الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-سبايكر- جريمة العصرالعراقي!

شاكر الناصري

2014 / 9 / 21
حقوق الانسان


مشهد الأم الباكية التي تحمل صورة ولدها المفقود أو الأب الذي مزق ملابسه تحت قبة مجلس النواب العراقي، لا يحتاج الى توصيفات كثيرة حتى تفهم الرسالة التي يريدون- الأم الباكية والأب ممزق الملابس- إيصالها لأصحاب السلطة والقرار في العراق. ابنائنا ضحية جريمة اسمها "سبايكر" ساهم الجميع في ارتكابها والتستر عليها، مئات منهم فقدوا، فيما نعيش نحن على وقع مشاهد الرعب والإعدامات التي نفذها وحوش داعش. نريد أن نعرف مصيرهم. اعطونا جثثهم أو دلونا على قبورهم. تلك هي رسالتهم. لقد تحولوا الى رموز لفضح جريمة مرعبة تدلل على سطوة الإرهاب والكراهية والعمى الطائفي والبحث عن ثارات دامية.

لا أبشع من قتل الإنسان الأعزل، الباحث عن منفذ يوصله الى درب نجاة محفوف بالمخاطر، المذعور وسط حرب تقربه بخطى متسارعة نحو مصيره المجهول أو التي سيتحول خلالها الى رفاة مجهولة لا يعرف مكانها سوى الجناة الذين يتنازعون حول حقوق ملكية بيعها أو شرائها وتحويلها إلى اداة ضغط ومساومات وتحقيق مصالح.

"سبايكر" جريمة العصرالعراقي والعنوان الاشمل الذي يختصر الكارثة التي تعصف بهذه البلاد منذ سنوات طويلة وترسم أفاقاً مظلمة لكرامة الإنسان وحرمة جسده ووجوده التي تحولت الى شيء فاقد القيمة وسط دوامة عبثية من صراعات وحروب وتهجير وقتل متعمد وكراهية تخيّم على كل بقعة في أرض العراق وتدفع ناسه للتناحر وإعلان كراهيتهم للآخر المختلف عنهم طائفيا أو قومياً، ما حدث في معسكر سبايكر اختصار لكل الجرائم التي حدثت وتم السكوت عنها ودفنها في غرف الساسة ودهاليز مساوماتهم.

لقد كشفت هذه الجريمة إنَّ العراق قد تحول ومنذ سنوات إلى "سبايكر" كبير ومخيف جداً. يقاتل فيه الجميع ضد الجميع ويفعلون المستحيل ويستخدمون كل الوسائل التي تفضح توحشهم ودمويتهم التي تستمد شرعيتها من ضغائن وأحقاد طائفية وسلطوية وثأرية لا تتوقف عند حد أو تاريخ ما ولا يطفئها كل هذا الدم المراق. يواصلون مساوماتهم وعبثهم بحياة العراقيين واذلالهم ووضعهم في دوامة من الرعب وانتظار الموت، قتلهم أو اعدامهم وبالشكل الذي يرضي سادية وهمجية المجرم، إنّ كان من داعش وأخواتها أم من أبناء البعث أو من المليشيات الطائفية.

إنَّ ما حصل في قاعدة سبايكر والوقائع التي تم الكشف خلالها عن مشاهد صغيرة من الكارثة المخيفة التي حدثت في الموصل وتكريت وديالى والرمادي، والاعداد الهائلة من الجنود المفقودين، لابد وان ينبه أو يثير الاسئلة لدى من يعتقدون إنَّ ما حصل يستهدفهم وحدهم، وإنَّ عليهم التفكير في سبايكر الأكبر وفي ما سيحدث لاحقًا والى أي هاوية سحيقة يقودون العراق؟

إنها جريمة إبادة جماعية أُرتكبت في دولة فاقدة لأبسط مقومات الوجود المعزز بسلطة القانون أو بقوة الردع التي يفترض انها تتحكم بها من أجل توفير الأمن وحماية الأفراد وإشعارهم بهيبتها وقدرتها على إنهاء العبث المتواصل بحياتهم وأمنهم. فضيحة قوى سياسية لم تتوقف لحظة عن إدامة صراعاتها بأقذر الوسائل وأكثرها بشاعة ودموية. فضيحة سلطة فاسدة أرادت التستر على الجريمة وإنكارها مما كشف عن هزالها وعجزها عن مواجهة ما يحدث حيث تعيش أوج أزماتها وفشلها الذي تتوج بسيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" على مساحات شاسعة من مدن العراق، مما فسح المجال واسعاً امام امريكا وحلفائها للتدخل مجدداً وبشروط معلنة أولها تشكيل حكومة عراقية جديدة بعد أن وُضع الجميع أمام خيارات مريرة وقاسية: أما الحرب أوالتقسيم الذي سيرضي غرور ومطالبات العديد من القوى السياسية ودول الجوار.

إنَّ العراقيين الذين يطالبون بحقوقهم أو مواجهة التردي المتواصل لحياتهم وانعدام الأمن وتحول الفساد الى غول لا يتوقف عن التهام ثروات ومقدرات الدولة والتصدي للإهمال والتجاهل المتواصل لأرواح الأبرياء وتركهم يواجهون حياتهم بكل ما فيها من فقر وحرمان ومصير مجهول، لابد وأن يجدوا الأساليب التي تمكنهم من انتزاع حقوقهم من الساسة وقادة الطوائف والمليشيات وزعماء الحروب ومواجهتهم بشكل مباشر وصريح، فنحن امام ساسة تمرغت جباههم في وحل المساومات والفساد و الأزمات التي لا يتحمل وزرها الدامي إلا الأبرياء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السلطات التونسية تنقل المهاجرين إلى خارج العاصمة.. وأزمة متو


.. ضجة في المغرب بعد اختطاف وتعذيب 150 مغربيا في تايلاند | #منص




.. آثار تعذيب الاحتلال على جسد أسير محرر في غزة


.. تراجع الاحتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية.. واعتقال أكثر




.. كم بلغ عدد الموقوفين في شبكة الإتجار بالبشر وهل من امتداداتٍ