الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوار الذهب جديد في موريتانيا ؟

محمد سيد رصاص

2005 / 8 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


ظلل التداخل المحلي والإقليمي مجمل الانقلابات العسكرية الموريتانية، وكذلك محاولات الانقلاب: انقلاب 10 تموز 1978 الذي أتى على خلفية الصراع العسكري الخاسر مع البوليساريو بعد تقاسم نواكشوط والرباط للصحراء الغربية حتى انسحبت موريتانيا من الصحراء بعد الاتفاق مع البوليساريو في 5 آب 1979(ليحتل المغرب الجزء الموريتاني، خوفاً من أن تأخذه البوليساريو)، محاولة انقلاب 17 آذار 1981 ضد نظام الرئيس محمد خونا ولد هيدالله (تسلم السلطة في حزيران 80) بدعم المغرب، انقلاب العقيد ولد الطايع (12/12/84) الذي أتى لكبح تزايد النفوذ الزنجي في أجهزة الدولة ولإمساك العصا من الوسط بين الجزائر والمغرب، محاولة انقلاب 22 تشرين الأول 1987 ) }دعمها السنغال.{ بقيادة (جبهة تحرير الأفارقة الموريتانيين) والتي تزعمها وزير الداخلية السابق (آفي أمادو بابلي).
كان حكم الرئيس ولد الطايع مديداً بالقياس إلى ما سبقه، إلا إنه كان مضطرباً مثل السنوات الست التي تناوب عليها أسلافه من الحكام العسكريين الذين أتوا إلى السلطة بعد انقلاب 1978: من أجل هذا تقرب من الأحزاب العروبية القوية، الموزعة بين الناصريين والبعثيين، لمواجهة الأقلية الزنجية (20 % من السكان)،( تدعمها باريس وداكار واليساريون الموريتانيون ) ومد يده، اقليمياً إلى الرباط وبغداد والرياض المتحالفتين في ظرف الحرب العراقية ـ الإيرانية.
انقلبت اللوحة مع انتهاء الحرب الباردة ومع غزو الكويت: كانت موريتانيا في صف الدول العربية التي وقفت مع بغداد، إلا أن ولد الطايع ـ مثل الملك حسين ـ قد كان سريعاً في إدارة الظهر لصدام حسين بعد خَسارته لحرب 1991، وكان من أكثر الحكام العرب قدرة على الانسجام مع رياح (القطب الواحد) فسبق كل الحكام المغاربيين الذين تبعوه لاحقاً من الرباط إلى طرابلس الغرب وما بينهما ـ في التقرب من واشنطن، بعيداً من النفوذ الفرنسي التقليدي في منطقة المغرب العربي، والذي تداعى كثيراً في مرحلة (ما بعد 1989)، تماماً كما حصل في منطقة البحيرات الإفريقية، (رواندا، بوروندي، زائير).
إلا أن هذه التواؤمات الدولية للحكم الموريتاني (والتي كان لها ترجمات عربية) لم يحصل ما يوازيها على الصعيد المحلي، إذ رأينا في التسعينات ازدياد اضطراب الوضع الداخلي الموريتاني، مع وجود جبهة معارضة واسعة امتدت من العروبيين الى اليساريين والديموقراطيين وصولاً إلى المعارضة الزنجية التقليدية، حتى انضم الاسلاميون أخيراً اليها، وبخاصة بعد فتح سفارة اسرائيلية في نواكشوط عام 1999، ليظهروا بوصفهم فصيلاً رئيساً، ولكن ليس الأقوى، وهو شيء لا نراه في المعارضات العربية، الآن، سوى في نواكشوط والرباط.
لم يكن العنف السلطوي، المدعوم دولياً واقليمياً، كافياً لإحداث هدوء داخلي في موريتانيا، وهو أمر حصل نقيضه في بلدان عربية كثيرة في العقدين الأخيرين من القرن العشرين: يبدو أن بنى (المجتمع الأهلي) كانت عاملاً صادّاً (ويمكن القول: مفشلاً) لوصول عنف السلطة الى مبتغاه، وهو أمر رأيناه أيضاً في السودان اثناء عهدي النميري والبشير، ولو أن العوامل الدولية كانت دوماً موائمة للمعارضة السودانية (بخلاف ما كان الوضع في نواكشوط)، حيث رأينا كيف كانت البنى الأهلية التقليدية ـ في هذين البلدين ـ ليس فقط تقدم الأرضية والوقود الاجتماعي للأحزاب السياسية بل تشكل ايضاً ـ بوصفها قائمة في مجتمع يقوم على مكونات تقليدية لم تستطع السلطة الحديثة إزالتها ـ توازناً مجتمعياً يمنع الديكتاتوريات من أن تتحول إلى توتاليتارية (شمولية) وهو ما شهدنا عكسه في المشرق العربي.
ربما، تعكس محاولة الانقلاب العسكرية ضد ولد الطايع (9 /8حزيران 2003)، صورة ذلك: تأييداً مجتمعياً قوياً للانقلابيين، في مقابل دعم دولي ـ اقليمي للنظام انعكس تماماً في المؤسسة العسكرية وراء الرئيس، هذه الصورة التي يبدو انها لم تعد قائمة مع انقلاب يوم (3 آب) الماضي في نواكشوط، إذ أدار الجيش ظهره للرئيس المغادر للبلاد، وسط تفاقم المشكلات الداخلية التي اوصلت الحكم إلى عزلة مجتمعية خانقة، وهو ما جعل الانقلاب يلاقي مساندة مجتمعية ظاهرة لم يوازها سوى ما لاقاه الفريق سوار الذهب في انقلابه على النميري (6 نيسان 1985) وتأييداً دولياً ـ اقليمياً اتضحت معالمه، بعد أسبوع من الانقلاب الموريتاني، في واشنطن وباريس وداكار والرباط، وهو ما سيلاقي، لاحقاً، ترجمات في المنظمة الإفريقية، برغم تمنعاتها الحاضرة المتمسكة بقرارها الأخير المتعلق بالموقف من الانقلابات العسكرية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة ايريك سيوتي عضو اليمين الفائز بمقعد البرلمان عن نيس|#عا


.. قراءة عسكرية.. محور نتساريم بين دعم عمليات الاحتلال و تحوله




.. تفعيل المادة 25 قد يعزل بايدن.. وترمب لا يفضل استخدامها ضد خ


.. حملة بايدن تتعرض لضغوطات بعد استقالة مذيعة لاعتمادها أسئلة م




.. البيت الأبيض: المستوطنات الإسرائيلية تقوض عملية السلام والاس