الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماركس وأنجلز وبنو خالد

سعود قبيلات

2014 / 9 / 23
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


قرأتُ في كتاب «إرم ذات العماد.. مِنْ مكَّة إلى أورشليم: البحث عن الجنَّة»، وهو مِنْ تأليف صديقي الأديب والمفكِّر العراقيّ المعروف الأستاذ فاضل الربيعيّ، الملاحظة التالية:
«لكن الصديق تركي علي الربيعو وهو باحث طليعيّ شابّ في حقل الميثولوجيا، لفت انتباهي إلى رأي مثير لماركس (رسائل إلى أنجلز) يرجِّح فيه احتمال أنَّ كلمة (كلدانيين) قد قرئت بشكل مغلوط من المستشرقين فهم برأيه [بني خالد] (الخالديون)».
(ص 220 و221. والأقواس الموجودة داخل النصّ مِنْ وضع المؤلِّف)
دفعني هذا إلى البحث، في مكتبتي الخاصَّة، عن رسائل ماركس وأنجلز، فوجدت في رسالة أرسلها أنجلز إلى ماركس بتاريخ 26 أيَّار 1853، شيئاً له صلة بهذا الموضوع المحدَّد وأشياء أخرى تتجاوزه.. لكن من المفيد الاطِّلاع عليها جميعاً. وقد اقتطفتُ منها ما يلي:
«... أمس قرأتُ كتاباً عن الكتابات العربيَّة سبق وحدَّثتك عنه. والكتاب لا يخلو من المتعة والفائدة رغم أنَّه من الكريه أنْ يطلّ الكاهن ومدَّاح التوراة في كلّ سطر من أسطره. ويعتبر المؤلِّف أنَّه أحرز أعظم انتصاراته لكونه أفلح واكتشف عند غيبون بضعة أخطاء في الجغرافية القديمة؛ ومِنْ هنا يستخلص استنتاجاً مفاده أنَّ علم اللاهوت عند غيبون لا يصلح البتّة هو أيضاً. اسم الكتاب "الجغرافية التاريخيَّة للجزيرة العربيَّة، مِنْ وضع الكاهن تشارلز فوستر". وأطرف الاستنتاجات عنه هي التالية:
1- أنَّ سلسلة النسب الواردة في سفر التكوين، على أنَّها سلسلة نوح وإبراهيم، والخ.، هي تعداد دقيق نسبيّاً للقبائل البدويَّة في ذلك الزمن وفقاً لدرجة قرابة لهجاتها والخ.. وحتَّى الآن، تسمِّي القبائل البدويَّة نفسها، كما هو معروف، بني صالد، بني يوسف، والخ، . أي أبناء هذا وذاك. إنَّ هذه التسميات، المدينة بأصلها لأسلوب العيش البطريركيّ القديم، تؤدِّي في آخر المطاف إلى هذا الضرب مِنْ سلاسل النسب. إنَّ تعداد الأجيال في سفر التكوين يؤكِّد الجغرافيون القدماء صحَّته إلى هذا الحدّ أو ذاك، في حين أنَّ الرحالة الحديثين يشهدون على أنَّ هذه الأسماء القديمة، رغم تغيرها وفقاً للهجات المحليَّة، لا تزال قائمة الآن أيضاً بمعظمها. ومِنْ هنا ينجم أنَّ اليهود أنفسهم هم كذلك قبيلة بدويَّة صغيرة مثل جميع القبائل الأخرى، ولكنّهم تصادموا مع البدو الآخرين بحكم الظروف المحليَّة، والزراعة، والخ..».
(ماركس أنجلز – رسائل مختارة – ص 65 و66. والكتاب صادر عن دار التقدّم السوفييتيَّة عام 1982 ومِنْ ترجمة الياس شاهين)
ويتابع أنجلز تعداد استنتاجاته «الطريفة» – كما وصفها – عن كتاب الكاهن تشارلز فوستر، فيقول:
«2- بصدد الفتح العربيّ العظيم الذي تحدَّثنا عنه مِنْ قبل، يتَّضح أنَّ البدو، شأنهم شأن المغول، كانوا يقومون دوريّاً بالغزوات، وأنَّ المملكة الأشوريَّة والمملكة البابليَّة قد أسَّستهما القبائل البدويَّة في نفس المكان الذي ظهرتْ فيه خلافة بغداد فيما بعد. إنَّ مؤسِّسي المملكة البابليَّة، الكلدان، لا يزالون الآن أيضاً يعيشون في المحلَّة ذاتها بالاسم ذاته – بني كلد. (...)».
(المصدر السابق «رسالة أنجلز إلى ماركس» – ص 66)
استنتاج أنجلز التالي (رقم 3) ليست له صلة مباشرة بموضوعنا المحدَّد، لكنَّني أُثبِّته هنا لما يحتويه مِنْ رؤية مهمّة (وموضوعيَّة) لنمط عيش العرب القدماء:
«3- حيث كان العرب يعيشون عيشة حضريَّة، أي في الجنوب الغربيّ، كانوا، على ما يبدو، شعباً متمدّناً مثل المصريين والأشوريين، والخ.؛ وهذا ما تثبته انشاءاتهم المعماريَّة. وهذا ما يفسِّر الكثير في الفتح الإسلاميّ».
(المصدر السابق «رسالة أنجلز إلى ماركس» – ص 66)
وفي حين اعتاد كثير من الباحثين والمفكِّرين (العرب والأجانب) الحديث عن أثر التوراة ومجموعة المعتقدات والمدوّنات اليهوديَّة في الثقافة العربيّة (والإسلاميَّة)؛ أي كما لو كان التأثير باتِّجاه واحد، نجد أنجلز، في رسالته التي نحن بصددها، يتحدَّث، على العكس مِنْ ذلك، عن أثر التقاليد العربيَّة القديمة على اليهود وتوراتهم، فيقول:
«ومن الواضح لي الآن تماماً أنَّ الكتاب اليهوديّ المسمَّى بالكتاب المقدَّس لا يعدو أنْ يكون تسجيلاً للتقاليد الدينيَّة والقبليَّة العربيَّة القديمة التي تغيَّرتْ بفضل انفصال اليهود باكراً عن جيرانهم – أي عن القبائل القريبة النسب منهم، ولكن التي بقيتْ مِنْ قبائل الرحل».
(المصدر السابق «رسالة أنجلز إلى ماركس» – صم 66)
ويتابع شرح فكرته السابقة، قائلاً:
«ولكن الكتابات والتقاليد العربيَّة القديمة والقرآن، وكذلك السهولة التي تتَّضح بها جميع سلاسل النسب، والخ. ، - كلّ هذا يبرهن أنَّ المضمون الأساسيّ كان عربيّاً أو، بالأصحّ، ساميّاً عامّاً، مثلما هو عندنا حال "ايدا" والملحمة البطوليَّة الجرمانيَّة».
(المصدر السابق «رسالة أنجلز إلى ماركس» – ص 66 و67)
على أيَّة حال، رسائل ماركس وأنجلز كثيرة جدّاً؛ إذ يبلغ عددها حوالي أربعة آلاف رسالة. ومع الأسف، فإنَّه لا يوجد لديَّ منها سوى قدر ضئيل. لذلك، قد تكون ملاحظة ماركس بالنص الذي أورده صديقي الربيعيّ في كتابه، موجودة في واحدة مِنْ تلك الرسائل الكثيرة الأخرى التي لا تتوفّر في مكتبتي. لكن ثمَّة في ثنايا رسالة أنجلز التي نشرتُ مقتطفاتٍ منها هنا ما يدعم رواية الربيعيّ ويزيد عليها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يظهر ان حتى مثقفينا متخلفون علميا وعقليا مع الاسف
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2014 / 9 / 24 - 04:19 )
تحياتي أستاذ سعود قبيلات
استمتعت جدا بقراءة مقالتك لانها تعبر عن -هوى-عندك للتفسيرات العلمية او على الأقل العقلية للامور والظواهر والعمليات بما في ذالك تاريخنا العربي واصولنا السامية
ولتسمح لي ان أقول بانني شخصيا توصلت منذاكثر من خمسين سنه الى اننا واليهود
ساميون واليهود ليسوا اكثر من قبيلة بدوية عاشوا على اطراف بلاد الرافدين العريقه
الكريمه وكنت كلما هوجمت من قبل الرعاع الصهاينه في اوربا لاني مع حق الشعب الفلسطيني في حقه في وطنه-حيث الاتهام الجاهز بالنتي سامية مؤكدا بانني سامي ولا يمكن ان أكون ضد نفسي واهلي وكنت -ولازلت-اعتبر ضرورة التفريق بين اليهود واليهودية وبين إسرائيل بصفتها نتوء سرطانيا غريبا عن منطقتنا وقد كنا نهاية الاربعينات في العراق نكتب ونخرج بمظاهرات شعارها -نحن اخوان اليهود واعداء الصهيونية-لذالك تراني اليوم اعتبر بوضوح ان الصهيونية حركه نازيه معادية لشعب فلسطين العزيز اقامت له الكولونيالية البريطانية ثم تبنتها الامبريالية الأميركية كيانا سرطانيا فايروسيا هو إسرائيل-وهي اول دوله داعشيه في منطقتنا وانا اؤمن بان البشرية اذ تعمل الان على انهاء داعش ستنهي إسرائيل أيضا


2 - تكمله رجاء-عن العوق الذي يعاني منه غالبية مثقفينا
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2014 / 9 / 24 - 04:36 )
تكملة فكرتي رجاء
الذي لفت نظري احجام قراء مقالتك -وربما غالبيتهم ماركسيين او هكذا يسمون رسميا او يسمون انفسهم -احجامهم عن التفاعل مع الفكرة الجوهرية لما جاء برسائل ماركس وانجلس في محاولتهما تفسير بعض صفحات تاريخنا في ظروف الفقر المدقع في المصادر المادية المتوفرة مثلا فتاريخ اليونان والرومان -كما انني لاحظت التقييم السلبي للمقالة ولطريقة التفكير العلمي والعقلي لماركس وانجلز ولكاتب المقالة -اللهم الا اذا كان موظفي الموساد الاربعه المعروفين الذين يتنادون على صفحات الحوار المتمدن كلما ظهر نص يتناقض مع فكرة شعبهم المختار وحق العرق المختار في فلسطين-تاريخيا- مع عدم اهتمام مثقفينا في مجال الفكر والعلم والعقلانية والانشغال بقال وقيل السياسة الجارية
كنت قبل حوالي سبع شهور في عمان ولمدة طويله ولاحظت منذ ساعات الليل الأولى التي وصلت بها لعمان ان مقر الحزب الشيوعي الأردني حط في وسط شارع بيتنا العائلي لذالك زرتهم سريعا وترددت عليهم مرارا وتعرفت على المقيم الدائم أبو سعيد بل وتعرفت على اخ فهد الاعزب الذي كنت سافرت معه عام 56من بيروت الى براغ حيث مؤتمر اتحاد الطلبة العالمي لكني للأسف لم اتعرف عليك

اخر الافلام

.. كلب بوليسي يهاجم فرد شرطة بدلاً من المتظاهرين المتضامنين مع


.. اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ب




.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني