الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا بعد هزيمة داعش

سعادة أبو عراق

2014 / 9 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


ماذا بعد هزيمة داعش

اعترف أني ضد الحركات الإسلامية التي تسعى إلى إقامة دولة إسلامية، وإن موقفي هذا ليس نابعا من حلم رأيته ذات عشاء دسم، إنما لاعتقادي الراسخ أن الإسلام لا يحتاج إلى دولة ليكون قويا وواسع الانتشار ، ولم يكن الإسلام يوما في خطر، لكي نؤازره بدولة قوية، فها نحن نرى أن الإسلام يواصل انتشاره دون عون من أحد ،وإن أحدا من المسلمين لم يتنصل يوما من إسلامه ، وان المسلمين في القرن العشرين هم قوم متعلمون, لذلك ما كانوا في جاهلية كما يظن الظانون، وعليه فإنهم ليسوا بحاجة إلى من يردهم إلى الإسلام.
أما وان ظهور داعش بالشكل الدراماتيكي الذي ظهرت به وكأن الأرض قد انشقت عنهم فجأة فولدوا واقفين وانتشروا وكأنهم يأجوج ومأجوج ، إنها ظاهرة عصية على الفهم، ذلك أن ما يجري بالخفاء أمور لا يمكن معرفتها، في هذه الوقت الذي يختلط فيه الحابل بالنابل, وبالتالي فإن ما يجري مستقبلا لن نكون به على معرفة أو يقين.
لنا ما يظهر من داعش, وما نسمع عنها، أنها وضعت العالم خلف ظهرها، وسلكت سلوكا غير مفهوم، فكل دولة وكل منظمة أو حزب يحدد أولا أعداءه وأصدقاءه ، ويتصرف بناء على هذه الاستراتيجية، لكن داعش لا أصدقاء لها ولن يكون لها بواكي أيضا، إنهم لا يهتمون بالإعلام ولا بتوضيح موقفهم ولا بتحسين صورتهم ولا يحاولون كسب صداقات ، فكل العالم هم أعداءهم.
حسب اعتقادي أنها خسرت من خلال هذا النهج الكثير، فعلى المستوى الرسمي لم يعد هناك من يؤيدها، أو من كان يظن فيهم مساعدتها كالسعودية وقطر وتركيا وأهل الرمادي والأنبار، كما لم يعد من يؤيدها على المستوى الشعبي من منظمات وحركات إسلامية ورجال دعوة، ولم يصبحوا عند الحالمين بدولة إسلامية الأمل المرجو، كما انفض عنهم الذين كانوا يتلقون منهم الدعم المادي والإعلامي والمعنوي ، فقد أرعبت بما تنشره من مقاطع فيديو فظيعة، المسلمين قبل غيرهم، وجعلت الذين ينتظرون قيام دولة إسلامية يعيدون النظر في تفكيرهم.
المهم أنها قد استفزت بفعلها المجتمع الغربي ، الذي كان يتفرج على هذه الفوضى الخلاقة باستمتاع، وكأن آلاف الضحايا التي تقع كل يوم, والتدمير الذي يحصل, ليس أكثر من فلم كرتوني حي ، لكن كما هو العهر دائما, اُستُِفَزّتْ شهامة الغرب وضميرهم وتخوفهم وحرصهم على السلم العالمي, بسبب مقتل اثنين من الأمريكان، لذلك تداعت أربعون دولة لمحاربة داعش ، وهذا يذكرنا بتحالفهم لمحاربة صدام حسين، وتعاون الدول العربية معهم ودعمهم لوجستيا وإعلاميا نكاية بصدام حسين ، وها هو كيري اليوم يجيء لكي يوزع المهام على بعض الدول العربية وكأن، التاريخ يعيد نفسه، وكأننا سوف نلدغ من الجحر الواحد مرتين.
وبما أننا نحن العرب لا نتعلم من تجاربنا، فإننا تكون قد تورطنا بما هو أقسى من مشاركتنا بهزيمة صدام حسين ، وبما أن الذريعة المعلنة كانت أسلحة الدمار الشامل ، فإن ذريعة محاربة إرهاب داعش, هي الذريعة الوهمية، كما كانت أسلحة الدمار الشامل ذريعة وهمية
وهنا علينا أن نؤمن أن الغرب ليس أخلاقيا كما يمكن أن نظن به، فهم ليسوا جمعيات خيرية ولا قوات دفاع مدني, على أهبة الاستعداد ، إنما هم ما زالوا حيوانات صيادة ، لا تفترس إلا في اللحظات المناسبة للانقضاض ، فلا بد لكل دولة مأرب معين غير تحجيم داعش وتوقيف نموها وتوسعها.
إن عقليتنا التي لا تفهم أنصاف الحلول ، ولا الحل الثالث ، ولا اختيار السيئ على الأسوأ, يجعلنا في حالة من الذهول وانتظار القدر المحتوم الذي سوف تجيء به الأحداث ، إن عدم الموقف هذا يدل على أننا مسلوبي الإرادة والفعل ، فلا نتوقع حدثا ولا نعد لحدث، وإذا عزمنا سيكون موقفنا ارتجاليا، وأكبر الظن أننا سنعلن استسلامنا لما يُملى علينا ، وعندنا والحمد لله أقلام مأجورة تستطيع أن تبرر أي خطأ، وتبرئ أي متخاذل أو عميل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب.. قطط مجمدة في حاوية للقمامة! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. موريتانيا: مع تزايد حضور روسيا بالساحل.. أوكرانيا تفتتح سفار




.. إسرائيل تحذر من تصعيد خطير له -عواقب مدمرة- بسبب -تزايد اعتد


.. هدوء نسبي مع إعلان الجيش الإسرائيلي عن -هدنة تكتيكية- انتقده




.. البيان الختامي لقمة سويسرا يحث على -إشراك جميع الأطراف- لإنه