الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سميح القاسم سيمفونية المقاومة

نزيه حسون

2014 / 9 / 24
الادب والفن


سميح القاسم سيمفونية المقاومة

كان لا يملكُ من ميراث ابيه وجده إلا أن يَتحدَّى... والى أخر نبضٍ في عروقهِ ظلَّ يقاوم... سميح القاسم ...شاعر الاسطورة الفلسطينية وقامتها المنتصبة عريس فلسطين الذي طرّزَ لها من دمائهِ وقصائده رايات خفاقة من النضال والتحدي الى ان أمسى احد اهم شعراء المقاومة في فلسطين وفي العالم العربي كله
على أهداب الجليل فوق ثراةُ النديّ ،وفي ظلال زيتونه المتجذر في رحم التراب شبّ القاسم شاعرا يافعا مسكونا منذ نعومة اظفاره بعشق هذا الثَرَى وحبِّ فيجنه وزعتره شبَّ يحمل في ثنايا روحه عبق ازهاره وحفيف سنابله واغاريد عصافيره فكتب له اجمل واعذب وارق القصائد حتى اصبح الجليل كله يردد هذه القصائد التي تحولت الى اغانٍ جميلة وأناشيد ثورية يرتلها كل المناضلين في كافة أصقاع العالم
واذا كانت اهمية سميح القاسم كشاعر قد طغت عليه فانه لمن الجدير بمكان ان نؤكد على اهمية القاسم كموقف وهوية هذه الهوية الوطنية القومية الانسانية التي تجلت واضحة في كل كتاباته شعرا ونثرا وفي كل مواقفه عبر مراحل حياته كلها
ففي عز الهزيمة يوم كان ظلام النكسة يخيِّمُ على وجدان الامة العربية كلها كانت اشعار القاسم تنطلق رغم كثافة الظلام كشهب لا تنطفي لتضئ سماء الامة بشعاعات المقاومة والتحدي والصمود وتزرع في نفوس الجماهير الامل بعد ان كانت تفتقدة... وليس غريبا ان تعتقله السلطات الإسرائيلية قبل الحرب وخلالها وعندما سأله الصحفي لماذا تظن انهم اعتقلوك صبيحة اشتعال الحرب كان الجواب سريعا وحادا
لانهم خافوا ان استعمل ترسانتي الصاروخية ضد قواتهم
وحتى لو كان جوابة هذا ينم عن سخرية لاذعة لكنَّ الاحتلال بالتالي كان يدرك جيدا دور القصيدة المقاومة في المعركة ولبس عفوا ان يكتب له صديقه محمود درويش في احد رسائله قائلا "انا اعرف ان القصيدة بالنسبة لك تتحدى الطائرة"
وليس عفوًا انه حينما كان القاسم بصارع المرض العضال في مستشفى صفد كانت الطائرات الإسرائيلية تلقي جام حقدها ونيرانها على اهلنا في غزه ...كانت الجماهير العربية كلها من المحيط الى الخليج تستمع الى قصائده الثورية التي كانت تنطلق بفوة من الفضاءات الفلسطينية والعربية كالميادين وغيرها... وانتصرت غزه وصمتت الطائرات لكن صوتك وحتى بعد رحيلك الى الرفيق الاعلى ظلّ يرنُّ في مسامع الجماهير غارسا في وجدانهم جذوة التحدي والصمود مؤكدا وبشكل قاطع ان القصيدة اقوى من كل الطائرات
ونحن ندرك ايها السميح السميح ان الطائرات واسلحة الدمار كلها ستصدأ ذات يوم... ولكنَّ لهيب قصائدك لن ينطفئ الى الابد وعندما سارت الجماهير من كل حدب وصوت وراء نعشك الطاهر... لتودعه الوداع الاخير وتواريه تراب جبل حيدر في الجليل كانت تدرك ان الجليل كله بتلاله واشجاره... بقراه وشوارعه.. ببيوته وسكانه سيظل يردد اشعارك...وسبقى جيد هذا الوطن مكللاً بعقد من غار قصائدك الخالدة
وامام رحيلك المهيب لا نملك الا ان نحني قاماتنا اجلالا وتقديرا ووفاءً لما قدمته لهذ الشعب.. من روحك ووجدانك ودمائك... ولما تركته من تراث عظيم سنغرسه في نفوس اجيالنا القادمة بكل ما يحمله من قيم انسانية نبيلة ليبقى منارة مضيئة لكل الذين ساروا وسيسيرون على هذا الطريق القويم والصراط المستقيم


ويا اخاً لم تلده أمنا ...يا قصيدة كتبت على كل اوزان التحدي... وجميع بحور المقاومة والكفاح ولن تقوى عواتي الرياح ولا هائجات العواصف على محوها لأنها نفشت في وجدان الجماهير وضمير هذا الوطن...
ويا ايها المفعم بالشعر والمطر والياسمين... ستبقى شعرا ومطرا وياسمينا لكل الذين يبحثون تحت الشمس وعلى هذه الارض... عن الحرية والكرامة والعدالة ...وسيقولُ الثائرِ لأخيه الثائر على خطوط النار والعاشق لعشيقته تحت شعاعات القمر الليلكية والشيخ لأحفاده في ساحة الدار حقًا لقد كان سميح القاسم فارس المقاومة والمحبة والوطن... وسيبقى خالدًا خلود هذا الوطن فنم مطمئننًا نم مطمئنًا يا أبا وطن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فريق الرئيس الأميركي السابق الانتخابي يعلن مقاضاة صناع فيلم


.. الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت تظهر بفستان يتزين بألوان الع




.. هام لأولياء الأمور .. لأول مرة تدريس اللغة الثانية بالإعدادي


.. اعتبره تشهيرا خبيثا.. ترمب غاضب من فيلم سينمائي عنه




.. أعمال لكبار الأدباء العالميين.. هذه الروايات اتهم يوسف زيدان