الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إفرازات الزمن الرديء

سلام ناصر الخدادي

2014 / 9 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


مرت على بعض الشعوب والأمم ، وعبر تاريخها الطويل ، فترات ومراحل اتسمت بالتألق وعلّو الشأن مرة ، والانحسار والانكسار والوهن والضياع مرة اخرى .
هكذا هو التاريخ ....... لكل زمان دولة ورجال ...
بعض الأمم ، عندما فاقت من سباتها ، وتيقظت بعد طويل غفوتها ، وقفت وقفة شجاعة ، وراجعت مع عقلائها وحكمائها ، تاريخها ومسار حياتها ، وأخذت زمام المبادأة ، وأصلحت مسارها بعد ان شخصت عللها ؛ ولكي تنجح سمت الأشياء بمسمياتها ...
وأطلقت على تلك الحقب الرديئة من تاريخها تسمية : الفترة المظلمة ...
وقد قرأنا واطلعنا على حقيقة التسمية ، وكيف كانت تدار الأمور ، وأيضا عقلية حكامهم وسياستهم ؛ بل قرأنا حتى أدبيات تلك الفترة وكيف انعكست سلبا على عقول أدبائهم وشعرائهم وكيف كانت ركيكة تنم عن واقع سيء وفاسد، معاش في حينه .
ولان المجتمع العراقي مر ولأربعة عقود متتالية ( 1963 – 2003 ) من خلال سياسة رعناء هوجاء ، أشاعت القتل والتنكيل والسجن والتغييب والتهميش والخوف المطبق وكتم الأفواه ، وهيمنت فيه عقلية الحاكم المستبد برأيه، ليدمر البلد في أتون حروبه المتتالية ، والذي لم يسمع العراقيون فيه إلا كلامه وأقواله ، ولم يقرأوا إلا تخرّصات أفكاره ، ولم يشاهدوا إلا حركاته وجولاته ، حتى أصبحت الفترة التي مرت على العراق الأشد ظلاما ...
وأفرزت لاحقا ، بعد سقوط النظام المترنح أصلا من الحصار الذي دام 12 عاما والضربات المتلاحقة ... أفرزت حفنة من الدجالين وبائعي الذمم والسرّاق والمنتفعين ، ليقودوا شعبا استفحلت فيه الأمية والجهل بشكل لم يسبق له مثيل ، وضرب التخلف فيه اطنابه ، فأوهموا الناس أنهم ( القادة الاحرص على وحدة العراق ) وانهم ( الأكفأ لقيادته الى بر الأمان ) ، وهكذا كانت صناديق الاقتراع الحكم الفيصل !!.
ولكي تكتمل الصورة لدى ذهنية أغلبية البسطاء والصامتين أصلا .... التفع هؤلاء بعباءة الدين ، حجتهم بذلك انهم استمدوا ( الشرعية ) من المراجع الدينية !!!.
لقد تسلل وتحت هذا المسمى ، من كان بالأمس القريب بعض الانتهازيين والمنافقين ، إلى مواقع قيادية ، واثقين ومتأكدين أن لا حساب يطالهم ولا سؤال ..!!
كما تبوأ بعض ديكورات المناصب الى مراكز كان يحلم ان يصل بابها !!
وأحاطوا أنفسهم ، ببعض الإمّعات ممن يجيدون هز رؤوسهم بالإيجاب، عندما يتحدث أسيادهم..
ولان العامة من الشعب هم البسطاء.. وتماشيا مع ( ديمقراطية الوضع الجديد ) .. كان التصويت سيد المواقف جميعها ، والفوز بالإجماع هو القاسم المشترك لمعظمها !!.
ليمرروا بعد ذلك شعارات المرحلة : ( الشرعية الالهية) و(القيادات المنتخبة) وهكذا ..
بل تمادى البعض ليمد "سلطانه" الى خارج حدود حزبه أو كتلته .. يأمر وينهي ، بسبب هذه الديكورات القيادية في الجانب الآخر لضعفها وهشاشتها في اتخاذ موقف ما .
فتصوروا ... ما ان تبدي رأياً ، حتى توصم بأنك تريد التفرقة ؛ وهم "الوحدويون" للعظم !
وما أن تؤسس لأي مشروع ثقافي حتى ينعتونك بالانشقاق ، وهم أبطال " لم الشمل "، اما اذا انتقدت أحدا ما ... فسيشرعون عليك سيوفهم ، وهيهات منا الذلة !!!!!...
والمهزلة هي :
حين يجبرون أتباعهم ، بنشر برقيات التأييد والولاء والطاعة ، عند أي تحرك جديد خارج هيمنتهم ..
وتنهال عليك سيل الشتائم والافتراءات من قبل حاشيتهم وأشباههم .
وتصب " لعنة القائد " على كل مَنْ لا يمتثل لأمره أو قراره أو مزاجه !!!!!
وبسبب الزمن الرديء الذي نعيشه الآن والذي يعد امتدادا للسنوات العجاف التي مرت على العراق ، أنتج بعض إفرازات الفترة المظلمة ، حتى أصبح لدينا ويا للسخرية :
النغل ، إلها مقدساً
وهبل ، ملاكاً مصوناً
والسارق والفاسد والدنيء ، رموزا وخطوطا حمراء ..
والمنافقون والمتلونون ، مناضلون !!!
لقد قلت سابقا وأعيدها دائما ..
نحن بحاجة الى قيادة حقيقية .. وليس الى ديكورات للمناصب
الى قائد ذو غيرة إنسانية بكفاءة عالية يحكم بالعقل لا بالمزاج ... يعرف متى يقول وكيف يتحدث ، معلوم بتصرفه السليم ورأيه الحكيم ..
يتسع قلبه للجميع .... شجاع بموقفه ، جريء برأيه ...
لا إلى أداة يحركها فلان وفلان كدمية الخشب .... متعكزين بصناديق الاقتراع ،الذي نعرف تماما مايدور قبلها وما يحاك فيها من عمليات تسقيط وتحريف وتشويه للآخر...
لأن الانتخابات حالة حضارية تماما ، وان تعطي صوتك لمن تريد ...
حالة أجمل وأرقى ..
ولكــــن ...
التبييت قبل التصويت ، والجلسات العامرة ، والسهرات والهدايا ، والموائد وما لذ وطاب عليها ، وشراء بعض الذمم ، أوصلت البعض...
مثلما أوصلت الصفقات السرية والاتفاقيات الجانبية ، في غرفٍ موصدة الأبواب ، البعض الآخر لمناصب ....
كان ولا يزال ....
اسم الديكور ....
اكبر منهم !!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة