الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العم المقدس

محمد الذهبي

2014 / 9 / 26
الادب والفن



في زقاق ضيق هناك في المدينة المقدسة، حيث تنتشر الرايات من كل لون، الاسود والاحمر والاخضر والاصفر، وحيث الابواب والشبابيك المطلية بالحناء،وحيث الاجساد المرهقة والوجوه المتعبة، ينتشر البخور ليملأ جميع الفراغات، وتوضع المياه الجوفية في قنان، توزع على الذين يأتون للاستشفاء والتبرك، رجال دولة وصفقات سياسية مع كسر خبز يابس على كتائب النوافذ.
مكان مقدس لم تبق قدم لمسؤول حكومي الا وطأته، وتبركت واستعانت به على القضاء على تمرد، او حتى مواجهة عدو خارجي او داخلي، هناك الحكمة والعقل والتأني، خواتم من كل نوع ، نوع للرزق وخاتم للمقبولية، وتتعدد مواهب الاحجار الكريمة لتصل الى شفاء المرضى، تتزايد الاهمية من القدرة على التأثير وجذب الاتباع، الاتباع بالآلاف، والجميع مستعد ان يضحي بحياته، وربما يقص عليك احدهم قصة غريبة، من ان العم حين يسجد تسجد معه الاشجار، ويقسم انه شاهد عيان على الحادث، وهو مؤيد من السماء ولديه نصوص مقدسة جديدة، حتى الاميركان كانوا لايتعرضون له خوفا من هيجان الشارع ضدهم، مذكرات القاء قبض، وقضايا كثيرة، اخفيت في ادراج المكاتب، لتبقى الكف نظيفة وجميلة ، وتقبل آلاف المرات في اليوم، ولايمكن لقيد الشرطة او الدولة ان يكبلها، فهي كف خلقت للتقبيل وليس للتكبيل، كانت الورود ترمى من قريب وبعيد، والمتطوعون يحيطون بالمكان المقدس، مع المعجزات الكثيرة والقوة الخارقة، هناك بنادق وقاذفات ايضا.
مع اول غارة للطائرات الاميركية على المكان المقدس، وهجوم الشرطة تفرق الاتباع، وصارت المطاردات تملأ شوارع المدينة، والقبض على مجاميع كثيرة، واخذ التحقيق يدور دورة بطيئة، لقد كان يهدي الينا الطمأنينة، لم يعطنا سلاحا قط، ومن اين جلبتم السلاح؟ عن طريق المتبرعين للحفاظ على حياة عمنا الكبير، هل شهدت معجزة من معجزاته؟ نعم الكثير، كان يطير الى ارتفاعات مختلفة، ويختفي بعض الاحيان، من اين تأتون بالاموال؟ الناس هي التي تأتي بالاموال ولسنا نحن، انه يأمر بمحاسن الاخلاق، يكره النساء والشذوذ، لكنه دعا ربه لمحبة الحرب، انه يكره اليهود، وهذا دليل كبير على نزاهته، بالامس القريب رأى في الكنيسة يوزعون كسر الخبز اليابس والليمون، فاختار الخبز اليابس لانه اقرب الى الله، حتى حين خطب في الجامع الكبير، كان متواضعا وكلامه يسحر الجالسين، لم يتحرك احد من مكانه ولم يتثاءب، وهو لم يخطىء بكلمة واحدة، أرايته كان يرتدي الاسود، ويضع راية سوداء على يمينه.
اتصل به عدة ملوك ورؤساء، لكنه لايجيب على اتصالاتهم، الصلاة لديه مقدسة، مالم يكن مشغولا فهو يصلي الليل مع النهار، ومن اين يعيش؟ انه يعيش هكذا لايحتاج الى شيء، ودعني اروي لك حادثة محاولة اغتياله في الجامع الكبير، حيث تعاون بعض المحيطين به حسدا منهم لمكانته، ووضعوا عبوة ناسفة تحت المنبر، لم تنفجر، لقد كلمته العبوة في سره ونزل من المنبر واستخرجها امام الجميع وهو يبتسم، الم تلاحظ الورود والعطايا والهدايا التي تملأ باحة الدار.
مع اول قصف اميركي في طائرا أف 18، وتحرك القوات الاميركية، صارت الدار المقدسة كومة احجار، وقد اخذت مكاني بعد عناء طويل بين الجموع التي كانت ترجم المكان بالحجارة، لقد جلب الينا النحس والقتل والموت، افرغت المدن من الشباب، محاكم شرعية وقتل لابسط تهمة، وجدنا الجثث المتفسخة في انفاق تمتد من البيت باتجاه الصحراء، وهناك سراديب مملوءة بعظام البشر، اما اتباعه فقد وجدنا قرب جثثهم قناني البيرة، وانواع السكائر الفاخرة التي كان يحرم تدخينها، يقولون انه ارتفع الى السماء، وربما تفحمت جثته فلا احد يستطيع التعرف عليه، لقد صار الرجم تقليدا سنويا، فنحن ابناء المدينة المقدسة نرجمه في كل عام، وقد طلبنا من الحكومة ان تبني لنا مرفقا لتنظيم عملية الرجم، انه شيطان رجيم، كان في بداية حياته يعمل في شحذ السكاكين ، وكان من رواد الحانات والنوادي الليلية هناك في بغداد، حتى خدمة العلم لم يخدمها، هرب من الجيش، لا ادري لماذا كان يناديه البعض بالعم، خصوصا بعد ان بدأ بعلاج المرضى الميؤوس منهم، لكنه في النهاية اختفى او مات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية - الشاعرة سنية مدوري- مع السيد التوي والشاذلي ف


.. يسعدنى إقامة حفلاتى فى مصر.. كاظم الساهر يتحدث عن العاصمة ال




.. كاظم الساهر: العاصمة الإدارية الجديدة مبهرة ويسعدنى إقامة حف


.. صعوبات واجهت الفنان أيمن عبد السلام في تجسيد أدواره




.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث لصباح العربية عن فن الدوبلاج