الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطالباني، الحكم و ليس الخصم

هشام عقراوي

2005 / 8 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


عندما تفاوض السيد جلال الطالباني مع النظام الصدامي سنة 1982 ، سارع الى القول بان صدام حسين هو حكم و ليس الخصم في المفاوضات التي جرت بينة و بين صدام. و كان نتيجة هذه المفاوضات أن اصدر صدام حسين عفوا عن جميع الكورد ماعدا جلال الطالباني..
و دارت الدوائر و تحول الخارج عن القانون رئيسا على العراق بدلا من صدام حسين نفسه، باختلاف "بسيط" هو أن صدام كان صاحب المملكة ، أما الطالباني فهو رئيس بدون سلطة.
ومع أن الطالباني لا يتمتع بالصلاحيات التي تكفله كي يصدر الاوامر و يخطو الخطوات بقدر ما باستطاعتة رفض ما يقوم به الجعفري، ألا أنه أي الطالباني يحاول أن يتقمص الدور و يلعب دور الدول الرئاسية بنفس طريقة باقي دول الشرق الاوسط، متناسيا أن منصب الرئيس في العراق تحول الى دور رمزي قريب من منصب الملك في الدول الاستكندنافية وبريطانيا.
عودة الى الطالباني الحكم و ليس الخصم في عراق الخصومات و التحديات و الانقسامات على كافة الاصعدة، ومحاولاته المستميتة من أجل أن يكون فعلا الحكم على حساب الحقوق القومية و موقف القوى الكوردية الاخرى و حلى حساب تأريخة النضالي. فما كان يتمناه الطالباني من صدام يحاول هو تطبيقة الان.. و نسى أو يتناسى أن هناك الكثير من الحكام و رغم نزاهتهم الا أن الجمهور يتهمهم بالانحياز الى طرف ضد أخر، خاصة عندما تكون المبارات حاسمة و مهمة.
و أتهام الطالباني بعدم النزاهة لم تتأخر كثيرا بل أنها كانت قد بدات قبل أستلامه للرئاسة ، بل أنها بدأت عندما كان يتفاوض مع صدام في بغداد و قبلها مع حكم عبدالسلام عارف. وما يقوم به الان هي ليست سوى طوي صفحات من نضاله من أجل الكورد و كوردستان ليتحول الى عراقي يرفضة العرب و لا يتقبله الكورد نتيجة للدور الذي أحب أن يختارة لنفسه.
فعلى الصعيد العربي الشيعي في العراق هو حالة فريدة. فكل المسؤولون العراقيون يتصرفون كشيعة و يحاولون أثبات أو حتى فرض المفاهيم الشيعية على الاخرين لو تمكنوا فرضها.. و هنا لا أريد أن اضلم أحدا و استعين بأفعال السيد ابراهيم الجعفري وعبدالعزيز الحكيم... فالجعفري و في مقابلة له مع تلفزيون العراقية دعا المسؤولين العراقيين و الكلام كان موجها للطالباني، أن لا يحاولوا فرض دستور يروق لهم، بل أن يتجردوا من ذاتيتهم ويفكروا بالعراق. كلام جميل ومعقول.. و لكنة و القائمة التي يمثلها لم يطبقوا من هذا الكلام و لو حرفا واحدا.
فمن ناحية يحاولون فرض الاسلام كقانون في العراق و فرض المرجعية على كل العراقيين و تغيير قانون الاحوال المدنية و حقوق المرأة و القومية الفارسية. و في الوقت الذي استطاع الطالباني أن يلعب دور الوسيط و بنجاح بالغ، وفي الوقت الذي لم يستطع الجعفري لعب دور الوسيط و تحول الى لاعب اساسي في المبارات، نراة يتهم الطالباني بعدم النزاهة بطريقتة المعروفة (تمويه الجواب بعبارات مبطنة يفهمها السامع ومزجها بكلام فلسفي متشعب التأويلات).
الطالباني الذي نسى قضيتة التي قضى حياته من أجلها و صار يلتقي بالشيعة و السنة، من أجل تقريب وجهات النظربينهم من جهة و بينهم و بين الكورد من جهة أخرى، مهما فعل فهو كوردي و يحاول التحايل على الشيعة و السنه من أجل الكورد في نظر الجانب الاخر.
لو كان الطرف المقابل يؤمن بالحيادية في الموقف لكانوا صدقوا الطالباني و أعترفوا بنزاهتة في هذه القضية حصرا، و لكنهم أي ممثلوا الشيعة و السنه في الحكومة هم في المرتبة الاولى شيعة و سنه و بعدها تأتي العراقية. و الموقف القريب من الواقع لديهم هو أن يكون الطالباني ايضا كورديا اولا و من ثم بعراقي.
هذا الدور الذي يحاول الطالباني لعبه، كلفة الكثير سيكلفه الاكثر لدى الشعب الكوردستاني. وأهمها نضاله منذ بداية الثمانينات و الى بعد سقوط صدام. اي حوالي 20 سنة من النضال.
فما يراه الشعب الكوردي و يصدقه، هو أن الطالباني لم يعد ذلك المناضل الذي يدعو الى حق تقرير المصير للشعب الكوردي، بل تحول الى عراقي يرفرف خلفة العلم الصدامي و يحاول الافراط بحقوق الشعب الكوردستاني من اجل ارضاء باقي فئات الشعب العراقي. فهو ليس الحكم في هذه المباريات. ولم يناضل الالوف من الكورد مع الاتحاد الوطني من اجل أن يكون الطالباني حكما، بل أنهم كانوا الخصم، بل خصما لدودا لكل الحكومات و القوى التي ترفض الاعتراف بحقوق الشعب الكورستاني.
لو كان الطالباني عربيا كصدام، لكان بأمكانه لعب دور الحكم الذي كان يتمناه من صدام في يوم من الايام، و لكن كون الطالباني كورديا ، و كونه استلم الرئاسة بحكم كونة كورديا و تابعا للقائمة الكوردستانية، فعليه أولا أن يلبي مطالب الشعب الكوردي الذي صوت له و أوصله الى ذلك الكورسي وعندما يعترف بحق الكورد في تقرير مصيرهم عندها فاليكن حكما بين العراقيين.
الكورد لم يصوتوا للطالباني كي يعمل على تقوية عود أعداء الكورد الذين يرفضون الاعتراف بحقوق الشعب الكوردي من الفدرالية و الى حق تقرير المصير.
حقوق الكورد هي ليست لدى الكورد، و الكورد ليسوا أحرار في تعيين و تحديد تلك الحقوق، كي يكون الطالباني حكما. حقوق الكورد يجب أن يعترف بها الجانب الاخر الذي تخندق الطالباني في جبهتهم ضد الجبهة الكوردستانية.
مهما فعل الطالباني في هذه الفترة و مهما كان محايدا و عراقيا قحا، فسوف لن يستطيع تغيير نظرة الحاقدين الى القضية الكوردية . ومهما فعل فسيبقى لدى الجانب الاخر ذلك الشخص الذي لا يهمه سوى قوميتة و نفسه.
مهما فعل الطالباني فبعد 5 ايام أخرى وبعد تبيان مسودة الدستور، فسيتحول لدى الكورد الى ذلك الشخص الذي أوصله الكورد الى الرئاسة كي يدافع عن حقوقهم و لكنه تحول الى حكم و لم يحاول تثبيت حقوق الكورد في الدستور العراقي.
ربما يكون هذا القول ليس مستساغا لدى الكثيرين، الا أنة وبعد الانتخابات القادمة سيعرف الطالباني عدد العراقيين من غير الكورد الذي سيصوتون له و أن كان دور الحكم الذي مارسه سيفيدة أم لا..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و