الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب على الارهاب، الحرب على الثورة السورية..

مزارة رشيد

2014 / 9 / 23
الارهاب, الحرب والسلام


اختفى مسمّى "الثورة السورية" على شريط الأخبار في إحدى كبريات الشبكات الإعلامية العربية منذ وقت ليس بالقليل، واستعيض عنه بمسمى "المعارضة السورية"، لا يخفى على أحد بأن هذا المسمى الجديد يحيل على ثنائية (الخطأ والصواب) مع ما تتيحه هذه الثنائية من مرونة تغيير المواقع وسلاسة إفراغ الوعاء الشعبي لطرف لصالح الطرف الآخر تمهيدا لمرحلة النقل الإعلامي للشرعية، عكس مسمى "الثورة" الذي يستمد نبله وأصالته من ثنائية (الحق والباطل) كثنائية مبدئية وحاسمة ونهائية.
عدّاد القتلى على شريط الأخبار في نفس هذه القنوات الذي كان يطالعنا بأعداد مكونة من ثلاثة أرقام كل يوم توقّف عند أقل من عشرة قتلى يوميا وبعضهم أحيانا من قتلى "الدولة الإسلامية، داعش" في الشرق السوري، فهل هي بداية الحسم العسكري ؟ أم هي بداية التصفية الإعلامية لما عرف طيلة الثلاث سنوات الماضية ب"الثورة السورية" بتوجيه الرأي العام العربي والعالمي ناحية الحرب على داعش ؟
بالمناسبة ماذا عن أخبار الائتلاف السوري "المعارض" ؟
الخبر السوري زحزح في أحد أهم هذه القنوات الى الفترة الصباحية حيث نسبة المشاهدة منخفضة نسبيا، فيما حلّت عبارات من مثل (الطيران السوري..) محل عبارات ك (طيران النظام..) أو (الطيران الأسدي..)، وانحصرت المعركة في تبادل السيطرة على بضعة قرى هنا وهناك في محافظات الريف الشمالي.
ملاحظة أخرى على ارتباط وثيق بالأداء الإعلامي لنفس هذه الشبكات الإخبارية المعروفة تتعلق بتلقفها عن قصد أو عن غير قصد لتمثيلية الذبح المفترض للصحفي الأميركي "ستيفن سوتولوف" وقبله ذبح مواطنه "جيمس فولي"من طرف جهاديي "الدولة الإسلامية"، هذا التلفيق الذي وان كان مستساغا بثه في قنوات غربية لحشد الرأي العام الغربي في وارد تبرير الحرب على "الدولة الإسلامية" فهو يثير السؤال عن جدوى ومبررات نقله للرأي العام العربي عبر هذه القنوات العربية، إذا كان للإعلام الغربي الجرأة للكذب على متابعيه رغم التقدم التكنولوجي الكبير الحاصل في مجال الاتصالات والشأو البعيد الذي وصلته فنون السينما عندهم والذي لن يعجز معه الطفل الصغير للتحقق من صحة فيديو أيا كانت دقته، فكيف بالعالم العربي الذي يعاني فشلا عاما في هذه المجالات !
هذا يقودنا الى السؤال الأهم : هل كانت هذه هي التمثيلية الوحيدة ؟
في هذا الإطار أي في إطار مسعى تصفية "الثورة السورية" سنسمع قريبا جدا عن تنسيق ما مع "النظام السوري" ضمن التحالف القائم اليوم ضد "الدولة الإسلامية"، ولن يكون هذا مفاجئا مثلما لم يكن مفاجئا اعتراف أميركا على لسان كاتب الدولة للخارجية جون كيري بأن لإيران دورا في مواجهة خطر متشددي "الدولة الإسلامية"، وبغض النظر عن كون انهزام "النظام السوري" أمام ضربات "الدولة الإسلامية" في الشرق والشمال السوريين انهزاما تكتيكيا استراتيجيا أم كان انهزاما فعليا فقد كانت له نتائج حاسمة في صرف النظر إعلاميا عن "الثورة السورية" لاحقا.
الولايات المتحدة الأميركية في حربها ضد "الدولة الإسلامية" هي بحاجة ماسة الى "الجيش النظامي السوري" على الأرض لأسباب عديدة لعل أهمها:
- كونه الجهة الوحيدة المنظمة والمتماسكة موضوعيا الى حد الآن على الأقل.
- لا وجود عمليا لما يعرف بقوات المعارضة "المعتدلة" أو على الأقل فهي ضعيفة وغير متماسكة ومتعددة الولاءات، إضافة الى كون مفهوم "الاعتدال" قد لا ينطبق إلا على قوات "الجيش السوري الحر" كون باقي الفصائل والتي تعد بالمئات أكثرها فصائل سلفية وهابية أو "قاعدة" أو "إخوان مسلمين"، هذه الأخيرة التي لن يكون في وسعها إلا الانحياز لمعسكر "الدولة الإسلامية" في آخر المطاف، يقول زهير سالم نائب المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا في مقال له على موقع "مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والإستراتيجية" الذي يديره يوم 17/9 : "أي شعور سيتملكنا إذا انتصر عليهم الأمريكي أو انتصرت عليهم كتائب الولي الفقيه..؟"! وقبله قال القرضاوي الأب الروحي للإخوان المسلمين في كل العالم في تغريده على حسابه على تويتر يوم 13/9 : "أنا أختلف مع داعش تماما في الفكر والوسيلة لكني لا أٌقبل أبدا أن تكون من تحاربهم أمريكا التي لا تحركها قيم الإسلام بل مصالحها و إن سفكت الدماء".
بالمحصلة فإن الحرب على "الدولة الإسلامية" في العراق في مرحلتها الأولى بمساندة ميدانية من البشمركة وقوات الجيش العراقي وبدعم إيراني بدأ فعليا قبل اليوم سيدفع فلول التنظيم نحو سوريا حيث ستلتحق به الغالبية الغالبة من الفصائل المقاتلة بحكم الخلفية الإيديولوجية ما يعطي الذريعة لتحالف واضح ومعلن مع "الجيش النظامي السوري" في آخر حلقة من حلقات تصفية "الثورة السورية" ولن يكون هذا بدون ثمن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من ساحة الحرب إلى حلبة السباقات..مواجهة روسية أوكرانية مرتقب


.. محمود ماهر يطالب جلال عمارة بالقيام بمقلب بوالدته ????




.. ملاحقات قضائية وضغوط وتهديدات.. هل الصحافيون أحرار في عملهم؟


.. الانتخابات الأوروبية: نقص المعلومات بشأنها يفاقم من قلة وعي




.. كيف ولدت المدرسة الإنطباعية وكيف غيرت مسار تاريخ الفن ؟ • فر