الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الورقة اليمنية وورقة -داعش-، والمتغيرات المتوقعة بسببهما في المنطقة

ميشيل حنا الحاج

2014 / 9 / 28
مواضيع وابحاث سياسية



الورقة اليمنية وورقة "داعش"، والمتغيرات المتوقعة بسببهما في المنطقة

في آذار من هذا العام، فجرت الأزمة الأوكرانية كورقة ضاغطة على "روسيا الاتحادية"، في محاولة من "أميركا" والدول الأوروبية، لتشتيت الاهتمام الروسي الكبير بالأزمة السورية التي ظهرت للوجود منذ شهر آذار أيضا، ولكن عام 2011. فالاهتمام الروسي بالقضية السورية، ومساعي الثعلب "بوتين" الواضحة لحماية "سوريا" من الوقوع في براثن الذئب الأميركي حماية لسوريا، ولمصالحه فيها، خصوصا وأنه يرتبط منذ سنوات بعلاقات وثيقة معها، كان الهدف من التحرك الغربي المفاجىء في "أوكرانيا".
ففي محاولة لايجاد مصدر للقلق الروسي يلهيه عن الاهتمام المركز بالقضية السورية، فجرت له الأزمة الأوكرانية، فأبعد رئيسها الصديق لروسيا عن كرسي الرئاسة، وقلبت كل الموازين في "أوكرانيا". ولكن السحر انقلب على الساحر، فلجأت "روسيا" الى الهجوم عوضا عن الاكتفاء بالدفاع، فاستعادت "جزيرة القرم"، وأشعلت "شرق أوكرانيا" الذي كان معظم سكانه من الروس، أو من الناطقين بالروسية، مما اضطر الحكومة الأوكرانية الى الموافقة على منح شرق أوكرانيا حكما ذاتيا، قد يكون خطوة تمهيدية نحو انسلاخه نهائيا عن "أوكرانيا".
وفي الوقت الذي تبدل فيه الموقف في "اوكرانيا" لصالح "الاتحاد الروسي"، كان الموقف في "سوريا" والمنطقة العربية، يتبدل تدريجيا أيضا نحو رجحان الكفة السورية، واندحار أو تراجع كفة حلفاء أميركا في المنطقة، الذين قاتل رجالهم الجيش السوري لأكثر من ثلاث سنوات دون جدوى.
ثم وقع تطوران هامان في المنطقة، أولهما اشتداد قوة "داعش"، وتهديدها لدول المنطقة ابتداء ب"العراق وسوريا"، مع تبلور همجية واضحة في سلوكها، اضطر حتى من كانوا حلفاء لها ك"قطر" و"الولايات المتحدة"، واللذين قدما الدعم لها لمقاتلة الجيش السوري، الى استنكار سلوكها والدخول (أميركا على الأقل) في مواجهة معها. وثانيهما، وهو التطور الأهم، كان في "اليمن" السعيد، والتحول السريع الذي جرى فيه في الأيام الأخيرة.
فبعد أن تدخلت "السعودية" لوضع حد للاضطراب في "اليمن" عن طريق ابعاد "علي عبد الله صالح" عن كرسي الرئاسة، ووضع "منصور هادي" (نائبه) في موقعه، بغية انهاء حالة الاضطراب في البلد المجاور للسعودية خشية انتقاله الى أراضيها، فوجئت بعجز الرئيس "هادي" عن السيطرة على الأوضاع، وبظهور "الحوثيين" المتحالفين مع "ايران" (المتحالفة مع سوريا)، كقوة رئيسية استطاعت خلال أيام قليلة، من السيطرة على العاصمة "صنعاء" ومواقع أخرى في "اليمن"، فظهرت بكونها القوة الأكثر قدرة على التأثير في زمام الأمور. وهذا التطور المفاجىء، لم يخلط الأوراق بالنسبة لليمن فحسب، بل بالنسبة للسعودية أيضا، وبالنسبة لدول الخليج كافة، مما سيؤثر في المدى البعيد أو القريب، على مجريات الأمور في "سوريا".
فدول الخليج ابتداء بمحور "السعودية وقطر"، والذي تطور فيما بعد الى محور "السعودية والامارات"، وقاد الحرب ضد الحكومة السورية على مدى ثلاث سنوات ونصف في مسعى لقلبها، وذلك عن طريق ارسال الرجال والمتطوعين اضافة الى التمويل والتسليح، قد يجد نفسه الآن منشغلا، ولو بعض الشيء، عن متابعة القضية السورية التي شكلت طوال الأعوام الماضية مركز اهتمامه، بالهم اليمني الذي قد يشكل تدريجيا خطرا عليه في عقر داره. فالخليج الآن قد بات بين فكي كماشة أحداهما شرقا هي "ايران"، وثانيهما غربا وجنوبا، هي "اليمن" المتحول تدريجيا نحو التحالف مع "ايران"، مما يجعل الاهتمام بحماية الخليج وحكوماته، أكثر أهمية وضرورة من اسقاط الحكومة السورية البعيدة عنهم ولا تشكل تهديدا مباشرا لهم, رغم اعتراضهم على سياستها الممانعة للحل العشوائي للقضية الفلسطينية، والذي يبدو أن دول الخليج اجمالا، قد باتت متعطشة لايجاد حلول ل تلك القضية بأي ثمن، خوفا منهم من تأثير بقائها مشتعلة على مستقبل أنظمتهم القائمة.
ولكن الخطر الداهم القادم من "اليمن" بشكل مباشر، ومن ايران بشكل غير مباشر، قد بدل الأمور بشكل واضح، وسوف يضطرهم، عاجلا أو آجلا، للتخفيف من اندفاعهم وانغماسهم في الوضع السوري، الذي بات يتأكد لهم تدريجيا أنه مستنقع سيطول اشتعاله، ولا تبدو في الأفق نهاية قريبة له، خصوصا مع بقاء الدعم الروسي والايراني، اضافة الى دعم حزب الله اللبناني، قائما للصديقة "سوريا".
فصور الرئيس "بشار الأسد" الذي أرادوا اسقاطه، قد رفعت الآن في "اليمن" على مقربة من الحدود السعودية. وفي هذا ما فيه من تهديد لهم، يقترن بتهديد قوة "داعش" المتنامية، والتي باتت تهددهم، وهي القوة التي كانت من افرازات الحرب التي أشعلوها هم في سوريا، واكتسبت قوة كبيرة (كما سبق وذكرنا) نتيجة تقديمهم الدعم لها، وخصوصا الدعم القطري، بغية مساعدتهم في مقاتلة الجيش السوري كخطوة نحو اسقاط الرئيس "بشار" الذي لم يسقط، ولا توجد مؤشرات على احتمال سقوطه.
هناك مثل يقول "على الباغي تدور الدوائر"، ويبدو أن هذا ما يحدث الآن سواء على الصعيد الأميركي، أو الأوروبي، أو الخليجي، بل والتركي أيضا.
فعلى صعيد الأزمة في "أوكرانيا"، يبدو بأن الأمور بدأت تتجه في اتجاه معاكس, ولو عادت "اوكرانيا" بتشجيع من "أميركا" والدول الأوروبية الى التشدد مجددا، فان الرد الروسي القادم سوف يكون مع بداية فصل الشتاء المثلج والبارد، وذلك بحجب الغاز الروسي المتوقع عن "أوروبا" وخصوصا عن "المانيا".
وعلى صعيد الأزمة في سوريا، فان بعض الدلائل أخذت تشير بأن المصاعب التي أثيرت لسوريا، والتي نفذها بعض الدول الخليجية لحساب "الولايات المتحدة"، بدأت تنتقل الى دول في الجوار الخليجي، مما يعني أن أنظمتها قد تضطر قريبا الى الانتقال من مرحلة الهجوم على "سوريا"، الى مرحلة الدفاع عن نفسها والمحافظة على أنظمتها.
أما "الولايات المتحدة" والدول الأوروبية، فقد وجدت نفسها الآن مضطرة للتدخل في تلك الحرب السورية ولو بشكل غير مباشر، عن طريق قصف مواقع "داعش" جوا سواء في"سوريا" أو في "العراق"، مما يعني قصف الربيبة التي كانت من افرازات ونتاج تلك الحرب التي خططوا هم لها بغباء، وبدون الامعان في تقييم عواقب الأمور. فاستقدام المقاتلين الأجانب لمقاتلة النظام السوري، دعما ل"لجيش السوري الحر" والمجموعات المنتمية "للجبهة الاسلامية"، اضافة الى مشاركة البعض من مواطني الدول الغربية في ذاك القتال، أدى الى استقواء المجموعات المنتمية الى "داعش"، وبالتالي الى جنوحها للاستقلال عن "القاعدة" و"النصرة" و"الجبهة الاسلامية"، وشجعها على سلوك نهج همجي لم يعد مقبولا حتى من أولئك الذين مولوها وسلحوها في بداية الأمر، على أمل أن تكون عونا لهم في اسقاط النظام السوري، واذا بها تصبح عبئا عليهم وعلى كل المفاهيم الحضارية التي كان الغرب ينادي بها، مما اضطرهم في نهاية الأمر للدخول، ولو جوا فحسب حتى الآن، في مجابهة معهم على الأراضي العراقية والسورية. وقد تسوء الأمور أكثر وأكثر، اذا بدأ المقاتلون القادمون من "أوروبا" و"استراليا" و"أميركا"، بالعمل ضد مصالح بلادهم، في داخل بلادهم ذاتها، بعد عودتهم اليها، وهو الخطر الذي يبدو أنه قادم لا محالة بعد زمن قريب او غير بعيد.
أما "تركيا" التي فتحت حدودها مسهلة دخول المقاتلين والسلاح والتمويل عبر أراضيها، على أمل تحقيق رؤية "أردوغان" غير الواقعية، باضعاف "سوريا" و"العراق"، تمهيدا لانعاش احتمالات عودة الامبرالطورية العثمانية، فقد بدأت (أي تركيا) تشعر بالخطأ الذي ارتكبته، خصوصا بعد سيطرة "داعش" على المناطق الكردية الواقعة على حدودها، ومحاصرتها لمدينة "كوباني" (عين العرب) ذات الأكثرية الكردية، مما استفز مشاعر أكراد "تركيا" ليهبوا دفاعا عن اخوتهم وعن تلك المدينة، مصرين على عبور الحدود التركية رغم الممانعة التركية الرسمية لذلك، بغية مشاركة أكراد سوريا في الدفاع عن مدينة "كوباني" وباقي المناطق السورية ذات الأكثرية الكردية من السكان. فهؤلاء، عاجلا أو آجلا، من المتوقع أن يعودوا الى بلادهم، كما سيعود مواطنو "اوروبا واميركا واستراليا" الى بلادهم، ويثيرون عندئذ المتاعب للحكومة التركية التي اعتقدت أنها قد حجمت التحرك الكردي في بلادها، باعتقالها زعيمهم "عبد الله اوجلان".
اذن صدق المثل القائل بأنه "على الباغي تدور الدوائر"، خصوصا ذاك الباغي الذي لا يرى أبعد من أنفه، ويكتفي برؤية ا لأثر المباشر لتحركه الاستراتيجي، ولا يفكر أبدا بالنظر بعيدا وفي عمق التطورات الأخرى المحتملة، أي أنه لا يقرأ "الاستراتيجية في نهاية مطافها"، بل في بداياتها فحسب، وكفاه الله شرا مما يلي بداياتها. و"استراتيجية نهاية المطاف" هو عنوان كتاب تضمن دراسة لي تقع في 700 صفحة، واستغرقتني كتابته ست سنوات، وأشرت الى بعض مضمونه في أكثر من مقال، حاثا المخططين الا ستراتيجيين على عدم الاكتفاء برؤية ا لأثر المباشر فحسب لاستراتيجتهم، وتوقع أثارا أخرى تليه. لكن أحدا لم يلق بالا أو يعطي اهتماما لما أقوله أو أكتبه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدم المنازل الفلسطينية وتوسيع المستوطنات.. استراتيجية إسرائي


.. مجدي شطة وا?غانيه ضمن قاي?مة ا?سوء فيديو كليبات ????




.. قتلى واقتحام للبرلمان.. ما أسباب الغضب والاحتجاجات في كينيا؟


.. الجنائية الدولية تدين إسلامياً متشدداً بارتكاب فظائع في تمبك




.. فرنسا.. أتال لبارديلا حول مزدوجي الجنسية: -أنت تقول نعم لتما