الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بارانويا النجوم في فلم - شخص تحبه-

شاكر الناصري

2014 / 9 / 19
الادب والفن


كثيرة هي الأفلام التي تناولت حياة نجوم الفن والغناء، صعودهم وأفولهم في عالم الفن وما عانوه أو واجهوه من مشاكل حياتيّة أو فنيّة، إلا أن فلم "شخص تحبه" للمخرج الدنماركية "بارنيلا فيشر" يكاد يتقاطع مع كل تلك الأفلام على الرّغم من أنّه يتحدث عن نجم من نجوم الغناء "توماس جاكوب- الممثل السويدي ميكيل بيرسبراندت" بعد عودته من لوس انجلس إلى الدنمارك حيث قصره الفخم المنعزل وإبنته التي لاتربطه بها أية رابطة أو مشاعر أبوية ويقول أنّها ماتت! فلم نشاهد تلك البهرجة التي ميزت الأفلام التي تتخذ من حياة الفنانين ثيمة أساسيّة لها ولم نسمع صخب الحفلات ولا حماسة الجمهور- مشهد في بداية الفلم وآخر في نهايته- للدلالة على هوية النجم المعني.

لقد وضعتنا المخرجة في مواجهة فنان يسعى للإبتعاد عن الناس والعائلة والعلاقات العامّة و البرامج التلفزيونية ولا يعنيه من كل ذلك سوى الموسيقى والغناء، حيث يسعى للتشبث بهما كأنّهما ملاذه الوحيد لتناسي ما يحدث خارج البيت والأستوديو والعلاقات الإجتماعية الضيقة. " أنا نظيف نظيف، منذ ست سنوات وأنا نظيف" هكذا كان يعبر عن نزوعه للعزلة والإبتعاد عن الناس لأنهم سيعيدونه لحياة الإدمان والكحول والمخدرات والجنس تلك الحياة التي غرق فيها وخرج منها مصابًا ب ببارانويا شديدة تمنعه من الإختلاط بالآخرين خشية الوقوع في تلك الدّوامة مجدداً. وسعيه للبقاء بعيداً عن كل ما يحدث دون مراعاة لمن حوله وأستعداده للتخلص منهم وإبعادهم بسهولة وقسوة مفرطة، حتى يواجه اللحظة التي يصارحه بها حفيده: أنا أخاف منك! لماذا تخاف من الناس؟

لكن جدار الخوف الذي بناه على أمل أنّ يجعله في مأمن أو يلغي مشاعره من خلال هروبه المتواصل وانهماكه بالعمل، كان واهياً جداً وكشفَ عن كائنٍ هش يحتاج إلى الرّعاية القصوى وإشعاره بأنّ الحياة لم تنته بعد وأنّها تتواصل خارج جدران مخاوفه مهما حاول الهروب منها.
تجسّدت أولى ملامح محنة ومعاناة بطل الفلم في أول لقاء له مع إبنته "جوليا- الممثلة برجيتا هيورت سورنسن" التي يحاول الإبتعاد عنها بأي شكل كان حين يكتشف بحكم خبرته السابقة إدمانها على المخدّرات الذي تسبب بموتها لاحقًا بعد تناولها جرعة زائدة، ليصبح مسؤولاً عن حياة حفيده الصّغير "نوح- الممثل سوفوس رينوف" وصعوبة التعامل مع وضعه أو تلبية احتياجاته وأولها الرّعاية والشعوربالأمان، وعدم قدرته هو على مدارات نوازعه الداخلية بالإبتعاد عن كل ما يسبّب له المتاعب، فتتفجر كل هواجس الخوف والقلق والحيرة لدى توماس فنراه يهرع باتجاه الغابة المتجمّدة يركض دون اتجاه محدّد حتى يسقط وهو يبكي وكذلك في مشهد داخل استوديو التسجيل حيث يفقد القدرة على النطق وينخرط في حالة من الأضطراب والتشنج والهذيان.

نجحت المخرجة التي سبق لها وأن قدمت مجموعة أفلام ناجحة خلال مشوارها الفني* في التعامل مع شخصية الفنان المضطربة والمتعالية وسط شخصيّات المجموعة المحيطة به والتي تعمل على أن يكون جاهزاً لتقديم أعماله وحفلاته الجديدة وإبعاد كلّ المنغصّات التي يمكن أنّ تسبب له المشاكل، دون أن تنسى تذكيرنا بمشاعر الحبّ القديم بين الفنان وبين كاتبة أغانيه وملحنتها "مولي- الممثلة ترينا دويرهولم " في ثاني عمل مشترك لها مع الممثل السويدي "ميكيل بيرسبراندت" حيث سبق لهما وأن قدما أداءً كبيراً في فلم "الثأر" للمخرجة سوزانه بييرالذي حصل على جائزة أوسكار أفضل فلم أجنبي لسنة2011.

البيئة الدنماركية المتجمدة التي صُور الفلم فيها جاءت متناغمة مع حالة العزلة التي يعاني منها توماس جاكوب، حيث برع الممثل ميكيل بيرسبراندت في تجسيد هذه الشخصية بشكل لافت. فاجواء البرد القارس والثلج والغيوم والموسيقى التصويريّة وبراعة الكامرة في فضح أعماق "توماس" أضافت على الفلم لمحة مشحونة بالتوتر تتماهى مع الأزمة النفسيّة والإجتماعيّة التي يعاني منها بطل الفلم. حيث لم يتمكن في خاتمة المطاف من البقاء في تلك الأجواء وعاد الى لوس أنجلس بصحبة حفيده نوح. بعد أن تمكن هذا الصّغير من التحوّل إلى الشخص القادر على التأثير في جده بصورة عميقه واعادته إلى حياته وإنه الشخص الذي يحبه.

يأتي هذا الفلم في سياق ما تقدمه السينما الدنماركية من نتاجات مميزة وتسير بخطوات واثقة لاحتلال مكانة تنافسية في سوق السينما العالمية. سينما تهتم بالموضوعات التي تقدمها بدرجة كبيرة مع الابتعاد عن البهرجة الباذخة. وما تحقق خلال السنوات الماضية عبر المشاركات اللافتة في المهرجانات العالمية أو الحصول على جوائز كبيرة فيها، إنما يعكس حرص الجهات المنتجة على تقديم سينما مختلفة وتترك الأثر في ذائقة المشاهد.
*أهم الأفلام التي قامت "بارنيلا فيشر" بإخراجها:

EN SOAP 2006
DANSEN 2008
EN FAMILIE 2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع