الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحول

بن جبار محمد

2014 / 9 / 21
الادب والفن


توجهـت إلى حديقـة البلدية و جلست في إحدى مقاعدهـا الحجرية و أنـا لا أفكر في شيء سـوى العـودة إلى البيت و لـن أفكّر في مسألـة صديقي عبد الهــادي مجددا .توجهت بنظراتي إلى مرتادي الشارع الرئيسي و أنا اتتبع خطواتهم وحركاتهـم ، حتى أقترب مني رجل عجـوز يضع نظارات ثخينـة في العقد السابع من عمره ببيري أسود ، أنيق ، يحمل جريدة "لوكوتيديان " و جلس إلى جانبي ، وضع نظـارته و أنهمـك في تصفح جريدته ، قلت في نفسي أن هـذه المخلوقات في طريقهـا إلى الإنقراض ، الذين يحافظون على مظهـرهم الأوروبي في هـذه المدينـة قليل جدا ، هـذه المدينـة الصغيرة كانت في وقت من الأوقات أروبيـة بإمتياز و هـذه الشوارع الجميلة و هـذا العمران من الطراز الإسباني و الفرنسي و المالطي رغـم أنني لا أعـرف الفروقات بين الطرز العمرانيـة إلا أن أحد الأصدقـاء المعماريين أشار إلى الفروقـات و كان يسمي أشياء لا أعـرفهـا لكن هنـاك فروقات واضحة و بيّنـة و لكن لإرتباطي بمجال عملي الزراعـي لم اهتم كثيرا لشروحاته ،كان من الأفضل و أنـا أتجول في هـذه المدينــة أن أنتبـه إلى الأبواب و الأقـواس و الشرفات و السطوح و الواجهات التي تمثل أساليب معماريـة متفردة ، الرجل بجانبي من مثقفي المدينـة لا يزال يحمل شحنـة الثقـافـة فرنسية على ما يظهر من زيّه و أنــاقته ، سوف يترك فراغـا ليملءه أصحاب الزي الأفغـاني و الخليجي ، لاحظت أن الكثير من المارة يلبسون الزي البدوي الخليجي أو الأفغـاني أو جلابيب سوداء لم تكن سوى مظاهـر إستثنائيـة ،لتصبـح أكثر حضورا ، أستأنست للرفيق الذي يقاسمني المقعـد الحجري كعصفور جميل نادرا ما نراه في مدننا ، هـم آخـرجيل تتلمذوا على الفرنسيين ثقافـة و أدبا و مدنيـة في مقابل أجيال أخرى ممسوخـة بفعـل ثقافة لا تتصالح مع نفسها و تعلن الخراب في نفوسنا، ثقافة ميتافيزيقية لا تعترف إلا بالعنف كسبيل لبسط سيطرتها .
----------------
خرجت باكـرا من البيت على غير العادة ، في غير التوقيت المحدد ، كانت تشير سـاعـة الحائط إلى الخامسـة و نصف ، دخلت مقهـى المحاذي لمحطـة المسافرين ، كنت محاطا بالغربـاء مرتبطين بحقائبهم أكثر من إرتباطهم بالمكان و الزمن ، كنت ألاحظ ذلـك و أنـا على مقربـة من الأشـخاص الغرباء المسافرين إلى أرجاء الأرض ، يشدون بقـوة برزمهـم و حقائبهـم ، يبدو أنهـم متحررين من كل شيء عكس إرتباطي بـالوظيفـة و بالزمن والمكان والفضاء والصباحات و المساءات و أوراق الحضـور و الغياب ، أحسدهـم لأنهـم غير مرتبطين بمسافـة اربعمائـة و عشرة متر . وضع القهـوجي فنجـان قهـوة على طاولتي ، أرتشفت قهـوتي لأتذوق نكهـة السفـر الطويل الذي لم يحدث لي أبدا. خرجت و ركبت حافلة المسافات القصيرة و بعد ربـع سـاعـة وصلت إلى مدينـة المطمـر ، نزلت في المكان المعتـاد .لا أعـرف وجهـتي و لا مع من سألتقـي .وجودي اليوم هـو إستنفـاذ آخـر يوم من الإجازة ، لا يهـم إن كان هـذا يؤدي إلى معـرفة شيئا ما او أعـود إلى البيت خالي الوفاض مثلما قضيت سنين حياتي بدون جدوى ، وجودي أضحى بدون معنـى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد أربع سنوات.. عودة مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي بمشاركة 7


.. بدء التجهيز للدورة الـ 17 من مهرجان المسرح المصرى (دورة سميح




.. عرض يضم الفنون الأدائية في قطر من الرقص بالسيف إلى المسرح ال


.. #كريم_عبدالعزيز فظيع في التمثيل.. #دينا_الشربيني: نفسي أمثل




.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع