الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليالي المنسية(رواية)الجزء التاسع عشر

تحسين كرمياني

2014 / 9 / 22
الادب والفن


تحكي حمدية

عرفت اللذة في الثامنة من عمري.
صمت.
يوم أخرجتني أمّي كي أجلب لها النقود،وقفت بالباب لا أعرف كيف ومن أين أجلب لها النقود،في البدء،تصورتها تريد منّي أن أتسول،فتيات كثيرات كن يجبن الأزقة وداخل السوق،يتوسلن بشراسة ولجاجة لا تحتمل لكل عابر سبيل.
كلام كثير تناثر حول تلك الصبايا،كن غريبات،يأتين برفقة أمهاتهن،قيل أنهم غجر،وقيل هم من بلدان الجوار،يأتون ويرحلون،دون أن نعرف من هم ومن أين هم،كلام كثير تناثر بين الناس،بأن تلك النسوة والفتيات خضعن لرغبات شباب البلدة وأصحاب الدكاكين.
صمت.
ما زلت أتذكر يومي الأوّل،يوم مشيت من غير وعي،لا أعرف لم أمشي،قالت لي أمّي: ((أخرجِ ودبري لنا معيشتنا؟))،لا أعرف ماذا كانت تعني بالمعيشة،تائهة أتعثر،شعرت أن كل عيون الناس مثل سهام جارحة تمزق جسدي.
صمت.
عدت ودخلت البيت،مرهقة،جائعة،وجدتني واقفة،لا شيء في يدي أو في جيبي،لطمتني بكفها على رأسي ..صاحت: ((قريباً سنأكل الخراء!))لم أفهم كلامها،كنت دائماً أسمع منها ومن بعض نساء الزقاق: ((أكلنا الخراء الليلة البارحة))،كنت أسمعهن وأضحك لكلامهن،واضعة في بالي أنهم حقاً يتناولونه بعدما يخرجوه من أدبارهم،أو ربما الآبار المتواجدة في منازلنا هي أمكنة أمينة لخزن مؤن الشتاء،كما تفعل النمل،براءتي كانت تدير دفة الأسئلة والأجوبة الحياتية الكبيرة في عقلي.
صمت.
ما أن ألقتني بكفها وصرختها،بكيت،سحبتني من شعري..صاحت: ((هيّا أخرجِ واجلبِ لي فلوس!))،بعينين غارقتين في الدموع،بلسان يابس،ببطن يقرقر،خرجت.
صمت.
كانت الظهيرة جحيم،الشمس في السمت،تلفح نيرانها الأرض فتخرج دفقات حرارة مثل السراب،مشيت تائهة،أبواب المنازل مقفلة،لم أجد رجلاً استجديه،معظم المحال التجارية كانت مغلقة،وصلت السوق،لم ألفت انتباه بعض العابرين،قبل أن أجد نفسي جالسة في ظل سقيفة دكان مغلق،كانت الدموع في عيني واقفة،لساني على ما أتذكر بدأ يتشقق من شدة العطش،لمحت شاباً يخرج من زقاق،وقف ينظر إليّ،تقدم منيّ..قال: ((ماذا تعملين هنا؟))،بكيت،لم أجد كلاماً يصالح لساني،برك أمامي،وجدته وسيماً،غرز عينيه في عيني..قال: ((لم تبكين؟))،((أمّي طردتني!))،((سأرجعكِ إلى البيت!))،((لا..أنها تضربني!)،((لن أسمح لها بضربك!)،((أخرجتني لأجلب لها فلوس!)،مسكني من يدي وسحبني إلى الزقاق الذي خرج منه،وجدت محلاً كبيراً،أدخلني وأجلسني،بدأ يلاطفني،ويمرر يديه على شعري ووجنتي،أشربني قدح عصير،وناولني حفنة ـ جكليت ـ قلت: ((تعطيني فلوس؟))،أخرج من درج طاولة خشبية كمية نقود سال لها لعابي وتراخت أغواري..قال: ((لندخل إلى المخزن!))تبعته وهناك فوق الأرضية الأسمنتية نام فوقي،أخرج خيارته،أحمر اللون،لا تشبع الواحدة من مصها،وراح يدغدغ به طماطتي،ثم قلبني على بطني،وراح يفركه على عجيزتي،حاول أن يحشره في،كنت أتأوه وأصرخ،قبل أن يتراخى وهو يئن ويلهث،وجدت عصيره يمشي على ساقي،أعطاني النقود وطلب منّي أن أزوره كل يوم.
صمت.
فرحت أمّي بالنقود،راحت تودني وتهتم بي دون أن تفكر بكيفية حصولي على تلك الدراهم الملوثة بشرفها وشرفي وشرف مستقبلي.
صمت.
يوم خرجت من برمودا أمّي ووعيت الأمور،قيل أن أبي ترك أمّي،لا أعرف السبب،وظل مجهولاً ليومنا هذا،وجدت أن ليس من الأخلاق الحميدة ولا الصفات المحمودة أن أنكأ جراحاً مندملاً،مع الأيام وجدت أن تلك القضية العائلية،قضية انفصال أبي عن أمّي شيء بات من الماضي،مرت أيامي وسنواتي وأنا أترعرع وأنضج بين أفخاذ الشباب في المحال وداخل البيوت التعيسة.
صمت.
ذات يوم حدث التغير الإستراتيجي في مسيرة حياتي،فتحت الحكومة(محو الأميّة)وجدتها فرصة لتكملة دراستي بعدما تركتها بضغطٍ من أمّي،وجعلتني متسولة بين الأزقة والسوق،تفوقت وأكملت المرحلة التكميلية ووجدت نفسي في معهد للمعلمات،شهوة الطفولة نامت ولم تمت،كانت الدراسة تستعمر كل كياني،قبل أن يفاجئني رجل وقور يلبس الزيتوني،فاتحني أن أكون(حزبية)وواعدني بمستقبل مرموق ومكانة اجتماعية مثالية،اندفعت بحماس مناضلة متميزة،حتى جاءني ذات يوم في مركبته،كنّا في الدرس،أخرجني وبادلني بعض الكلام..قال: ((اخترتك لتمثيل فرقتنا الحزبية في مؤتمر شبابي في العاصمة))،تملكني الفرح،وفي اليوم التالي كنت برفقته نحو العاصمة ـ بغداد ـ وجدت نفسي وسط جموع من الشباب والشابات،وعند المساء اصطحبني إلى دار السينما،جلسنا في مقصورة عائلية،ولحظة حل الظلام،شعرت بيده تمسك يدي، للحقيقة لم أجد رعشة تسري فيّ،خيالي تحرك سريعاً،خلته الرجل المناسب للزوجة المناسبة،تركته يفرك ويدنو شيئاً فشيئاً منّي،راح يقبلني،أخرجه،بدا كثعبان الكوبرا في لحظة الدفاع عن نفسه أمام خطر جسيم، سحب رأسي وأسقط فمي عليه،قبل انتهاء الفلم تدفق عصيره في فمي،بعدما خرجنا..قال: (رفيقة حمدية، هذه أوّل مرة أكون فيها سعيداً!))،((وأنا أيضاً سعيدة معك رفيقي))،وصلنا الفندق،كانت غرف الرفيقات في الطابق الثاني والرفاق في الطابق الثالث،كانت الصالة تجمعنا معاً،في حضرة الحزب لا توجد خصوصيات أو أخلاقيات،كل الأشياء يجب أن تذل أو تموت أو تخرس من أجل إعلاء بنيان الحزب،الحزب هو الوجود للناس،كلام ظلّ يسكبه كالعصير في أغوارنا المعتوهة.
صمت.
تعشينا وتحاورنا..قال: ((أنتظركِ في الليل!))،حان الوقت ومضيت إليه،استقبلني بذراعيه وأسقطني على الفراش،وسهرنا معاً بعدما تحررنا من أسمالنا،وتركنا ثرثرات الثورة وأحلامها الصفراء.
صمت.
ما زلت أتذكر كيف كان يلحس برمودتي وكيف كنت أمصمص خيارته،حاول أن يدخله،امتنعت،كان يقول: ((لا تخشي أعرف ممرضة تخيطها لك!))
صمت.
مضت أيّامي على تلك الوتيرة حتى يوم تخرجي ووجدت نفسي في قرية بعيدة،أنهضت الغربة والوحدة نيران عواطفي،كنت في الليل أحتضن الوسادة،أمارس معها،لكن الجسد يتعب ولم أشعر بتلك الدغدغات الأثيرة لعروقي،قبل أن أجد ذات يوم صبي في ظل جدار،جالساً يداعب ثعبانه،وجدته كعمود شامخ،الصبي يلهث كي يبكيه،لم أحتمل المشهد،أغواري تأججت ودفعتني لأباغته،بهت وكادت أن تشهق روحه،جلست لصقه..((ماذا تعمل))لم يتكلم،مديت يدي ومسكت ثعبانه،ظلّ خائفاً يفترسني،قلت له: ((لم تفركه؟))تلعثم: ((أريد أن أبول!))،((هل تسمح لي أن أخرج بولك؟!))لم يتكلم،((سأنام ونم فوقي كي يخرج بولك!))،في البدء خاف،دفعته وأسقطته على ظهره،بدأت أفرك ثعبانه،تارة أمصمصه،يا لدفئه،يا لقوته،لم أحتمل صرخات صرصاري،نزعت سروالي وقلبته فوقي،بدأ يستجيب لرغبتي،لهث كثيراً،أخيراً تكلم،((نامي على بطنكِ))،آه يبدو أنه ولد يجيد لعبة الحياة،طاوعته واستجبت لرغبته،ست الستات كما ناداني الرفيق، يستجيب لصبي غر،سرعان ما أنزلق ثعبانه بين ساقي،قلت: ((بلله!))بصق ومرغه ببصاقه وأزلقه من جديد،بدا طرياً،طال لهاثه،وكنت أشعر بسعادة كونية من تحته،همست((أدخله؟))،تعذر عليه ذلك،مهدت له السبيل وشعرت به يدخل ويرفعني الى قمة السعادة،قبل أن يسكب بضع قطرات،سرت داخلي،لا أعرف هل هو السائل المرجو أم كان بولاً عابراً هبط كونه لم يبلغ سنّه،نهض وهو فاتحاً عينيه،فاتحاً فمه،أصفر السحنة،جاف اللسان..قلت: ((لا تحكي لأحد؟))،((سوف أكون هنا كل ظهيرة؟))،((وأنا أنتظرك!))،((لماذا لم تدخليه في ......))سكت،((أنا غير متزوجة!))،((متى تتزوجين؟))،((عندما أتزوج لا أحتاجك!)).
صمت.
عشت معه ظهيرات جميلة رغم أنها لم تشبع أغواري،قبل أن أتفاجئ بكتاب نقلي،حاولت أن أعرف السبب،لم أهتدِ إليه،وجدت نفسي هنا بين زميلاتي،قبل أن يطل علينا أستاذ(حبيب)ليوقف صحراء شيخوختنا ويعطينا عسل عواطفه،مما أنسانا أهالينا وحياة بلداتنا الغارقة بالفوضى.
صمت.
آه..ليتنا نبقى هنا،ليت العمر يتحجر ونكون هنا تماثيل حجرية،ما قيمة حياة أنثى من غير تشابك ليلي وصرخات أغوار وعسل مراق يتحرك داخل هذا الـ دهليز المجنون.
صمت.
أحقاً حياتنا الجميلة وليالينا الملحمية ستنتهي بعد ساعات؟،لم وقعت الحرب؟لم طالتنا بعدما كانت بعيدة عنّا،ما زلنا ننتظر صحوة الشبّان كي يتحركوا نحونا،لكن هذه الحرب اللعينة،ستأخذهم بعيداً،ستقتل فيهم الشهوات،ونبقى ننتظر ونجف ونموت من غير سعادات،مثل الصحاري الأزلية التي لا تشبعها الأمطار.
صمت.
آه..ليتنا نتحرر قليلاً ونمتلك حرياتنا مثل فتيات الغرب،عندها نمارس رغبتنا من غير خوف.
ليت هذا الليل يطول،وليت العالم كله ينعزل عنّا ونعيش بقية أعمارنا في هذه المنفى،يمكننا أن نؤسس جمهوريتنا،جمهورية الرغبة،يكفينا رئيس واحد،هل توافقن على فكرتي يا رفيقات؟
صمت.
آه..ليت أمتلك شجاعة(خولة).
صمت.
لو كنت أمتلك شجاعتها،لتعريت ورقصت رقصتها،لهربت إلى الليل،إلى العالم،كي يشهدوا على رقصي،
عسى أن تكون هذه ليلتي يا أخوات الفساد.
صمت.
آه..ليتني كنت من بلدة(جلبلاء)،لربما فزت بالرفيق ـ قضيب ـ كما تسمونه يا ـ قضيبات ـ
صمت.
عفواً..ماذا قلت..لا تؤاخذنني يا رفيقات،لساني سفير قلبي،لساني الناطق الحقيقي لمواجيدي،لساني حصاني،لساني أوان الرغبة يتحرك بقاموس كلمات جهنمية،أرجو المعذرة يا رفيقات.
صمت.
أرجو أن تكون هذه الحرب أكذوبة،خداع مؤقت،نباح كلاب كاذبة ما بين الطرفين.
صمت.
هل حقاً سنغادر هذه الحديقة المزهرة بعد ساعات؟،قلن شيئاً قبل أن أتعرى وأهرب إلى الظلام،إن كان حقاً كما سمعت،أرجو أن تكون ليلتي الأخيرة وليأتِ الموت فيما بعد.
صمت.
ليلتي أنا أرجوكن،خذوا حياتي ودعوا أستاذ ـ قضيب ـ يمزقني شلواً ويلقيني في مزبلة الحياة.
صمت.
ليلتي..أنا يا رفيقات،أم أرتكب حماقة وأحرق نفسي كي تمنحنني الرقصة الأخيرة قبل وصول نار الحرب.
صمت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي