الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منتدى الأتاسي -مرآة المعارضة السورية-

سحر حويجة

2005 / 8 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


ما أن أعلن الرئيس بشار الأسد، عن حق الرأي الآخر، حتى سارع الرأي الآخر إلى فتح المنتديات، التي امتدت على مساحة الوطن، عبرت عن رؤى واتجاهات مختلفة، بعضها وليد المرحلة الجديدة، و بعضها الآخر يتمتع بالقدم، وكان منتدى الأتاسي أحدها، يعبر عن حركة الاتحاد الاشتراكي، ومن وراءه التجمع الديمقراطي، إلا إن هذه الحركة على ما يبدو، ذهبت أبعد بكثير من توقعات النظام، وقبل أن تخرج عن السيطرة وتتبلور في اتجاهات سياسية وأحزاب، وتصبح طرفاً مهماً، ضاغطاً، في المعادلة السياسية السورية، تم خنقها في المهد، عبر إعطاء أمر إيقاف نشاطها، واعتقال الرموز العصاة، ولكن تم استثناء منتدى الأتاسي، خلافاً لغيره من المنتديات، هذا ما أثار جدلاً في ذلك الوقت، ولعل أهم الأسباب التي قضت باستمراره، إن منتدى الأتاسي يعبر عن اتجاه سياسي، الاتحاد الاشتراكي، أحد قوى التجمع الديمقراطي، لم يتعرض لحملات تصفية سياسية، واعتقال، في أحلك الفترات التي عاشتها سوريا، على الرغم من تحجيم دوره السياسي وفعاليته، اعترف النظام السوري به كطرف في المعارضة السورية، عبر فتح الحوار معه، ليكون صلة وصل، ما بين النظام والتجمع الديمقراطي المعارض، وبهدف تعزيز زعامة الحزب للتجمع، وبالتالي منتدى الأتاسي والاتحاد الاشتراكي غير مستعدين للتصعيد، هذا كان وراء استمرار نشاط منتدى الأتاسي، حيث عبّر النظام عن موقفه الانتقائي من المعارضة ، في الوقت نفسه الذي عبر فيه عن ضرورة وجود معارضة، ضرورة تتطلبها، مقتضيات المرحلة، والعصر، خارج عن رغبة النظام وإرادته، لكن بشرط أن يتم إضعافها ومحاصرتها، وتفتيتها، حيث تبقى في حدود القشرة، تزين سلطة الإستبداد، لأن هذا يفيد النظام نفسه، فمن جهة ، يشكل وجودها المحدود أحد مظاهر الديمقراطية، ومن جهة أخرى يساعد استمرارها النظام، على إلقاء التهم جزافاً على رموز باقي المنتديات، على أنها تجاوزت الحدود، وخرقت الدستور، وحتى أنها تساند الإرهاب، وبذلك تحميلها مسؤولية ما آلت إليه الأمور، الخ… في الوقت نفسه يشكل درساً للمنتدى ليأخذ العبر من تجربة الآخرين.
مع بداية مرحلة الارتداد هذه، تنامى دور منتدى الأتاسي، فهو المساحة التي حشدت المعارضة ، فيه قدراتها، من أجل التعبير عن استنكارها، ورفضها، لما بدا تحولاً في موقف النظام، من مسألة الحريات، وكانت النتيجة اعتقال ثلاثة من رموز المعارضة، بسبب تصريحاتهم في المنتدى، بعد هذه الاعتقالات، تشكلت مرحلة جديدة في حياة المعارضة، وحياة منتدى الأتاسي، تميزت بإرباك المعارضة، وخفض سقف نشاطها، تزامن ذلك مع استعداد الحلف الأمريكي، لشن الحرب على العراق، حيث استغرق الحدث، جهد المعارضة، سواء من خلال المحاضرات التي تلقى في المنتدى، أو من خلال ، دعوات الاحتجاج، والاعتصام، حيث كان أغلبها موجه ضد السياسة الأمريكية، وبدون إعطاء وجه خاص للمعارضة، إلا من خلال الأعلام والصور التي ترفعها، وظهرت المعارضة بدور داعم للنظام في مواجهة الضغوط التي يتعرض لها، بعد أشهر ظهرت بوادر أزمة في حياة المنتدى، سواء من حيث الحضور، أو المشاركة، إلى أن بادرت الإدارة، بخطوة من أجل الالتفاف على الأزمة، حيث أعلنت توسيع إدارة المنتدى، وأدخلت رموز معروفة، تمثل أغلب الاتجاهات السياسية، في إدارة المنتدى، ساهم ذلك في إغناء عمل منتدى الأتاسي ، باتجاه أفضل، فأصبح فسحة هامة، للقاء المعارضة، ليس من أجل الحوار فحسب، بل من أجل، التنسيق، و النشاط الميداني، الذي تجلى بالاعتصامات، والاحتجاجات، والتوقيعات، من أجل الحريات، والحقوق الديمقراطية، ترافق ذلك مع الإفراج عن أعداد من المعتقلين، ومع الضغوط الخارجية، من أجل الديمقراطية في سوريا، إضافة إلى حركة الأكراد السوريين، فزاد وزن المعارضة، وعادت إمكانية تفعيل نشاطها، وتوسيعه قائمة، ولكن أي نشاط، كان يتم محاصرته فوراً، وهذا ما يؤكد حقيقة أن النظام يسمح للمعارضة بالنشاط، والفعل، فقط عندما يستطيع توظيف هذه المعارضة لمصلحته، كما في موقف المعارضة من أمريكا، وأي فعل أو نشاط للمعارضة، يهدف إلى تعزيز دور المعارضة، بهدف تحقيق مطالب يجب انتزاعها من النظام، تواجه بالمنع، والقمع .
ثم جاءت تصريحات النظام إن الإصلاح قادم، مع المؤتمر الثامن لحزب البعث، استعدت المعارضة السورية، لأخذ دورها في عملية الإصلاح المرتقب، ومناقشة آفاقه، ولكن السلطة كانت لها في المرصاد، في خطوة غير متوقعة، تم إصدار قرار أمني بإيقاف نشاط منتدى الأتاسي، سبق ذلك اعتقال "محمد العبد الله " ثم إدارة المنتدى، على خلفية إعطاء ، المجال لكل القوى السياسية السورية بالتعبير عن آرائهم، بما ينسجم مع توجهات المنتدى، من أجل تفعيل القيم الديمقراطية، ولكن للنظام رؤية مختلفة، تقوم على إن المنتدى تجاوز الخط الأحمر المسموح به، وإن هذا المنتدى منحة، ولم يكن مكسب للمعارضة، وفي أي لحظة يستطيع النظام سحب هذه المنحة، إذا تم إساءة استخدامها، وكان هذا الموقف رسالة عبرت بوضوح، إن الإصلاح المرتقب ليس تلبية لرغبات، وتوجهات المعارضة، بل هي حاجة للنظام، وتلبية لمتطلبات خارجية، فالإصلاح محدود، بما تمليه مصالح النظام نفسه، ولا يوجد في سوريا معارضة، خارج الخط المرسوم سلفاً، وهكذا حاول النظام، ضرب عصفورين بحجر، فمن جهة الإخوان المسلمين، لا مكان لهم في سورية، ولا يقبل النظام أن يغير رأيه بهم، مهما غيروا هم بأنفسهم، بل أكثر من ذلك كل من يعترف بهم، فهو مدان، و يعتقل، ويحاكم، و هكذا يحاول النظام فرض مفهومه الخاص، حول الحرية والديمقراطية على الجميع، فماذا يضير النظام السوري، إذا اعترف الآخرون بالإخوان المسلمين، طالما هو لا يعترف بهم؟ فهو من يسيطر على السلطة والقانون، أما منع الآخرين عن قول رأيهم، فهذا ليس إلا وجه من وجوه القمع، والديكتاتورية، إن ما جرى ويجري يدين السلطة السورية باعتبارها عصية عن التغيير باتجاه ديمقراطي ، لأنه يتناقض مع طبيعتها وبنيتها ومصالحها، ولكن في نفس الوقت، يجب الإشارة إلى أخطاء المعارضة، خلال السنوات الخمس الأخيرة، وسأتناول هنا مسألتين ، لصلتهما بالموضوع " الحوار مع السلطة"، "والنضال السلمي"، فقدت بينت التجربة، على أنهما اجتهادين خاصين بالمعارضة السورية، فحول القضية الأولى، سواء كان المرء مع الحوار أم لا، فإن المسألة الأساسية مع من نتحاور؟ فمن أجل الحوار في سبيل تعزيز الديمقراطية، كان يجب التركيز أن لا يتم قبول الحوار، إلا مع لجان سياسية مشكلة من المؤسسات السياسية للنظام، سواء من الجبهة، أو مجلس الشعب ، أما أن نتوجه بالحوار السياسي مع أجهزة أمنية، يعبر ذلك عن قصر نظر المعارضة، فإذا كان الحوار مع رموز أمنية هو تعبير، ودليل آخر، على عدم فعالية المؤسسات السياسية للنظام، فمهمة المعارضة إحياء هذه المؤسسات، كجزء من إحياء الديمقراطية بشكل عام، لأن العملية الديمقراطية تتناسب عكساً مع هيمنة الأمن، على القرار السياسي، فكلما تدخل الأمن في السياسة، وزادت سيطرته على المؤسسات السياسية، تم خفض السياسة من المجتمع، أو إلغائها حسب درجة وقوة تدخل هذه السلطة الأمنية، وهكذا أصبح هذا الحوار ورقة إضافية في يد السلطة، فهو حوار عقيم من جهة، لأن آخر فئة في المجتمع تفكر بالديمقراطية هي الأجهزة الأمنية، فهو ليس حوار، بل شكل من أشكال التحقيق ، وقد ساعد هذا الحوار الأجهزة الأمنية، على القيام بدورها، من خلال معرفة مطالب المعارضة، ومعرفة حدود معارضتهم، ومعرفة نقاط ضعفهم، ونقلها إلى القيادة السياسية، بما ينسجم ومصالح الأجهزة الأمنية، والنتيجة هي تخويف السلطة السياسية من المعارضة . إضافة لتحقيق هدف آخر، هو ضرب المعارضة من الداخل، وتشكيك بعضها ببعضها الآخر، وبالتالي زيادة في الشرذمة والضعف ناهيك عن الإساءة.
أما النضال السلمي، فهو الآخر مبدأ ديمقراطي وفرضه قضية هامة، ولكن تم ترجمته من قبل المعارضة السورية، أن تحمي نفسها من الضرب، والاعتقال، وبذلك منع أي شكل من أشكال المواجهة، أثناء الاحتجاج، حتى لا يتحول إلى نضال غير سلمي، يمكن القول إن المعارضة، العلنية، الناشطة في سورية، (نستثني الإخوان المسلمين) هي معارضة سلمية، كونها لم تستخدم العنف يوماً، ولم تبرره، حتى في المراحل التي كانت تتعرض به لحملات تصفية، واعتقالات واسعة، أما العنف الذي يستخدمه النظام، ضدها عبر الاعتقال والضرب، فهي إدانة للنظام، وليست سبباً للاستسلام، والتراخي في المواجهة، من أجل حقوق المعارضة في الاحتجاج، والتظاهر ، ولو كان نتيجتها الضرب أو الاعتقال. إن انتزاع مكاسب يفرض اتباع وسائل جديدة، في الرد على مواقف النظام، وليس التأمل، و انتظار وعود، فما زالت المشاركة سواء بالاعتصامات، أو في الاحتجاجات، هي مسألة شخصية، وليست واجب سياسي، وبعضها يتخذ طابع تسجيل مواقف، هذا ما يدل عليه حجم المشاركين، حيث لم يتم إحراج القوى، التي ترفع شعارات الحرية والديمقراطية، في مقدمة بياناتها، ودفعها إلى المشاركة، ولم تتخذ وسائل حشد، وتعبئة تعبر عن وزن المعارضة، حتى بعض النشاطات، التي درجت أيام العمل السري، منها توزيع المناشير، على أوسع مدى ممكن، نرى أنه في ظل العمل العلني، يتم حصر توزيع المنشور، بين الأعضاء والمقربين.
سحر حويجة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا