الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صعوبات انضمام الدول الشرقية الى الاتحاد الاوروبي

ماجدة تامر

2005 / 8 / 18
العولمة وتطورات العالم المعاصر


وقعت الدول الخمسة عشر الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وعشر دول غالبيتها من كتلة أوروبا الشرقية في السابع عشر من شهر نيسان عام 2004 في أثينا معاهدة تاريخية تسمح بتوسيع الاتحاد الأوروبي ليضم 25 عضوا إعتبارا من الاول من أيار من العام المنصرم .
وكان قادة ال25 دولة أوروبية قد بدؤوا قمة غير رسمية للتوقيع على هذه المعاهدة وسط اجراءات أمنية مشددة لاسابق لها في اليونان بسبب تداعيات الحرب على العراق .
وانضم الى هذا الاتفاق ثلاث دول مرشحة للإنضمام الى الاتحاد وهي بلغاريا ورومانيا وتركيا .
ولكن ماتزال هناك بعض القضايا الشائكة التي تقف عائقا في وجه انضمام الكتلة الشرقية السابقة الى الاتحاد الأوروبي .
فبقدر ما تسرع تلك الدول الى الانضمام للاتحاد بقدر ما تكتشف أن هناك عقبات جديدة كانت غائبة عن الاذهان .
ويرى المحللون بأن دول الكتلة الشرقية قد اندفعت في مغامرة كبيرة ، حيث أن أنظمتها وتشريعاتها القضائية الحالية لاتتناسب والمجتمعات الغربية القائمة .
ذلك أن انهيار الاتحاد السوفييتي السابق قد انعكس سلبا على هذه الدول التي تريد أن تتعايش مع مجتمعات جديدة .
فالامور المتعلقة بالقضاء في هذه البلدان يلزمها الكثير من الدراسة والمراجعة والتدقيق ويبقى مشكوكا بأمرها حتى تثبت العكس .
إن هذه الرؤية تعتبر أن القرارات التشريعية لتلك الدول تتناقض والأنظمة الغربية ، ومن جملة ما تتهم به قرارات تلك الدول هو أن الرشوة التي كانت سائدة في فترة الفساد أثناء المرحلة الانتقالية الصعبة ، كفيلة بكسب أية دعوى أمام أي محكمة .
وبالتالي كل ما يتعلق بالقوانين يصبح أمر مشتبه به حين التطبيق.
والقضية التشيكية مثال صارخ على ذلك ، إذ أن " فاكلاف كلاوس" عندما كان وزيرا للمالية في فترة الانتقال التي تلت انهيار الأنظمة الشيوعية سمح في بداية التسعينات بقيام نظام رأسمالي يشمل جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية ويرتكز على اللامركزية في القرار وعلى تمجيد نظام الخصخصة والذي يعني بيع القطاع العام الى القطاع الخاص .
وهذا ما أعطى الشركات الكبيرة في البلاد الحق بالاستفادة من قسائم الخصخصة التي كان يتم بيعها بأسعار منخفضة وتوزع على أكبر عدد من الراغبين .
وقد أسرعت بعد ذلك فئة شابة من بعض مديري الشركات غير المعروفين آنذاك وشرعوا بشراء تلك القسائم فجنوا بذلك أرباحا طائلة وبسرعة كبيرة . وعندما أصبح هؤلاء المديرون أصحاب شركات خاصة ، تبين للجميع أنهم محتالون بعد أن جمعوا الاموال وهربوا الى خارج البلاد .
والمشكلة هي أن هناك أمورا كثيرة من هذا النوع لم يكن ضروريا – حسب رأي الكثيرين – أن تشملها القوانين بإعتبارها حالات خاصة ، ولكن عندما استدرك المسؤولون أنه يجب عليهم سن تشريعات تحمي الدولة من نظام الخصخصة وغيره ، أدى هذا كله الى إحداث ثغرات كبيرة في منظومة التشريعات القانونية .
وفي المؤتمر الذي عقده المجلس الأعلى البريطاني في براغ في الثالث عشر من تشرين الثاني المنصرم حول التوسع الأوروبي نحو الشرق ، صرح أحد الخبراء النمساويين بأن قسما كبيرا من نصوص التشريعات المطبقة والتي أحدثت مؤخرا لم يفهم الموظفون فيها بما فيهم القضاة ماذا تعني هذه النصوص أو حتى سبب وجودها .
ولقد قدمت بعض الاقتراحات والحلول لمواجهة هذه المشكلة ، منها توليف التشريعات القضائية الاشتراكية مع تلك الرأسمالية وكذلك النظر في موضوع العناصر القضائية القائمة والتي ستواجه هذه التغييرات .
ففي بلغاريا على سبيل المثال صدر قرار بعدم المس بأوضاع رجال القضاء، طالما أن كفاءاتهم المهنية لم تكن في موضع شك أو اتهام من قبل المجلس القضائي الأعلى في البلاد.
وفي جمهورية التشيك فإن القضاة الذين اكتسبوا الخبرة والمهارة والسمعة الحسنة في سنوات عملهم زمن النظام الشيوعي، سوف يبقون على رأس عملهم لأنهم يتمتعون بماض مشرف.
أما في بولونيا فإنهم بدؤوا بالتخلص من القضاة المشكوك بهم والذين أثبتوا بأن لهم ماضيا لايتناسب مع مهنتهم الشريفة تلك .
وهناك أيضا صعوبة في إعادة صياغة قسم كبير من التشريعات الوطنية التي لم يجف حبرها بعد.
وهكذا نرى بأن عملية الانضمام هذه وانتقال السيادة ستكون أكثر إيلاما من ثورات عام 1989 ، أي فترة انهيار الاتحاد السوفييتي حيث تلعب العاطفة هنا دورا كبيرا لدى تلك الشعوب فليس من السهل أبدا نسيان الماضي بعد عقود طويلة من أمجاد الامبراطورية السوفييتية وليس من السهل أيضا التأقلم مع الأنظمة الغربية القائمة في ظل الظروف الراهنة .
وكان أحد النواب في "استونيا" قد أعطى مثالا على ذلك في براغ وهو أن القانون الأوروبي الذي بموجبه تتساوى الرواتب والأجور بين الرجال والنساء يعتبر غير قابل للتطبيق في بلد مثل استونيا ، على الأقل في المدى القريب وذلك لأسباب اجتماعية واقتصادية .
ورغم هذه المعضلات القضائية التي مازالت تشغل بال الكثيرين فإن استطلاعات الرأي في البلدان المرشحة للإ نضمام تدل على رغبة أكيدة بإنجاز هذه المهمة في أسرع وقت ممكن .
فبعد مضي سنوات على سقوط جدار برلين، تريد تلك الدول أن تعيد اعتبارها من جديد وتفتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات الأوروبية – الأوروبية.
وفي الواقع يجب ألا ننسى بأن هذه الخطوات الايجابية نحو الانضمام الى الاتحاد تهم بصورة خاصة الأقليات القلقين على مصيرهم . ولابد للنصوص القانونية المتعلقة بحماية حقوق هؤلاء من أن تظهر على السطح من جديد ، وسيحمل هذا الانضمام الكثير من الفرص التاريخية النادرة لاولئك الذين يريدون فعلا التطوير والتغيير وهدم الجدار القائم أولا في العقول .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موقف التنظيمات المسلحة الموالية لإيران من التصعيد في رفح| ال


.. إسرائيل - حماس: هل ما زالت الهدنة ممكنة في غزة؟




.. احتفال في قصر الإليزيه بمناسبة مرور 60 عاما على العلاقات الف


.. بانتظار الحلم الأوروبي.. المهاجرون يعيشون -الكوابيس- في تونس




.. حقنة تخلصكم من ألم الظهر نهائيا | #برنامج_التشخيص