الدولي، وليس للقضية كلية، وكلنا يدرك أن جرائم الإخوان التي تم ارتكابها بعد وصولهم للحكم جعلت الناس تفقد تعاطفهم مع القضية الفلسطينية التي تم اختزالها في حماس. صحيح ثمة أصوات كثيرة عاقلة نادت أن فلسطين ليست حماس، لكن من ينزع من عقول الناس اتهاما لحماس بالتورط مع إخوان مصر في ممارسة الارهاب ضد الشرطة والجيش المصري؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أرجوك، اقرئي ميثاق حماس
أنيس عموري ( 2014 / 9 / 19 - 10:38 )
أرجو من الكاتبة أن تلقي نظرة على ميثاق حماس:
http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/0b4f24e4-7c14-4f50-a831-ea2b6e73217d
شخصيا كنت أعرفها كما أعرف كل حركات الإسلام السياسي الإرهابية، لكن قراءتي لهذا الميثاق جعلتني أتفهم موقف إسرائيل وشدتها على غزة. الصراع هو صراع من أجل البقاء، وإسرائيل لا تتهاون عندما يتعلق الأمر بحياة مواطنيها، عكس حكوماتنا تماما. يكفي أن نتأمل كيف تصرفت حكوماتنا مع النمو السكاني وبقيت متفرجة حتى بلغت أحوالنا حدا تستحيل معه أية تنمية.
حماس انقلبت على السلطة الفلسطينية التي جاءت عن طريق تفاهمات مع إسرائيل، وبهذا فقد (بوّزت) المشروع الوطني الفلسطيني، حماس أقامت حكمها فقط من أجل الجهاد المقدس والقضاء على إسرائيل، وهي لا تخفي هذه النية في ميثاقها. أما الأضرار والخسائر فلا شأن لحماس بها. إنهم شهداء.
المسؤول الأول في هذه الكوارث هو الشعب الفلسطيني، فإما أن يكون مدركا لاختياره عندما انتخب على حماس وعليه أن يتحمل مغبة اختياره، وإما أنه مغفل كباقي شعوبنا، وهنا تكون المصيبة أعظم.
فلنتوقف عن البكاء على شعوبنا ولنخاطبها كراشدة عليها أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية
تحياتي


2 - ثقافة عربية / اسلامية لا تعرف الخجل
محمد البدري ( 2014 / 9 / 19 - 22:42 )
صفة جديدة تكشفت بعد حرب غزة الاخيرة من ان ثقافة العرب الاسلامية لا تعرف الخجل، ولا تستحي أمام العالم الذي يري عورتها مكشوفة تماما مثلما كذبوا بالنصر علي شعوبهم التي يسود فيها الجهل والامية بببول الابل في مقابل ما تعلن عنه اليابان والمانيا والصين وغيرها من ابداعات واختراعات واهتمامم برفاهية مواطنيها وليس استدعاء الات قتل لقتلهم. لم يتحرك احد دفاعا عن اطفال غزة ولا حتي في الاوطان المتحدثة بلغة الضاد أو التي تصلي جهة نفس القبلة التي صلي لها قادة حماس. فهل الاحتقار اصبح يلحق بالعرب جراء مسلسل الكذب والوضاعة في تفسير المقدسات وفي نتائج الحروب. لم يعد يؤيد حماس الا عصابات الاخوان والسلفيين وفضلات القوميين العرب. ولم تعد قضية الفلسطينيين مثار اشفاق من احد ولنراجع 60 عاما من الاكاذيب والعمل علي حيازة السلطة علي جثث شعوب تم تلوث عقولها بالعروبة والاسلام اللتان كانتا عونا لاسرائيل ولا زال السذج يعتقدون انهما يجمعان امة واحدة ذات رسالة خالدة جسدتها الان داعش.

اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا