الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فتاة -النيكريسكو- وإدريس الخوري

عبد الرحيم التوراني
صحفي وكاتب

(Abderrahim Tourani)

2014 / 9 / 23
سيرة ذاتية



في ليلة من ليالينا الجميلة بالدار البيضاء، في مستهل الثمانينيات، سهرنا في "النيكريسكو". أيام كان يملكها - مع حانات أخرى - صاحب "القمر الأحمر"، الفنان عبد الهادي بلخياط. وقد التحق مؤخرا بكتائب "الدعوة والتبليغ"، طلبا للعفو والمغفرة، وطمعا في جنة الرضوان. جماعة "الدعوة والتبليغ" التي يغدق اليوم بلخياط على تنظيمها من مال "حرام كسبه من استثماره في الكباريهات والخمارات، ومن أغانيه في مدح السلطان.

كنا ثلة من الأصدقاء الحالمين بمغرب آخر. بدأنا أمسيتنا من مربع "مرس السلطان"، ولم يبتعد بنا ليلنا إلى شاطئ "عين الدياب" كالمعتاد، بل اخترنا اللجوء إلى زنقة "بوان كاريه" القريبة، حيث ملهى "النيكريسكو" لا يغلق أبوابه قبل الفجر.

أذكر كان يقودنا "بادريس"، اللقب الحميمي الذي ننادي به الكاتب الصديق إدريس الخوري، وما أدراك "بادريس" زمنها. ولما كنا نصعد الدرج في نهاية السهرة للخروج من تحت الأرض، تبعتنا فتاة جميلة تعمل بالملهى.

قالت البنت:
- اسمحوا لي، أريد التكلم مع الأستاذ الخوري.

رحب الخوري بها قائلا:
- تكلمي أمام أصدقائي، لا مشكلة.

بعد تردد عابر، صرحت الفتاة للكاتب أنها من قرائه، وأنها تحب كتاباته، بل أسرت أن مجموعة "الأيام والليالي" تحت وسادتها.

ابتسم بادريس وشكرها. رد عليها بلفظة "مزززييييان". ضاغطا على حرف الزي ممددا الياء.

لكن الفتاة لم تكن تريد إبداء إعجابها بالكاتب فقط، بل أنها أردفت قائلة:
- أريدك أن تكتب لي قصة حياتي، حياتي مليئة بالمعاناة. وأنا مستعدة لدفع المقابل الذي تطلبه.

كان بادريس في حالة انتعاش جميلة، التفت إلينا ثم أطلق ضحكته العالية، علامته الفارقة، التي كانت تزين اللقاءات الحميمية التي تجمع أصدقاءه به, أو كما يحلو له وصفها ب"التكعكيع" وب"الضحك ديال النفس".

سلمت الفتاة للكاتب عنوانها، ولا زلت أذكر أنها كتبت عنوانا يقع بالحي المحمدي.

لا أعرف هل التقى بادريس بفتاة النيكريسكو مرة أخرى، أم أهمل أمرها.

لكن الذي حصل في الأيام التي تلت ذلك، هو أن الأصدقاء مازحوا الخوري وأطلقوا عليه لقب "الكاتب العمومي"، واقترح صديق عليه ساخرا، أن يفتح محلا جنب دكاكين الكتاب العموميين المنتشرة خلف المحكمة الابتدائية بزنقة فرحات حشاد. "المردود المادي سيكون وفيرا وأحسن من نشر مجاميع قصصية لا تسمن ولا تغني من عطش.. وجوع".

وقد كتب بادريس قصصا بطلاتها من النساء، لعل أشهرهن "خديجة البيضاوية"، بطلة إحدى قصصه الشهيرة.

نساء بادريس لسن بعدد بطلاته، فقد تزوج إدريس الخوري ثلاث مرات، وهو اليوم يقضي شيخوخته وحيدا بعد أن انفصلت عنه أم يوسف وهاجرت إلى لبنان.

وبعد أن حاصرت النميمة مؤدلجها، إذ كتب مرة في مقدمة كتاب له، أن "الكتابة نميمة".. أشار الخوري إشارة واضحة لا لبس فيها، في عموده بيومية "الاتحاد الاشتراكي"، إلى انفصال زوجته سعاد عنه. وكأنه يكلم النمامين ويرد عليهم. كفى نهشا.. صافي.. أهذا ما تريدون؟

لم يكذب صديقنا المبدع حسونة المصباحي حين شبه الخوري بالحطيئة، إذا لم يجد من يهجوه يقوم بهجاء نفسه. وبعد سنوات صرح لي حسونة المصباحي في أصيلة أن الخوري لامه وغضب منه وقتها غضبا شديدا من هذا التشبيه.

ولا بد أن أختم أن الحوار المطول الذي نشرته "المساء"، على حلقات، مع إدريس الخوري وخلف استياء كبيرا لدى الجميع، لما تضمنه من عدوانية صارخة، أجري مع صاحب "حزن في الرأس وفي القلب"، وهو في ظروف نفسية سيئة، وتحت وطأة انفصال سعاد عنه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا