الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السيدة الأولى

بشير ناظر حميد

2014 / 9 / 23
الادب والفن


لم يكن ذنبه أنه كان فلاح في عينها دائماً رغم حبها الكبير له، ولم يكن يعلم أنه قد يكون محطة من محطات عمرها المليئة بالأحداث الصاخبة بعد عمراً وعشقاً كبير، ولم يكن يحلم بما حال به بعدها، ولم يكن يفكر يوماً أنها ستتخلى عنه رغم أنف كل الظروف، ولكنه كان يوماً جريئاُ وسألها في بداية عشقه المبجل: ماذا وجدتي بشخص ضعيف هزيل البنية قليل الكلام فقير وصامت في أكثر الأحيان، فأجابت اصمت هذا الكلام ستُحاسب علية، وغدا سوف تُسأل!! ولحبه الكبير لها صمت ولكن هذه الإجابة لم تُشبع غُلته، ومضت الأيام وتسارعت الاحداث وعصفت بهم المشاكل من كل صوب، بعضها كان ظاهرياً يعيشوه سويتاً والأخر والأكثر أسى والماً كان في داخلهما وهما لا يبوحون به رغم انهما يظهران الابتسامة والسعادة في احنك الظروف. دمعت عينه لأجلها مرات عديدة بعضها في حضرتها وهو يعاتبها، وبعضها الأخر لغيرته عليها ولشوقه لها، هو ذلك الرجل الوقور بعين اهله وناسة والكثير يهابه ويخشى الكلام معه، ولكن في لغة الحب المعروفة وفي لغته الخاصة في الحب كل شيء مباح كما في الحرب، حتى الكرامة التي يتكلم عليها الكثير من المثالين في قصص الحب والعشق هو ينكرها امام عظمة وجلالة هذا الحب، فحبه رغم سنوات صباه المعدودة إلا أنه يقدر عمره عقود من الزمن وهو ينتمي إلى زمن غير هذا الزمن لنقائه وقوته رغم ما يمر به من أزمات، فقد ولد ممنوع، وعاش محظور، ومات مسموم، وهي لا بل هو كل يوم يعيشه كأنما اليوم قد مات الحب، اليوم هو يوم المصاب، اليوم هو يوم التشييع، اليوم هو مجلس العزاء، ولا أحد يعزي، ولا أحد يواسي، ولا أحد بعدها يشعر به أو يتألم لألمه. اليوم قد غادرنا الحبيب والرفيق والصديق، اليوم قد غادرت الام ورحل الاب وهجره الاهل وبقي وحيداً، وهي تعلم أنه بدونها لا حبيب له ولا صديقاً يملئ علية غربته وأصبح غريب الروح وحيد الجسد لا أحد يسمعه وان وجد فهو لا يثق بأحد بعدها، نعم قد رحلت ورحل معها كل شيء حتى توئم الروح الذي كان يرن على مدار اليوم صمت ولم تعد تُسمع رنته. هو مازال يبحث عن اجابه لسؤاله الذي لم يجد له جواب: لماذا لم تقولي لي أنك محطة من محطات هذا العمر؟ لماذا لم تقولي لي عُد العدة ليوم الرحيل؟ لماذا لم تقولي لي أنك كنت طفلي؟ لماذا اهومتيني بمواقف لم أكن اتوقعها ولا حتى في الاحلام؟ ألم تكوني يوماً جسراً لكي أمر! ألم تكوني يوماً أرضاً لسمائي! ألم أكن يوماً شهيقاً تمتلئ به رئتاك ويحمر به وجهك ويتجدد به دمك! أنا أبحث عن نفسي في ظل هذا، لا لكي أكون وأنما لأعيش. أعيش فقط لأجل من يحبنا ومن يفرح بوجودنا، لأجل هؤلاء الأطفال الذين يهلهلون لوجودي، لأجل من كرمهم الله وأقترن رضاه برضاهم، لأجل من سارت والجنة تحت قدميها، لأجل تلك المقعدة التي وصفتيها في يوماً ما أنها بشعت المنظر وانتي تعلمين انها بأيام عزها وشبابها كانت كالنخلة الشامخة وشيخة وقوره، لأجل ذلك الشيخ الكبير الذي لا تعوده اليه ذاكرته ولا يهدأ إلا بوجودي قربه. هؤلاء كلهم كنتي أنتي يا غاليتي، فبك أراهم كلهم، لهذا مصابي كبير وعزائي مستمر وفرحتي قد سُرقت وأملي لم يعد موجود، مع ثقتي بالله وأملي الكبير به، فله أشكو ضعفي وهمي وقلة حيلتي، وله اسجد مع أطلاله كل فجر، فمن ذا الي يسمعني غيرك يا لله وأنت تعلم بأن الروح التي تسري في الجسد قد ملكتها من بعدك لغائبة لم تعد ولم تكن بعد اليوم. ترى هل ضاع الامل كما ضاعت الحقيقة في بحر أمواج الضياع، وهل ضاع الحب في مهب ريح من يبحث عن صناعة تاريخ في ظل ذوات ترى البرغماتية عقيدة والايمان ضعفا والنفاق قوة والرياء رسالة. مهلاً يا ملهمتي، أنا على يديك تعلمت كيف يكون الموقف حياة، وكيف يكون للسماح أهلاً وأنتئ لهُ اهلاً، وأنتئ من هذا وذاك أكبر وأقدر، فيا سيدة عمري الفاضلة هناك ثمة امل في نهاية النفق ومسلك في نهاية الطريق، ولكن الوصول اليه مرهون بشروط، لعل أهمها، وما ربك بظلام للعبيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??