الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كرسي الإعتراف (4)

رشيد العالم

2014 / 9 / 23
الادب والفن


كرسي الاعتراف (4)

بَعدَ اللّيَالِي الطّويلة، وَالكلمَاتِ القصِيرَة، وَالحُرُوبِ البَارِدَةِ، وَالأسْلِحَة البَيْضَاءِ وَالحَمْرَاء وَ اللامَرئِية، أعُودُ لأثورَ عَلىَ ثوَرَاتِي، المُؤَيّدَةِ وَالمُضَادّةِ، الكتُومَة والصّاخبة، لأضفرَ بمَرْحَلة ٍ انتِقاليَة ٍ يَرْعَاهَا حِزبُكِ الوَحِيدْ... وَعَسْكرُكِ الوَحِيدْ... وَكرسِيّ غِيَابكِ الأوْحَدْ.
أعُودُ لأسْلخَ أعْمَاقِي، بشفرَة ِالاعتِرَافِ الحَادّة، اللامعَة، أمَامَ كرْسِي ٍ جَامِد ٍ أبْكم، أخرس، لأذوّبَ قُضبَانَ سِجنِي، وَأهْدِمَ سَقفهُ الإسمَنتِيّ، لتَطِيرَ مِنهُ طيُور ٌ قدِمَت مِن وَطَن ٍ مَنفي، لتحُطّ عَلَى صَحْرَاء قلب ٍ شريد، فتمْسَحَ برِيشِهَا عَرَقَ جَبينِه، وَتُدَاعِبَ نبْضَه، وَكثبَان رَمْلِهِ المُتنَاثِرَةِ، بقوَادِمِهَا المُرْهَقةِ،
أعُودُ مِن حَرْب ٍ ضَرُوس، حَميّة الوَطيس، خُضتهَا ضِدّ نفسِي، أعُودُ منَ المَشرفيّة وَالهِندِيّة وَالوَغىَ و القنا، أعُودُ مِن حَرب قدِيمَة جَدِيدَة، " وحَسبُ المَنايَا أن يَكنّ أمَانِياَ "، لمْ أكن مُقاتلا ً مِن طِينة " دُونْ كِيخُوتِ " كنتُ أشبَه " بأغُسْطُسْ قيْصَر " فِي حِنكتهِ وَنبَاهَتِهِ، وَ " جنِيكِزخَانْ " فِي قوّتِهِ وَغَطْرَسَتِهِ وَشهَامَتِهِ، وَ " قسْطَنْطِين الأكبر " فِي رِبِاطِ جَأشِهِ وَجَبروته وَغشمِهِ، لكني أمَامَك هُزمْتُ بلا ثوْرَة، وَلا حَرْب، بلا انقِلاب ٍ وَلا اغتِيَال، بلا " إفْ بي أيْ إيْ " وَ" لا سِي أيْ إيْ " ففَعَلتُ عَكسَ مَا فعَلهُ إمْبرَاطور الصّين " شِي هوَانجْ تِي " مَزقتُ وِلايَاتِي إلى وِلايَات ٍ وَدُوَيْلات ٍ، وَجِسْمِي إلى أجْسَام ٍ، وَجُسَيْمَات ٍ.
هِيَ حَرْبٌ خُضتُهَا عَلى أمَل الهَزيمَة، مُنذُ الوِهْلةِ الأولى، لأخرُجَ سَالما ً... وَإذا الحَرْبُ شبّت نارُهَا بالصّوَارم، وَ طالت الهَزيمَة، فانتِصَارِي عَليْكِ هَزيمَة ٌ، وَهزيمَتِي شرَفٌ عَلى يَدَيك انتِصَار.
لمْ أخرُجْ مِن الحَرْب سَالما ً بَعدُ، كمَا ضَننتُ قبلَ تأرِيخِي وَتوْثيقِي، لقصّتِي مَعَ أغرَبِ اعْتراف، وَأغرَب كرْسِيّ..لم تصْنعْهُ يَدُ نجّار أو حَدّاد...إنما صنعته يدُ سَاحِرَةٍ غائِبَة، وَلا يُفلحُ فِي الهَوَى مَن فِي الهَوَى لم يَذق سِحرَ الغِيَابْ.
مَا يَزال الكرْسِيّ فِي مَكانه الأول، وَفِي صُورَتِهِ الأولى، يَسْمَعُ زِلزَالَ أعْمَاقِي التِكتُونِيّ دُونَ اهتزاز عَلى مِيرْكالِي أو رِختَر ، يَشعر بثقلي لكنه لا يُصْدِرُ صَوتا ً مِثلَ كلّ الكرَاسِي..
كلامِي مَا يَزَالُ فِي بدَايَتِهِ، رُغمَ أنّي لمْ أتقن لغة الاعتِرَاف بَعدُ، أو بالأحرَى لغة " الرّضُوخِ/ الخُضُوعْ/ الإنابَة " لكني مُنذ الليلة الأولى، بدَأتُ "أحَصْحِصُ" مُعتَرِفا ً وإن لمْ أحسِن صِيَاغة اللفظِ وَالمَعْنَى..
مَا عُدتُ أعرفُ كيفَ أقضِي كلّ هذِه الليَالي؟

كيْفَ أفرّ مِنكِ إليكِ
وَلمْ تفِرّي بعدُ
مِنكِ إليّ ؟

مَهزوما ً أجلسُ..أنهَضُ... أسْقطُ...
أغادْرُ الكرْسِيّ كرْها ً...
فيعُيدُنِي كرْها ً إليْه...

EMAIL/ [email protected]
FACE/ rachid elaalem








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب