الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على الكنبة

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 9 / 26
كتابات ساخرة


مر الربيع العربي بخطاه على اليمن..و يمكننا ملاحظة نتائج ذلك المرور بمراقبةٍ عابرة ليوميات الحياة السياسية و أحداثها و التي يتسارع سقوطها فوق رؤوسنا عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي أو المواقع الإخبارية التابعة لهذا الحزب أو ذك..و نتيجةً لذلك السقوط الإخباري و التحليلي المستمر فوق رأسه مر الكائن اليمني بمرحلة إعادة تشكيل عقلي جديدة ليصبح بعدها كائناً آخر و ليس إنساناً آخر..و لكن لنفهم الفرق بينهما فلنعد بعقارب الزمن قليلاً إلى الخلف..إلى عام 2011 م.

عام 2011 م في اليمن..أين كنت أنا؟؟..قد يتفاجأ البعض إن اعترفت أني منذ 2011 م و حتى الآن و أنا مستلقية فوق كنبتي أو تحتها بالطبع عند سماعي لأصوات نيران الاشتباكات بين الفرقاء في اليمن..نسبة لا بأس بها من المواطنين اختارت منذ البداية طرفاً من الأطراف المتناحرة لتمارس التبعية له و البعض الآخر قضى الثلاثة أعوام المنصرمة متنقلاً في مدحه بين هذا و ذك حسب ما تمليه عليه بالطبع مصلحته الشخصية..أما أنا فكنت كما ما زلت فوق كنبتي أو تحتها لا أتزحزح و لذلك كما لأفعال الرب بنا حكمة أعلنها و لا أكتمها.

و لعل أول سؤال واجهني عندما حانت لحظة الاختيار بينهم و بين ذاتي هو لماذا سأخوض عناء التنقل بيننا!!..خوفاً من العزلة؟؟..و متى كان في الاجتماع مع العبيد متعة!!..و ما أكثر العبيد في اليمن!!..و أنا هنا لا أعترض أبداً على عبوديتنا للأفكار أو حتى للأيدولوجيات فجميعنا فعلها لمرةٍ واحدةٍ على الأقل في حياته مدركاً لذلك الأمر أو غير مدرك..و لكني أتحدث عن العبودية تجاه الأشخاص..و هو أقسى أنواع العبودية خاصة إذا كان دافعه ليس الحب -فهنا قد أتفهم الأمر- بل الاحتقار الشديد للذات.

العبودية في اليمن فن و لا تستهن أبداً بالمواطن اليمني و لتسقط حديثي على بلدك أيضاً إن شئت فالعبيد في الوطن العربي لا يختلفون كثيراً عن بعضهم إلا في طريقة ممارستهم لعبوديتهم و لنعتبر ذلك نوعاً من أنواع "الخصوصية" التي يتحدث عن وجودها في مجتمعه -بكل فخر- كل مواطنٍ عربي..و قليل من التمعن في صفحات التواصل الاجتماعي لمن يُطلقون على أنفسهم لقباً فخم كـ "ناشطين" سيحقق لك ذات التأثير الجسدي الذي تصيبك به جرثومة المعدة..لتجد أن العصارة المعدية لديك ستتصاعد بسرعةٍ هستيرية لتخرج ما بجوفك.

فمفهوم تلك الكائنات لكلمة "ناشط" يتلخص في انتقائها لطرفٍ سياسي دون الآخر لتمارس معه ذات مهمة عبده تجاه مباهج في فيلم الراقصة و الطبال..فينتقل هذا القائد أو ذك من مرحلة القائد الذي لا تحمل شخصيته أية أبعاد ثقافية أو إنسانية إلى شخصٍ تتغنى الجموع بمدى عمقه فقط لأنه يقدم لها الفتات الذي تعتبره ضرورياً لاستمرار وجودها النفسي..متناسين عمداً أنه في حقيقة الأمر مجرد نباتٍ متسلق يمتص الغذاء ممن حوله لينمو فيعلو حتى يصل إلى ضوء الشمس فلا يفنى كمن هم أسفله.

و لكنك رغم ذلك ستجد في نهاية الأمر أن الأغلبية تروج لفكرة أن ما تقوم به ما هو إلا تجسيدٌ عملي لفكرة حرية الاختيار!!..أي أنهم يطلبون منا أن نفخر بأن العبيد في اليمن يملكون ترف اختيار سادتهم!!..و ياله من ترف!!..لست بالإنسانة الفاضلة و لعلي أبعد البشر عن تلك الصفة..و لكني في ذات الوقت أحاول قدر الإمكان الاحتفاظ بالحد الأدنى من احترامي للروح التي تسكنني مُرغمة..لا أفعل ذلك من أجل الآخرين و لكن لأني أؤمن أني لو فقدت بقايا الاحترام تلك فقد أغفو فوق كنبتي يوماً و أسقط منها دون أن أستيقظ..و أنا أخشى السقوط كثيراً ربما أكثر من خوفي من المرتفعات التي قد تؤدي إليه..و كيف سأظل على كنبتي دون السقوط منها أن رأيت يوماً أن اللصوص و تجار الدين هم أنسب القادة لهذا البلد!!.

لهذا و بعد ما حدث في الأسبوع المنصرم من استيلاء على العاصمة اليمنية في أقل من نصف يوم لم أعد أثق إلا بأمرٍ واحدٍ و حسب و هو أن التصاقي بكنبتي نعمة لن أدرك حجمها مهما تمعنت و تفكرت فيها..قد تجد الأغلبية أن الجالسين على الكنبة ما هم إلا مجموعةٌ من السلبيين و ربما الجبناء كذلك و الذين لا يملكون شجاعة الاختيار..و لكن الجلوس على الكنبة ليس بالأمر السهل كما يعتقد هؤلاء بل و يحتاج إلا شجاعة شبه أسطورية..فبالنظر حولنا سنكتشف أن الأغلبية تميل أن تكون من ضمن قطيعٍ يسير في اتجاهٍ واحد..حتى و لو كان هذا القطيع يسير نحو الذبح لأقل ما بقي لديه ليملكه ألا و هو احترامه لذاته فلا بأس..فمنطق الجماعة لا يُخطئ على الأغلب و عبارة "الشاة السوداء" تحمل صداً غير محبب في نفوسنا.

هكذا سنجد أن أغلبية "الناشطين" اليمنيين اختاروا ببساطة -و قطعانهم من خلفهم- أن يلعبوا دور العاهرة و لكن دون أي أجر..و ما مدحهم المبتذل لتلك الرموز السياسية أو الدينية "العظيمة" إلا كالمديح الذي ستمطر به العاهرة زبونها الذي يبلغ من العمر عتيا لتقنعه أنه كان أفضل من أنهك جسدها فقط ليعود إليها دوماً ملقياً إليها بالفتات..فلماذا أُلقي بنفسي بين دهاليز هذا الماخور النفسي!!..فليست الكنبة بالخيار السيء إلى هذا الحد على الإطلاق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأهلي هياخد 4 ملايين دولار.. الناقد الرياضي محمد أبو علي: م


.. كلمة أخيرة -الناقد الرياضي محمد أبو علي:جمهور الأهلي فضل 9سا




.. فيلم السرب لأحمد السقا يحصد 34.5 مليون جنيه إيرادات


.. … • مونت كارلو الدولية / MCD جوائز مهرجان كان السينمائي 2024




.. … • مونت كارلو الدولية / MCD الفيلم السعودي -نورة- يفوز بتنو